خطيبتي: مشاعر من جليد ولسان من نار

خطيبتي: مشاعر من جليد ولسان من نار

«رامز» يسأل: إخوتي في الله، إني أعاني من مشكلة، وعندما وجدت موقعكم أحسست أنه من تسخير الله ﷻ؛ فأنا شاب أبلغ من العمر 26 عاما، ومن بلد خليجي، ومن أسرة محافظة، وقد قمت بخطبة فتاة من بلد عربي، لكنها مقيمة مع عائلتها في بلدي منذ 20 سنة، هي عمرها.

تمت الخطبة منذ سنة ونصف، وكنت أزورها في العطلات؛ حيث إني أدرس بالجامعة في مدينة أخرى، وكانت الزيارات مع المكالمات الهاتفية كافية لأن تعطيني صورة عامة عن زوجة المستقبل، فآراؤنا في الغالب متوافقة؛ سواء كانت على الصعيد الديني أو الاجتماعي، وقد أغرمت بها بعد مدة بسيطة، وكانت مكالماتي معها عامة، وكنت في بعض الأحيان أعبر لها عن مشاعري نحوها.

أما لقاءاتنا فكانت في الأغلب في وجود والدتينا، وكنت أحس بحبها لي رغم عدم تصريحها بذلك، فأعزو هذا إلى أنني لم أعقد عليها بعد، والصورة التي تكونت لدي عنها أنها فتاه تخاف الله، محافظة، حساسة، عصبية المزاج جدا، وهذه هي المعضلة، ولكني لم أواجه مشكلة معها في ذلك الوقت، فظننت أن مكانتي عندها هي السبب في ذلك، كما أنها متعلقة جدا بصديقاتها، وهذا طبيعي إلى حد ما.

والحمد لله، تم عقد قراننا منذ شهرين، وأصبحت أكيل لها كل ما يتعلق بالعشق والعشاق من كلمات حب وغزل… إلخ. ولكن دون مبالغة؛ فهي لم تنبس ببنت شفة أكثر من أن تقول لي: “وأنا كذلك”، بعد أن أقول لها: “أحبك”، ثم بدأت الأمور تسوء بالنسبة لي؛ فهي إذا غضبت -وما أكثر ذلك- تصب جام غضبها عليّ، وتسيء إليّ.

أحاول أن أهدئها، فأخبرها أنه يجب أن تفهم أني لها ومعها، وأنه يجب عليها أن تُفضِي إليّ بهمومها وآلامها بدلا من أن تعاملني هكذا، وأود أن ألخص محاور هذه المشكلة في نقاط، ابتداءً بالأقدم فالأحدث، وهي:

  • عدم أو ضعف التجاوب معي في كلمات الحب والغرام.
  • قالت لي ذات مرة: إنها تحس بأني أحبها أكثر مما تحبني هي، وهذا يؤلمها، كما يؤلمها عدم قدرتها على التعبير عن مشاعرها، ولكني أتفهم هذه النقطة.
  • المقام الأول هو لصديقاتها، حتى إنها في يوم سفرها إلى بلدها للإجازة الصيفية- ومدتها شهران- طلبت مني عدم القدوم لتوديعها؛ لأنها ذاهبة لتوديع صديقاتها، وإذا- أكرر- وإذا كان هناك متسع من الوقت فمسموح لي حينها بالقدوم، رغم أنها في إحدى المرات بكت عندما أخبرتها بأني لن أذهب لزيارتها في الإجازة.
  • عدم اقتناعها بأن ما تفعله خطأ؛ حتى بعد تدخل والديها وأختها ووالدتي.
  • الكلمات الغليظة والفظّة التي تتفوه بها، خصوصا عندما تغضب.

وأمام كل هذا، ما كان مني- منذ أسبوع- إلا أن قلت لها: إني لم أعد أهتم بتقوية علاقتنا، وأخبرتها أنها المسؤولة عن قوة أو ضعف هذه العلاقة، كما أخبرتها أن مكانتها عندي ليست كما كانت، وأن مشاعري نحوها قد أضحت أقل مما تكنه هي لي من مشاعر بكثير.

إخوتي، أنا الآن أود أن أعرف: ما السبل التي من الممكن أن تجعل فتاتي تكون كسائر البنات اللاتي يعشقن؟ وأرجو أن لا تبخلوا عليّ بأي نصيحة أو توجيه.

الإجابـة

ونحن نختار للارتباط نتخيل أننا سنجد في الفتاة التي نرتبط بها كل ما نحبه وكل ما نريده، والحقيقة على غير ذلك؛ حيث نجد معظم ما نريده، ولكن مع وجود سلبيات ونقص يجب أن نتفهمه ونتعامل معه، أو نرى أن هناك صفة سلبية بعينها لا نستطيع التكيف أو التعامل معها، وهنا نقول أو نحسم بأننا لا نستطيع الاستمرار.

والقضية تتمثل في النظرة الشاملة عند الاختيار؛ حيث نضع كل الاعتبارات أمامنا، ثم نختار ونقرر.. وربما لو راجعت إجاباتنا السابقة في كيفية الاختيار والموازنة بين جناحي العقل والعاطفة لكانت الصورة أكثر وضوحًا. ومن هذه الإجابات :

  • ↵ زواج تقليدي: هل يكفي لقاء واحد لاختيار شريكة الحياة؟
  • ↵ الجمال أم الصفات الجيدة: أيهما أهم في اختيار شريك الحياة؟

باختصار: إن السؤال عن كيفية تغيير شريك الحياة من أجل أن تكون فيه كل الأوصاف والإيجابيات قد يبدو سؤالاً مشروعًا، ولكن قد تكون الإجابة عليه أننا قد نضطر للقبول به كما هو؛ لأنه في غالب الأحيان ربما لن يتغير.

إن السؤال الأهم بالنسبة لك هو: هل أستطيع تحمل هذا الشريك وصفاته؛ سواء من الجفاف العاطفي، أو الارتباط الأكبر بالصديقات، أو العصبية الشديدة التي تصل إلى حد التلفظ بالألفاظ النابية ؟

لا يعني ذلك أننا نقول: إنه لا أمل في التغيير، ولكنه قد يكون تغييرا محدودا، وقد يكون في بعض الصفات أو أجزاء منها، لكن ليس شرطًا أن تتحول إلى عاشقة ولهانة كما تتصور؛ لأنه ربما تكون هذه الصفة هي الأصعب في التغيير؛ حيث إن العاطفية والقدرة على التعبير عنها هي نتاج سنوات من التربية والتفاعل، والطبيعة الشخصية التي تؤدي إلى خروج الإنسان بهذه الصفة.

وربما يتغير الاهتمام بالصديقات بعد الزواج مع وجودك الأكثر حضورا في حياتها، وتحول اهتماماتها لتصبح نحو منزلها ونحوك ونحو الأولاد، وربما مع نضجها السني تهدأ بردود أفعالها، وقد لا تهدأ.

ما نود قوله: إنك في النهاية يجب أن توطِّن نفسك على قدر من النقص في فتاتك.. يكون السؤال: ما هذا النقص؟ وهل أستطيع تحمله؟ هذا ما يجب أن تكون واضحًا مع نفسك فيه، ولكن لا يمكن أن تتغير فتاة تعبر عن عواطفها بصعوبة إلى فتاة عاشقة؛ فهل يمكنك تحمل ذلك؟

إن مواجهة الفتاة والضغط عليها ربما سيجعلها تتغير بعض الشيء أو تحاول ذلك، لكنها لن تكون الصورة التي ترسمها في خيالك، ستكون صورة واقعية تقبلها؛ لأن بها صفات أخرى تحبها، ولأنك تشعر بعاطفة نحوها، ولأن جناحي العقل والعاطفة قد اتزنا داخلك.

⇐ طالع أيضًا بعض الاستشارات السابقة:

⇐ أجابها: عمرو أبو خليل

أضف تعليق

error: