زواج تقليدي: هل يكفي لقاء واحد لاختيار شريكة الحياة؟

زواج تقليدي: هل يكفي لقاء واحد لاختيار شريكة الحياة؟

«احمد» يسأل: مشكلتي ليست بمشكلة بالمعنى العام، ولكنني أحببت أن آخذ رأيكم فيما أنا مقدم عليه، أنا شاب أبلغ من العمر 24 عامًا، أكملت دراسة الهندسة بتفوق من بلدي، وخلال فترة دراستي الجامعية ذات السنوات الخمسة لم يكن لدي علاقات تذكر مع زميلات الدراسة، وقد شغلني عن ذلك تفرغي للدراسة، كما أنني لم أكن جاهزًا للزواج، أو حتى لم أكن أفكر فيه أصلاً، لذلك لم أحاول توسيع علاقاتي مع من حولي من الفتيات، هكذا حتى تخرجت في الجامعة.

وبعد ذلك سافرت إلى بلاد الخليج طلبًا للرزق، والحمد لله رب العالمين أصبحت أحوالي المالية جيدة، وبدأت عندها أفكِّر بجدية في الارتباط، ولكنني أشعر بأنني كنت مخطئًا؛ لأنني لم أحاول الارتباط عاطفيًّا بفتاة معينة قبل مجيئي إلى الخليج، خصوصًا أنني لا أميل أبدًا للزواج التقليدي، ولكن هكذا جرت الأمور.

وفي أول زيارة لي إلى أهلي بعد الاغتراب، كانت والدتي قد سعت في موضوع زواجي، وفعلاً ذهبت مع أبي وأمي إلى أهل الفتاة وجلست الفتاة مع أهلها، وكنت خَجِلاً جدًّا من الموقف فلم أتمكن إلا من استراق بعض النظرات إليها، وهي لم تكن تعلم بأي شيء؛ إذ إن والدتها طلبت منها الدخول، ثم الجلوس دون أن تخبرها بشيء.. والحمد لله كان هناك ارتياح مبدئي للفتاة، وتمت الموافقة المبدئية من الأهل.

وبعد عودتي ثانية إلى الخليج بدأت أراجع نفسي وأقلب الأمور من كل جوانبها، جناح العقل في هذا الزواج يميل إلى الكمال، ولكن الجانب العاطفي لا أدري عنه أي شيء؛ لذلك أرجع وأقول بيني وبين نفسي مالي ومال الزواج بهذا الأسلوب، ثم أعود لنفسي وأقول ما باليد حيلة؛ فأنا بعيد عن بلدي وسأبقى كذلك لفترة طويلة.. بعد انتهاء الفتاة من امتحاناتها ذهب والدّي إلى أهل الفتاة وخطبها لي رسميًّا.

والعلاقة بين أهلي وأهل الفتاة جيدة، والفتاة أيضًا تحبُّ أهلي، وبناء على هذا الوضع سأذهب في إجازة بعد 3 أسابيع أتعرف فيها على الفتاة وأقترب منها أكثر فأكثر…

لذلك أود استشارتكم هل مقدار ما سأعرفه عن الفتاة في هذه الفترة الضيقة كافٍ لاتخاذ قرار مناسب في الموضوع ؟ وأذكركم بأنني أحسُّ بصعوبة القرار، وأميل إلى زواج على غير هذا النحو والأسلوب. وشكرًا جزيلاً لكم.

الإجابـة

في بعض الأحيان بدلاً من أن نواجه أنفسنا بالأسئلة الحقيقية التي يجب أن نجيب عنها، فإننا نهرب إلى أسئلة فرعية حتى نتوه في إجابات تشتِّتنا؛ لأننا لا نريد أن نواجه الإجابة الحقيقية.

أيها الأخ الكريم، لسنا نحن الذين يجب أن نتذكر أنك لا تميل إلى الزواج بهذه الطريقة، أنت الذي يجب أن تتذكر ذلك؛ لأنك كررته مرتين في رسالتك.. وإذا كنت ترفض الزواج بالطريقة التقليدية؛ فلماذا أقدمت عليه بها؟ هل مجاملة للأب والأم؟ هل خوفًا من إغضابهما؟

إن بيوت الناس ودخولها وجرح مشاعر الفتيات ليس أمرًا بسيطًا أو سهلاً، وإن السؤال الذي يجب أن تواجه نفسك به هو: هل أنا قابل للزواج بهذه الطريقة أم لا؟ إذا كان لا؛ فلا مجال للمجاملة أو المحاولة، وابحثْ عن الطريق الذي يرضيك، والذي يناسب ظروفك، أما القفز على الأسئلة وعلى المواقف، وسؤالك عما إذا كانت الفترة القصيرة تكفي للتعرف على الفتاة وتكوين عاطفة نحوها، لا تصلح الإجابة عنه إلا بعد حسم الإجابة بأنك موافق أصلاً على هذه الطريقة أم لا.

إنه سؤال فرعى تهرب به من مواجهة السؤال الأصلي؛ فأنت إذا وافقت على الطريقة فكل وقت يكفي، ومن أراد أن ينجز شيئًا ويحققه فسيحققه، ولكن بشرط أن يدرك ماذا يريد..

لا تجامل أباك أو أمك على حساب بنات الناس، وإذا كنت رافضًا للطريقة فلا تعذِّب الفتاة معك، واعلمْ أن رفضك للمبدأ سيجعل أعوامًا طويلة لا تكفي لتعرفك واقتناعك بالفتاة، أما اقتناعك بالمبدأ فسيجعل أيامًا قليلة تكفي، هذه هي المشكلة الحقيقية.. فإذا لم يعجبك المبدأ فابْعَث إلى أهلك معتذرًا، واجعلهم يعتذرون لأهل الفتاة بدلاً من جرحها وتعذيبها، فهذه المواقف تؤثر في البنات تأثيرًا بالغًا لرقة مشاعرهنَّ، فلتحسم الموقف الآن، ولا تتردد، ولكن لتكُنْ إجابتك عن السؤال الأصلي، لا الفرعي.

⇐ وللمزيد.. يمكنك مراجعة استشارات سابقة:

⇐ أجابها: عمرو أبو خليل

أضف تعليق

error: