حب قريب: هل أضحي بمستقبلي أم أحارب مشاعري؟

حب قريب: هل أضحي بمستقبلي أم أحارب مشاعري؟

«احمد» يسأل: أنا طالب مقبل على المرحلة الثانوية، وكما هو معروف فهي مرحلة حاسمة، وفيها يتفتح الشاب عاطفيا، ومشكلتي بالتحديد أنني كنت ممن قدّر عليه أن يحب إحدى قريباته، وكانت بداية هذا الأمر منذ خمس سنوات حيث كنت صغيرا للغاية. ونظرا لصلة القرابة القوية بيني وبينها فإن الحواجز كانت بيننا شبه معدومة، وهو ما زادني تعلقا بها، ولكن نظرا لكون عائلتنا ملتزمة – والحمد لله – فلم يعد بالإمكان أن يستمر اجتماعنا، ونحن لا نسمح بذلك حتى لو أمكن.

ومن هنا بدأت أشعر الحرقة والحزن اليأس، وبدأت حالتي تتدهور ، وبدأت دراستي تتراجع، بعد أن تعودت أن أحصل على الدرجة الأولى بتميز، حاولت أن أبعد هذه الأفكار مرارا، بحثت ونقبت وجربت كل الطرق وعملت بكل أقوال كبار العلماء، لكن من غير جدوى.

وأنا الآن أقف حائرًا، وألمح مستقبلا مظلما إذا استمر بي الحال، لا أدري ماذا أفعل؟ ومما زاد الأمر تعقيدًا أن أهلي وأهلها أصبحوا على علم بأمري، فلجئوا إلى نصحي ووعظي فكنت لا أستطيع لهم سمعا، حتى صلاتي أكاد لا أعلم ما أقول فيها، وفي نهاية المطاف طلبوا إليَّ أن أذهب إلى طبيب نفسي فرفضت.

وقد تشابكت الأمور وكثرت المقولات، وأنا أنتظر انتهاء (مرحلة المراهقة) والتي تُنسب إليها هذه التصرفات، ولكن ماذا يفيدني انتهاؤها بعد أن أكون قد دمرت مستقبلي بيدي؟ أرجوكم إذا كان لديكم أي حل أن تفيدونا به، ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابـة

الأخ المرسل.. أنت تتحدث عن فترة المراهقة وكأن الإنسان ليس مسئولاً عما يفعله فيها وهذا وهم كبير.

نعم قد يُلتمس لك العذر لصغر سنك وقلة خبرتك في هذا الناحية، وعدم وجود إعداد مسبق من قبل الأبوين أو المعنيين بتربيتك عن طبيعة هذه المرحلة، وكيفية التعامل مع هذه المشاعر والتصرف الصحيح والخاطئ فيها وعواقب هذه التصرفات.

ولكنني أعود فأقول بأن أي علاقة حب صادقًا كان أم مزعومًا بين شاب وفتاة ترتكب باسمها الأخطاء، ولا تراعى الحدود والضوابط مصيرها الفشل في معظم الأحيان وأثارها السيئة على الإنسان كبيرة، لا سيما الفتى.

والفتاة تستطيع أن تتعامل مع هذه الإحباطات بصورة أفضل ودون أن يؤثر ذلك على باقي جوانب حياتها، والله سبحانه وتعالى لم ينهنا عن شيء إلا لعلمه بأثره السيئ وأضراره علينا، والعلاج أخي المرسل متروك أولاً إلى الوقت، والوقت عنصر مهم في علاج هذا الأمر ونسيانه.

ثانيًا: أن تغير من نظرتك القاصرة بصفة عامة إلى مسألة العلاقة بين الشاب والفتاة، وأن تنظر إليها من منظور أوسع وأعمق؛ فالله سبحانه وتعالى قد جعل بين الشاب والفتاة تجاذبا فطريا وغريزة هي من أعنف الغرائز، وذلك لهدف واحد هو الارتباط الشرعي وتكوين الأسرة وإنجاب الأبناء والحفاظ على النسل، وبذلك يكون إشباع هذه الغريزة وهذه العواطف ضمن إطار متكامل من رعاية الزوجة والأبناء.

ولعل السبب في انهيار الحياة الاجتماعية في بلاد الغرب وتفكك الأسر أنهم ينظرون إلى هذه الغريزة من منظور ضيق؛ فتعددت علاقات العشق والصداقة غير الشرعية، وأصبح الرجل لا يثق في سلوك زوجته أو أبوته لأبنائه، فكيف يسعى في رعايتهم وتربيتهم إذن؟

وهكذا.. ومن منطلق الاستسلام لهذه الغريزة أصبحنا نرى ملايين الأطفال اللقطاء في بلاد الغرب، يولدون كل عام بلا أب أو أم يسهرون على رعايتهم وتربيتهم.

ثالثًا: أن تعلم أن هناك أهدافا وغايات أخرى في هذه الحياة على الإنسان أن يسعى في تحقيقها كإثبات الذات وتحقيق النفع للناس ونشر دعوة الخير في المجتمع، وأن تعلم أن الوقت شيء غال لا يُقدر بثمن، وما من يوم تطلع شمسه إلا وينادي مناد من قبل الله: يا ابن آدم أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد فاغتنم منى فإني لا أعود إلى يوم القيامة.

وهذا سيجعلك تسعى إلى استثمار وقت الفراغ واستغلاله في الأنشطة النافعة المختلفة الدينية والرياضية والثقافية والاجتماعية، والبعد عن الوحدة التي تجعلك تستسلم لهذه الأفكار وتجد صعوبة في مدافعتها، والالتزام بقدر الإمكان بالصحبة الصالحة، وأن تنخرط فيها حتى تعاونك وتساعدك على نسيان هذا الأمر.

الأخ المرسل، إن الكثير من الشباب يتقمص ما يراه في الأفلام والمسلسلات عن ذلك الشاب المشغول بمحبوبته ليل نهار؛ فهل ترى ذلك أمرًا واقعيًا؟ وهل الحياة قد خلت من جميع المشكلات غير هذا الأمر؟.‍

الأخ المرسل، لمزيد من الإيجاز علاجك يكمن في نقطتين: الوقت والسعي إلى استثمار وقت الفراغ، والبعد عن الوحدة والالتزام بالصحبة الصالحة.

وقد يحتاج الأمر إلى الطبيب النفسي لمعاونتك على نسيان هذا الأمر، ولوصف بعض المهدئات غير القابلة للإدمان، والتي تساعد على التخفيف من حدة هذا التوتر.. ويمكنك اللجوء إلى أسلوب المذاكرة الجماعية مع أحد الشباب المتفوق كعلاج مؤقت لضعف الاستذكار وتابعنا بالرد.

⇐ كما يمكنك مطالعة المزيد؛ هنا:

⇐ أجابها: د. إيهاب خليفة

أضف تعليق

error: