خطوبة من فتاة تعاني من سوء معاملة أهلها: هل أكمل أم أفسخ؟

خطوبة من فتاة تعاني من سوء معاملة أهلها: هل أكمل أم أفسخ؟

«أكرم» يسأل: مشكلتي أنني خطبت منذ 10 شهور، وأنا من أسرة محافظة، وقد تمت الخطبة بطريقة شرعية، أي تم ترشيح بعض الأخوات من قبل الأقارب، ووقع الاختيار قبل سفري بأيام على فتاة لم أكن أعرفها من قبل، ومن محافظة أخرى.

بعدها سافرت مباشرة للخليج، والحق يقال: إن ما رأيته من أهل مخطوبتي هو كل الترحيب والاحترام، ولكن حدثت مفارقات عجيبة بعد سفري، وهي أن مخطوبتي صارت تشكو لي دائما من معاملة أبويها وإخوانها بالتجريح اللفظي، بل وصل الأمر إلى التعدي الجسدي -حسب قولها لي- من جانب والدها، ولدرجة أنني نزلت إجازة طارئة للوقوف على حقيقة الوضع، وبالفعل وجدت بعض التغير من جانب أهلها، ثم سافرت.

ومخطوبتي على الرغم من أنها ملتزمة إلى حد كبير، فإنني لاحظت بعض الحدّة في طباعها، خاصة في تعاملها مع أهلها، ولا أعرف ماذا أفعل، علماً بأنني والحمد لله التزمت بآداب الخطبة الشرعية؛ سواء في جلوسي معها، أو حديثي إليها…

وأنا حاليا تقدمت بطلب إجازة للنزول والزواج إن شاء الله، ولكنني في الوقت نفسه قلق جداً من هذا المستقبل الغامض، فأرجوكم ساعدوني في اتخاذ القرار الصحيح.

الإجابـة

الأخ الكريم، أنت واقع في مشاكل “الزواج الطائر”، وهو النمط الذي يتزوج به المغتربون حين تضطرهم ظروفهم للعيش خارج الوطن، وقد لا يرغبون في الزواج من الأقطار التي يعيشون فيها، وفي الوقت نفسه لا تكون أمامهم الفرصة الحقيقية للاختيار الصحيح والسير بإيقاع متوازن في الإقدام على خطبة أو ارتباط في أوطانهم الأصلية.

أرجو ألا يفهم البعض كلامي على محمل التعميم من أن كل زواج يتم بهذه الطريقة يفشل بالضرورة، فالتعميم في مثل هذه الأمور خاطئ دائما، ولكن هذا النمط من الزواج يبدو محفوفًا بالمخاطر، ولا يكفي فيه ما تقول بأن الخطبة تمت في إطار شرعي، أو أن الترشيح قد تم من قبل بعض الأقارب… إلخ.

فالفرصة تكون ضيقة أمام التعارف واتخاذ القرار، وعلى كل حال فإن هذا قد تم، وربما لن تسمح ظروفك إلا بهذا النمط من الزواج! وهناك علامات استفهام كثيرة في القصة التي ترويها:

فهل بوح الفتاة لك بأوضاعها في أسرتها من عنف جسدي أو تجريح لفظي يعكس ثقة زائدة فيك، رغم أن ما بينكما مجرد خطبة وعدة أيام من اللقاء والتعارف وخطابات متبادلة؟

وما هي أسباب هذا العنف وسوء المعاملة؟ وهل هناك علاقة بين هذا العنف وعلاقتكما؟! وكذا الرسائل المتبادلة بينكما؟!

وما مدى معرفتك بالفتاة وأسرتها أصلا؟! هل أخذت وقتك في السؤال عنهم أو التعرف عليهم، أم أنك اعتمدت فقط على ترشيح الأقارب لضيق الوقت المتاح أمامك؟! وهل الحدة الموجودة في شخصية مخطوبتك مجرد رد فعل على عنف أهلها الذي لم تخبرنا عن أسبابه، أم أنها طابع تتصف به في كل أفعلها؟!

هذه كلها مساحات غموض ينبغي تبديدها قبل اتخاذ أي قرار، والمستقبل غامض؛ لأن معلوماتك عن مخطوبتك وأسرتها شحيحة، وما تراه منهم وعنهم مجرد لقطات محدودة، لاهثة، ناقصة، تراها في إجازة سريعة أو تقرؤها في خطاب ترسله لك مخطوبتك، متضمنا وجهة نظرها هي، وأيضا التغيرات التي تحدث في سلوك أهلها تبدو غامضة الأسباب والملابسات، والأمر كله غموض في غموض.

أخي، تبادُل الرسائل بينك وبين مخطوبتك يجعلك غير موفق، فمن الناحية الشرعية أنت ما تزال أجنبيا عنها، وهى تطلعك على داخليات الأسرة من زاويتها هي؛ ولذلك فما يصلك من معلومات يكون متحيزًا ومصبوغًا بلونها ومشاعرها، التي تضغط بها عليك لتسرع بالزواج، وقد لا يكون هذا هو هدفها المباشر الواعي، فربما تكتب لك لمجرد التنفيس عن همومها! والشفقة جميلة، ليست كافية ولا صالحة لأن تكون أساسًا لأسرة مستقرة.

ننصحك بالمزيد من التريث واستثمار الإجازة القادمة في التعرف على أبعاد الأمور الغامضة، ويمكنك طلب مساعدة أخواتك البنات- إن كان لديك أخوات- أو بعض النساء الحكيمات القريبات اللائي قمن بترشيح مخطوبتك -كما ذكرت- بشرط الأمانة والبعد عن الانطباعات الساذجة والشائعات العابرة.

أنت تحتاج إلى معرفة المزيد لتضح لك الرؤية، وتختار على بينة، وستظل محتاجًا لمعالجة أعمق طالما بقيت في غربتك، وإذا كان لا مفر من الزواج الطائر فلنعط الأمر وقته، ونبذل جهدا مضاعفا، ونطلب العون المخلص الصادق الفعال ممن يستطيع بذله حولنا؛ عسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده، ويصلح لك الأحوال ولكل المضطرين للزواج الطائر، وتابعنا بأخبارك.

⇐ يمكنك أيضًا مطالعة المزيد:

⇐ أجابها: د. أحمد عبد الله

أضف تعليق

error: