كيف أتخلص من التفكير في الأسوأ والتوقعات السلبية؟

كيف أتخلص من التفكير في الأسوأ والتوقعات السلبية؟

تفاصيل الاستشارة: أنا شاب في الحادية والثلاثين من عمري، متزوج، وأب لطفلين، وحياتي الأسرية والعائلية والاجتماعية متوازنة وطبيعية، مثقف وأحوالي المادية في أول الجيد؛ حيث يكفي راتبي الأساسيات، ويكفي لبعض المفاجآت إن وجدت.

كنت أعتبر نفسي طبيعيا من الناحية النفسية؛ حيث أكاشف نفسي بما أفعله، وأضعه في الميزان دائما، إن كان لي فنعم، وإن لم يكن صححت الخطأ، إما باعتذار مباشر، أو بتوضيح سبب الخطأ.

سمعت من طبيب نفسي أن الشخص الذي يتوقع السيئ من الأحداث دائما هو غير طبيعي، وبحكم عادتي نظرت إلى نفسي ففوجئت أني أعاني من (آلة حاسبة) داخل عقلي، وأن من حولي قد يعانون من ذلك، ولاسيما ابنتي الكبرى (5 سنوات)، التي تعاني من القيود المفروضة عليها خشية أن يؤثر السلوك غير المرغوب فيه الذي تفعله على حياتها المستقبلية.

فأنا دائما أخشى مثلا لعبها الزائد خشية الإصابة، وعلى هذا المنوال أتوقع الأسوأ -الذي غالبا لا يحدث- لعمل حسابه، وكيفية التصرف إذا حدث، وهذا بالطبع يؤثر على مزاجي العام، علما بأني من فترة (الجامعة وما قبلها) كنت مشهورا بين زملائي بأني مرح، وقادر على صنع جو المرح بطبيعتي.

كما أنني أعاني من (آلة حاسبة ) مادية، ففي فسحي وخروجي أجد عقلي يعمل باستمرار، فأفكر “معي 150 جنيها صرفت 15.45 يبقى المتبقي 134.55، وبعدها صرفت 1.75 يصبح الناتج 132.8″، ويا للمصيبة إذا كانت الحسبة أصعب، أحاول جاهدا الوصول للرقم ومطابقته لما معي، وإن وجدت فارقا أعصر دماغي إلى أن أجده مهما كان صغيرا.

أشعر بلسان حالك يفكر أنني بخيل، ولكني لست كذلك، فأنا دائما أفكر فيمن حولي قبل نفسي ماديا وعاطفيا ومعنويا، ولا أثق في أحد كي يوقف هذه الآلة الحاسبة، فكما تعودت دائما أنا العقل المفكر لكل من حولي؛ حيث أمتاز ولله الحمد بمنطقية التفكير واستنتاج الأحداث، وهو ما يكسبني هذه الميزة التي كثيرا ما يلحظها من حولي فيستفيد منها في استشارتي وطلب الحل.

أشعر بجهد في رأسي؛ لدرجة أنني فكرت في الذهاب لطبيب نفسي، ولكن وسوس لي عقلي بأني سأؤثر على الطبيب بطريقة سردي للمشكلة، حتى يخبرني بما أحتاج سماعه.

فكرت في مضادات الاكتئاب، ولكني أقول لنفسي إنني بعيد عن الاكتئاب؛ لأن إيماني بالله كبير؛ (حيث إنني ملتح)، كما خشيت من إدمان هذه المضادات.

أستفيد كثيرا من الميزان والآلة في ترتيب شئوني الحياتية، ولكني أستسلم الآن.. أنقذوني من الميزان والآلة الحاسبة.

د. محمد خالد «استشاري الأمراض النفسية والعصبية» أجاب صاحب الاستشارة؛ فقال: أخي الكريم.. وصلت استغاثتك قوية مدوية، لمسنا منها مدى معاناتك مما أطلقت عليه اسم الميزان والآلة الحاسبة، والتي أثرت على حياتك وحياة من حولك على حد قولك، ولا تقلق أخي فلكل داء دواء بإذن الله.

ومن استشارتك استنتجت وجود نوعين من الأعراض النفسية لديك، وهي أعراض اكتئابية وأعراض وسواسيه؛ لذا يجب أن تذهب لزيارة طبيب نفسي للعلاج فورا، فكلما تأخرت في الذهاب للطبيب، كلما طالت المدة اللازمة للعلاج المتكامل.

ولا يصلح أخي أن تكون أنت طبيب نفسك، وأن تصف الأدوية خاصة في الأمراض النفسية، فقد تكون تلك الأدوية غير مناسبة لحالتك، أو قد تأتي بنتائج عكسية تماما، وتزيد الحالة سوءا.

ولا تقلق أخي الفاضل فالأطباء النفسيون عندهم من الخبرة ما يكفي لتحليل ما تشكو منه، دون أن تستطيع أنت التأثير على حكمهم على حالتك.

وعند ذهابك للطبيب، وبعد الاستماع إلى حالتك والفحص والتحليل، سيقوم بتحديد الخطة العلاجية المناسبة لك ولحالتك، والتي قد تتكون من علاج دوائي ونفسي وسلوكي.

وأحب أن أوضح لك أخي العزيز أن المرض النفسي لا يعني ضعفا في الإيمان بالله، أو ضعفا بشخصية المريض، وإنما هو مرض كأي مرض آخر، مجرد ابتلاء من الله عز وجل لعباده المتقين، فاستمر أخي على قوة إيمانك، وتمسك بعزيمتك على التخلص مما تعاني منه.

⇐ لدينا أيضًا بعض المقترحات:

وفي النهاية ندعو الله أن يوفقك في حياتك، ويهبك الصحة والعافية، ويعينك على مرضك.

أضف تعليق

error: