ما أسباب الشعور بالدونية، وضعف التعبير عند مواجهة مشاكل الحياة اليومية؟

ما أسباب الشعور بالدونية، وضعف التعبير عند مواجهة مشاكل الحياة اليومية؟

تفاصيل الاستشارة: أولا؛ أنا والحمد لله موظف في وظيفة كبيرة نوعا ما، وأمتلك قدرات ومؤهلات جيدة، وأعتبر خجولا إلى حد كبير، أخالط الناس ولكنني غير متكلم، فلكي أتعود على شخص آخذ بعض الوقت.

المشكلة في الآتي:

  • أحس دائما أني أقل من الناس.
  • ضعيف التعبير، أي لا يمكنني إلقاء كلمة (فأنا غير معبر)، حتى إن ذلك يحدث مشاكل بيني وبين زوجتي؛ لأني لا أعبر لها عن حبي.
  • عند حدوث أية مشكلة من مشاكل الحياة اليومية، وإن كانت بسيطة، أحس بعدم الارتياح، وشيء من الاكتئاب، واضطرابات في المعدة، وأحس بالضيق.

⇐ د. وائل أبو هندي «اختصاصي الطب النفسي» أجاب؛ وقال: واضح يا أخي السائل من رسالتك أن ما تعاني منه هو اضطراب الرهاب الاجتماعي، وهو حالة مرضية تحدث عند بعض الأفراد حينما يكونون محط أنظار وتركيز الآخرين، مثل:

عدم القدرة على التحدث في المناسبات الاجتماعية، أو أمام المسئولين، أو في أي مناسبة يكون الفرد فيها محط تركيز ونظر الآخرين.

ولكن لهذه الحالات علاج جيد وفعال، ودعني أعطك فكرة عن أعراض هذا الاضطراب النفسي لكي تكون على ثقة بأن ما تعاني منه مرض معروف وله علاج بفضل الله.

تبدأ عادة حالة الرهاب الاجتماعي أثناء فترة المراهقة، وإذا لم تعالَج فقد تستمر طوال الحياة، وقد تجر إلى حالات أخرى كالاكتئاب، والخوف من الأماكن العامة والواسعة.

ونسمع من مرضى هذا الاضطراب شكاوى من قبيل:

  • أحس حينما أكون محط أنظار الآخرين كأنني أقف على إسفنج.
  • أحس حينما أتحدث أمام الآخرين أنني سأخلط الكلام ببعضه.
  • أتمنى أن تبتلعني الأرض ولا أضطر للحديث أمام الجمع من الناس، ولو كان عددهم لا يتجاوز عشرة أفراد.
  • لا أدري لماذا لا يمكنني الحديث، وينتابني الخوف من الخطأ، وأحس أنني سأتلعثم في الكلام حينما يسألني الأستاذ في الفصل، رغم أنني أعرف الإجابة، بل أحفظها عن ظهر قلب.
  • أحس أن وجهي تتغير معالمه حينما ينظر إليّ الآخرون.
  • لاحظت أنني لا أستطيع في الآونة الأخيرة إمامة الناس حينما تفوتني الصلاة في الجماعة الأولى.

إذن فشبح مواجهة الناس هو الكابوس المفزع الذي يُقلق تلك الفئة من المرضى؛ وهو ما يجعل بعضهم يرفض الترقية الوظيفية إذا كانت ستجعله في مواجهة أكثر مع الجمهور، يقول أحدهم: “لعدة مرات رفضت الترقية في عملي؛ وذلك لأنني سأضطر أن أقود الناس وأواجههم، وذلك ما لا أستطيعه”.

وليس كل قلق عند مواجهة الآخرين اضطراب رهاب اجتماعي بالطبع؛ فالخوف البسيط قبل أي لقاء اجتماعي يُعتبر أمرا طبيعيا ومقبولا، إلا أنه يصبح خوفا مرضيا إذا تعدى حدَّه، وبدأت تظهر على الفرد أعراض مثل: احمرار الوجه، ورعشة في اليدين، والغثيان، والعرق الشديد، والحاجة المفاجئة للذهاب إلى الحمام.

إذا كنت تعاني من الرهاب (الخوف) الاجتماعي فمن المحتمل أنك تعاني من واحد أو أكثر من هذه الأعراض عندما تتعرض للمناسبة الاجتماعية التي تسبب الخوف، وفي بعض الحالات يكون مجرد التفكير في تلك المناسبات محدثا للقلق والخوف، كما أن المحاولة الجاهدة لمنع حدوث الأعراض قد تدفع المريض إلى تجنب هذه المناسبات بصورة نهائية؛ وهو ما يكون مدمرًا للحياة الاجتماعية أيضا، وبذلك يؤدي الاضطراب إلى إعاقة الفرد وعدم قدرته على القيام بواجباته الاجتماعية.

وقد يضطر مريض الرهاب الاجتماعي إلى برمجة حياته تبعا لمعاناته؛ فنجده يحضر مبكرًا إلى أي مناسبة اجتماعية كي يتخلص من الدخول ومواجهة الجميع والسلام عليهم، أو الحضور متأخرًا جدا، كما أنه قبل حضوره أي مناسبة اجتماعية يسأل عن: عدد الحضور؟ ومن هم؟ وهل هو تحت مجهر النقد والملاحظة من قبل الآخرين؟

ولكن أعود إلى حالتك أنت، فأنا أقول لك بأن أمر هذا الاضطراب إنما يتعلق في جوهره بمدى قدرة الشخص على تأكيد ذاته، أي قدرته على التعبير عن مشاعره تجاه الآخرين، ومدى ما يعطيه من أهمية متضخمة لتقييم الناس له ورأيهم فيه.

هذا النوع من الاضطرابات النفسية يحتاج إلى مساعدة سريعة من طبيب نفسي متخصص؛ حيث يتم فيه وضع برنامج علاج سلوكي ومعرفي يناسب حالتك، إضافة إلى الاستعانة ببعض الأدوية من مضادات الاكتئاب، ولكن العلاج المعرفي أهم، فعليك باللجوء إلى أقرب طبيب نفسي.

⇐ كما يمكنك مطالعة الصفحات التالية لمزيد من الفائدة:

وختاما، أتمنى أن يكون ردنا على استشارتك قد أراح قلبك وعقلك، وجعلك تضع يدك على مشكلتك لتساعد نفسك على حلها، وأدعو الله أن ينعم عليك بدوام الصحة والشفاء.

ولا تنس أن تتابعنا باستشارات أخرى لنطمئن عليك.

أضف تعليق

error: