التوابع النفسية للحرب.. هل من علاج؟

التوابع النفسية للحرب.. هل من علاج؟

تفاصيل الاستشارة: عندي مشكلة ومش عارفة شو حلها، لي فترة طويلة وأنا فيني هذه الحالة، وأنا صغيرة أيام حرب الكويت كنت أفكر أن أخوي أسير الحرب وبيموت، وكنت أخاف على أمي أن تموت من الحرب، وبعد فترة نسيتها، وبعد كم سنة وفجأة ردت لي الحالة، وأصبحت أخاف أن أكون وحيدة، وأن أهلي يموتون، وعندما أكون وحدي في البيت أفكر بالقبور، وأخاف يوما أكون في القبر، كيف بعيش وحدي في القبر، وشو بسوي طول السنوات لحين يوم القيامة، وكيف بتكون حياتنا في القبور، وتدور أفكار في بالي وما أقدر أرقد في ليل، وفي أيام ما أقدر أرقد حتى الصبح، وقلبي طول الوقت يدق وأكون خائفة، وما أقدر أعيش حياتي. وإذا أمي سافرت أخاف، وأخلي أختي معي في الغرفة، وأنا أرقد الأول، وبعدين أختي تنام، يعني تنتظرني لحين ما أرقد.

ومن أربع سنوات رحت المستشفى النفسي عشان أتعالج، أعطاني الطبيب أدوية ما أذكر اسمها، وتعالجت لمدة سنة ونصف، آخر شيء قال الدكتور ما عندي دواء أعطيك إياه، خلصت كل الأدوية وأنت ما تحسنت، وحولني لدكتور نفساني ثان؛ عشان جلسات، بس ما رحت؛ لأني تضايقت، وأنا مش عارفه شو فيني؟

أتمنى أن تساعدوني وتعطوني الحل.

⇐ د. محمد خالد «استشاري الأمراض النفسية والعصبية» أجاب السائلة؛ فقال: الأخت الفاضلة.. قرأت رسالتك وأرحب بالرد على استفساراتك ولكن في البداية أود منك عزيزتي الإجابة عن سؤالين مهمين:

  1. هل ترين لقطات من أحداث ومواقف سابقة أو ما يسمى بـ “flash back”؟
  2. هل تعانين من حالات فزع ليلية؟

إذا كانت إجابتك بنعم، فإن ما تعانين منه حالة معروفة باسم “اضطراب ما بعد الصدمة”، والصدمة هنا تكون الأحداث المأساوية أو الحروب كما ذكرت في رسالتك.

في هذه الحالة يكون العلاج مكثفا، ويحتاج إلى وقت طويل يستمر حوالي 6 أشهر، وذلك في إطار خطة علاجية يضعها الطبيب النفسي ما بين علاج دوائي وسلوكي وجلسات نفسية. وبالنسبة لما قاله الطبيب إنه لا توجد أدوية لعلاج حالتك، فهذا كلام ليس له أي أساس من الصحة، فالأدوية عزيزتي كثيرة جدا، وتستخدم طبقا للخطة العلاجية التي يضعها الطبيب للمريض وفقا لحالته واحتياجاته.

أما إذا كانت إجابتك عن السؤالين السابقين بلا، فإن ما تعانين منه هو حالة تعرف بـ “قلق نفسي يصاحبه أعراض اكتئابية”، والخطة العلاجية في هذه الحالة تكون أبسط، وتتضمن علاجا دوائيا مع جلسات نفسية حتى يتم الشفاء بإذن الله.

وأنصحك عزيزتي بعدم التحدث عن التجارب التي عانيت منها خلال الحرب، ويفضل أن تمتنعي عن مشاهدة الأفلام التي تحتوي علي مشاهد عنيفة للحرب؛ لأن ذلك يقوم بتنشيط الذاكرة وإحياء حالة الخوف والقلق مما عانيت منه سابقا.

وأبشرك عزيزتي أن نسب تحسن حالتك قد تصل إلى 30% بعد شهر من المواظبة على الخطة العلاجية الموضوعة من قبل الطبيب المعالج.

في النهاية.. ننصحك أختنا العزيزة بالصبر والمثابرة على العلاج، واعلمي جيدا أن الموت والحياة هما بيد الله عز وجل، فلا داعي للقلق، وتذكري قول الله ﷻ ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ [لقمان:34].

أضف تعليق

error: