شاب محبط من خطيبته: هل أفسخ الخطوبة أم أُقنع نفسي بها؟

شاب محبط من خطيبته: هل أفسخ الخطوبة أم أُقنع نفسي بها؟

«علي» يسأل: أنا شاب عمري 25 عامًا، قمت بخطبة فتاة عمرها 23 عامًا منذ 7 أشهر، وبقي على الزواج ليس أقل من 3 أشهر. مشكلتي مع خطيبتي تتلخص في أنني قمت باختيارها على عجل وبدون دراسة كافية، وكان السبب أنني كنت محسودا، ولم أجد الموافقة من أي عائلة أتقدم لخطبة ابنتها، مع العلم أني شاب وسيم، وأعمل، ومن عائلة جيدة، وعلى خلق ولكن الحسد كان يقف في وجهي.

بعد أن قمنا بفك الحسد -السحر- قمت فورا بمحاولة خطبة أول بنت تُعرض علي بشكل عشوائي، وكانت المفاجئة أن العائلة وافقت على غير العادة، فأعمتني الفرحة عن النظر في العائلة وعقلية الفتاة وشكلها وكل ما يحاول الشاب معرفته عن الفتاة؛ وهو ما دفعني إلى الاستمرار مع تلك الفتاة، بالإضافة إلا أنه قد تشكل لدي جو من الحماس والإلحاح من قِبل أسرتي بشكل كبير، فأتممنا رسميات الخطوبة.

أرجو أن تصدقوا موضوع الحسد؛ ذلك لأنه حقيقة حصلت فعلا، والأحداث المرافقة له كانت شيئا ملموسا وليست وهما من خيالي؛ وأنا لي دراية في هذه الأمور.

بعد حفلة الخطوبة بدأت الغيوم تتلاشى، وبدأت أنظر إلى هذه الفتاة التي اخترتها من بين كل بنات بلدي، ووجدت أنها ليست جميلة، ولا تحمل تلك الصفات التي أرغبها في الزوجة من جهة الأنوثة. بكلمات بسيطة: هي ليست جذابة أبدا.

أدى ذلك إلى تكاثر التساؤلات في نفسي: هل هذه هي الفتاة التي سأبقى معها بقية عمري؟ هل ستكون هي الزوجة التي حلمت بها؟ أعتقد أن من حقي أن أحصل على زوجة تعطيني كل ما أريد؛ فتجعلني أزهد في غيرها من النساء. لماذا أتزوج من فتاة يكون وجودها مثل عدمه، وأعيش بقية حياتي في حرمان كما يعيش بعض العزاب؟! أشعر دائما أنها لا تستطيع أن تشبع رغباتي من ناحيتَيْ الجمال والجنس على الإطلاق، وأنها لن تغنيني عن النظر إلى غيرها من النساء سواء كان على الطبيعة أم حتى على شاشة التلفاز، وهذا هو محور المشكلة. أحيطكم علما أني أهتم بجمال المرأة بشكل غريب، ولكن ذلك لا يعني أني لا أضع وزنا للأخلاق والأدب.

أحد الحلول المطروحة أن أقوم بفسخ الخطوبة، وأن أتزوج من غيرها بحيث تكون على الصفات التي أريدها؛ فأتخلص من هذه الخواطر، لكني لا أرى هذا أسلوبا أخلاقيا مع أنه من حقي؛ لأن في ذلك ظلما لها؛ فما ذنبها إن كانت غير جميلة، أو على الأقل متوسطة الجمال؟ لماذا أحملها ذنبا ليس لها يد فيه؟ إن في ذلك لؤما وقسوة.. لماذا أجعلها تواجه مثل هذه التجربة المُرّة؟!

أكرر مرة ثانية: محور مشكلتي هو شعوري بأني متزوج من إنسانة غير جميلة. حتى لا أظلم الفتاة أذكر أنها على خلق ممتاز وأكثر من ممتاز، ولا أنكر أنه قد نشأت بيننا مع الأيام علاقة المودة والرأفة، ولكنه ليس حبا.

هناك أيضا مأخذ آخر أجده في خطيبتي؛ فهي إنسانة قليلة الكلام، ولا تتفاعل في أي نقاش مهما كان موضوعه، ربما نجلس معا أنا وهي وحدنا لساعات عديدة؛ فلا يتجاوز كلامها ما يقوله أي واحد من أصدقائي في ربع ساعة، إن هذا الهدوء في طبعها يجعلها إنسانة مملة غالبا، وهذا يحرمني من أن أشتاق إليها كما يجب أن تكون العلاقة بين أي خطيبين عاديين.

أضف إلى ذلك أنها لا تحاول أن تفعل شيئا يجذبني إليها؛ فلم أسمع منها أية نكتة –مثلا- منذ أن خطبتها، ولم يصدف أن ارتدَتْ “موضة” جديدة من الملابس من أجلي، أو قصّت شعرها قَصَّة جديدة من أجل إثارة انتباهي. إن لديها نوعا من اللامبالاة المزعجة بطبيعتها، هي تتعامل مع الزواج وكأنه تحصيل حاصل؛ فلا داعي لأن تبذل مجهودا كي تجعلني أقع في حبها.

مشكلتي أنها جاهلة عاطفيا؛ فهي لا تتبعل لي كما يجب أن تفعل النساء، ولا تريد أن تثبت لي -حتى أستطيع أن أثبت لنفسي- أنها أنثى حقيقية بمعنى الكلمة، إذا كانت هذه هي تصرفاتها أثناء الخطوبة فماذا ستفعل عندما نتزوج؟ إذا كنت أشعر بالملل وأنا في فترة الخطوبة وأنا أراها لمدة ساعات قليلة في الأسبوع.. فكيف سيكون شعوري عندما نتزوج وأجدها أمامي طيلة 24 ساعة في اليوم، و7 أيام في الأسبوع و30 يوما في الشهر؟؟!!

تصوروا بالله عليكم هذا الموقف السيئ الذي وجدت نفسي فيه، تصوروا شابا يحب الجمال تزوج من فتاة غير جميلة ومملة، ولا تحاول أن تُظهر نفسها بأنها جميلة، مع العلم أن خطيبتي موظفة وتحمل طابع الجدية بالتعامل معي كأنني موظف زميل لها في نفس الدائرة؛ وهو ما يزعجني كثيرا.

لقد وضعت أمامكم بعض الحلول:

  1. الأول: أن أفسخ الخطوبة وأنتهي من هذا الموضوع.
  2. الثاني: أن أقنع نفسي بها لعلها تتغير بعد الزواج، لكن ذلك الحل ليس مضمون النجاح. أم عليّ أن أقوم بواجبها بشكل كامل وأعيش حياتي مع أخرى؟!

أرجو منكم أن يتسع صدركم للاهتمام بمشكلتي، أرجو منكم ألا يكون ردكم على طريقة البرقيات المختصرة، أريد منكم جوابا شافيا وتفصيليا، ذلك أن سعادتي الزوجية -وهي أغلى ما أملك- تتوقف على الطريقة التي سأواجه بها هاتين المشكلتين. بارك الله فيكم وأعانكم على ما فيه خير المسلمين.

الإجابـة

قد يكون من حسن حظك أو من سوئه –لا أدري– أن مشكلتك كانت من نصيبي؛ إذ إنني لا أعرف الرد على طريقة البرقيات المختصرة، وإنما ردودي فاكسات مطولة؛ فأرجو أن تحتمل طول الرد، رغم أن قليلا نافعا خير من كثير مضجر.

كما أرجو أن تحتمل بعض الأسئلة التي سأطرحها عليك من خلال النقاط التالية:

أولا: أنت وضعت أمامنا بعض الحلول؛ فهل تراك وضعتها لتساعدنا في الاختيار لك؟ هل نحن من سيتزوج يا أخي الكريم أم أنت؟!

مهمتنا يا أخي العزيز أن نرشد السائل للحلول، أو نقرب له طريقة التفكير في مشكلته، أو نتيح له معارف ونظرات أوسع، أو نكشف عن خبرات وتجارب أرحب، أما ما نحن عاجزون عنه تماما فهو الاختيار له، وخاصة في موضوع حياتي كالزواج أو ما شابهه، رغم محاولتنا الصادقة أن نضع أنفسنا مكان السائل لنشعر بشعوره، وأن نجد الطريقة التي تناسبه أكثر في الرد حسب شخصيته التي يتبدى الشيء القليل منها من خلال سؤاله، وما عجزنا الذي نعترف به إلا نتيجة إدراكنا العميق لشيء مهم وهو أن حل أي مشكلة يختلف حسب الظروف الداخلية النفسية الخاصة بالسائل، وحسب الظروف الخارجية الاجتماعية المحيطة به، وهذا ما لا يستطيع معرفته إلا الشخص نفسه أو أقرب المقربين له.

ثانيا: بالنسبة لموضوع الحسد، لا يستطيع مسلم إنكاره؛ إذ هو مذكور في القرآن ومعروف من السنة النبوية، ولكن أرجو ألا تكون مبالغا فيه، إذ قد يسأل سائل: ما المانع أن تكون خطبتك لهذه الفتاة بسبب السحر هذه المرة مثلا؟ أو ما المانع أن يكون عدم شعورك تجاهها بالحب رغم مرور سبعة أشهر على خطبتها بسبب حسد أو سحر أيضا؟ أنت تقول: عندك دراية بهذه الأمور.. فهل يعرف المحسود أو المسحور أنه كذلك إذا كان واقعا تحت تأثير هذه القوى الخارقة للطبيعة؟ إذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- تعرض للسحر ولم يعرف أنه مسحور لولا الرؤيا التي أراه الله إياها، فكيف نعرف نحن؟!

المشكلة أننا كثيرا ما نتعامل مع حقائق الحياة الواضحة كأنها من الأسرار والمغيبات، ولو أننا حاولنا أن نبدل طريقة تفكيرنا ونبحث عن الأسباب المنطقية بكل تفتّح عقل ونور بصيرة، لانقشعت سحب خواطرنا، وتلاشت غيوم هواجسنا أمام شمس العقل الساطعة.

ثالثا: ذكرت أنها خطيبتك، ولم تشر من بعيد أو قريب إلى عقد قران، وقد أعدت قراءة رسالتك أكثر من مرة فلم أجد إلا ما يوحي بأنها زوجتك ككلمات: “التبعل” و”إظهار الأنوثة”؛ فسأعتبر أن قرانكما قد تم؛ لأن حدود علاقة الخطيب بخطيبته قبل عقد القران غيرها بعده، وأرجو إذا كان اعتباري هذا خاطئا أن تعود لصفحة الفتوى لتعرف أكثر عن هذا الموضوع.

رابعا: ماذا تقصد من جملتك: أم علي أن أقوم بواجبها بشكل كامل وأعيش مع أخرى؟

لم أفهم ما المقصود أن تقوم بواجبها، وما هو واجبها؟ هل هو الكلام أم اختراع النكات أم البعد عن الجدية؟ اعذرني فعلا لعدم فهمي للجملة؛ لأنك إذا كنت تعتبر أن المزاح والكلام هو مهمة الزوجة فقط فهذا شيء غير صحيح؛ لأن الحياة الزوجية المتكاملة هي عندما يكمل الشريك شريكه، ويتلافى أحدهما النقص الموجود في شخصية الآخر بأن يتجاهل التفكير فيه، فإذا لم يستطع فإنه يحاول إصلاح هذا النقص أو سد هذا الخلل من عنده، وليس عيبا على الزوج أن يمازح زوجته مثلا، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- بين زوجاته من أفكه الناس، وكان يمزح معهن بما يدخل السرور إلى قلوبهن، ويقص لهن القصص ويستمع إلى قصصهن، وقد ذكرت في رد سابق قول عمر -رضي الله عنه- وهو المعروف بصلابته: “يجب على الرجل أن يكون مع أهله كالصبي -في أنسه وبِشره وسهولته- فإذا كان في القوم وُجد رجلا”.

وماذا تقصد أن تعيش مع أخرى؟ هل تعيش مع الأولى بجسدك ومع الأخرى بأحلامك أم تتزوج ثانية ؟ ولماذا تتزوج الأولى أساسا إذا لم تكن ستجد عندها السكن والمودة؛ مما يضطرك للبحث عنهما عند أخرى؟

خامسا: أهم مشكلة في خطيبتك أنها غير جميلة أو متوسطة الجمال، وأنت رجل تحب الجمال وتضعه في المرتبة الأولى في اختيارك، ولا ألومك بل أشكرك على صراحتك، لكن أسألك: ألا يمكن أن تتزوج من هي أجمل منها ثم يظهر لك بعد الزواج أنها مختالة بجمالها إلى الحد الذي تراك معه قبيحا فلا تتقبلك، لأن سبب زواجها منك أن تتستر بك كغطاء اجتماعي لها؟ فهل تحتمل العيش مع متكبرة ولو كانت ملكة جمال الكون؟ أو أن تكون مصابة بالنرجسية إذ همها كله موجّه إلى جمالها ومظهرها فلا تهتم بك ولا ببيتها؛ فهي تتباهى بجمالها أمام مرآتها في الصباح والمساء، وتقضي الساعات الطويلة في التسوق لتبتاع أغلى أدوات المكياج وأحدث صيحات الأزياء؛ مما يزيد أعباءك المادية؟ أو إذا قصرت أنت في ابتداع كلمات التغزل بجمالها وصورتها.. ألا يمكن أن تبحث عن آخرين يُروون عطشهم من جمالها ويُشبعون غرورها؟ ألا يمكن أن تكره الحمل لأنه يؤذي جسدها، أو لا ترضع طفلها كي لا يشوه صدرها؟

رحم الله ذلك الأعرابي الذي أوصى ابنه بما معناه: لا تتزوج الجميلة فتكون كمن يرعى في واد رعى منه الكثيرون. والمشكلة في بعض شباب اليوم أنه يريد زوجة كمذيعات بعض الفضائيات وفتيات الإعلانات والسوبر موديلات اللاتي يكشفن عن أجسادهن أكثر مما يخفين، وكأن إحداهن قد تأهبت للقاء الزوج أو العشيق على الفراش حالا، فيتأمل الشاب مفاتنها وينسى أمر الله بغض البصر عن المحرمات، ويحلم بها بين ذراعيه كما يحلم شباب كثير غيره بها ولا يرضى بأقل منها، أو يرى المائلات المميلات الكاسيات العاريات في الشوارع فيميل عقله عن الحق مع ميلهن، ويتعرى قلبه من التقوى وخشية الله مع عريهن، ولو غسلت إحداهن وجهها من مساحيق المكياج وأصباغ التجميل فربما لم ينظر إليها أحد.

هؤلاء زوجات لكل الرجال في الشوارع ولسن زوجات لأزواجهن فقط؛ إذ تبدي لهذا ابتسامة وترمق ذاك بنظرة، وتليّن كلامها مع ثالث، وتسمح بملامستها للرابع، ولا مانع لديها من أن يتغزل بها من يتغزل، وتتمنع وتتدلل حتى توقع العدد الأكبر من السذج في حبائلها، وبعد أن يفيضوا عليها بهداياهم وعطاياهم لا تبخل عليهم بجسدها إذا لم تمنحهم أيضا “إيدز” أو “تريكوموناس” أو “زهري” أو “سيلان” أو “كلاميديا”… أو إلى غير ذلك مما جمعته عبر السنين من المعجبين التائهين.

لا أنكر مع كل هذا أن هناك من تجمع إلى أخلاقها جمالا مميزا، لكن ألا يمكن أن تتعرض لحادث مشوه فتفقد جمالها الذي من أجله تزوجتها؟

هل تسمع نصيحتي بأن تضع الجمال في المرتبة الثانية على الأقل؛ لأن الصفات المادية عرضة للزوال وأما ما يبقى فهو جمال الروح والأخلاق؟ ثم لماذا لا تفكر أن تقدم لخطيبتك بعض أدوات المكياج على سبيل الهدية، وتصارحها دون أن تجرح شعورها أنك تريدها أجمل، ولا مانع أن تبدأ بكلمة “إنك جميلة ولكن أريدك أجمل”، ولو شعرت أن في هذه العبارة كذبا فمن الكذب المباح كذب الرجل على زوجته خاصة إذا كان من أجل تطييب خاطرها ورفع معنوياتها.

هل تتعجب وتتساءل: ما مدى معرفتي بالمكياج وأنا رجل؟! الجواب سهل بأن تساعدك إحدى أخواتك أو حتى البائع أو البائعة باختياره، وكذلك أن يعلمها أحد طريقة وضعه أو تتلقى بعض الدروس في معهد للتجميل مساء، وأعلمها أن ما تفعله لتتحبب لك وتكسب قلبك وتجذبك إليها فيه أجر كبير عند الله، ومما وصف الله سبحانه به الحور العين في الجنة قوله: “عربا أترابا” والعروب هي المتحببة إلى زوجها.

سادسا: تعيب على خطيبتك عدم تبعلها لك وإظهارها مفاتنها وأنوثتها، وكذلك جديتها معك.. فلماذا لم تسألها عن السبب؟ لعلها تستحيي من أهلها؛ لكونها ما زالت بينهم، وعندما تصبح في بيتك تتغير من هذه الناحية، فأنصحك قبل التفكير في تركها أن تسألها عن السبب؛ فلعل طريقتها هذه لأنها تخاف أن تمنحك مشاعرها فتتجرأ أنت على طلب ما هو أبعد، أو أن حياءها ما زال يمنعها من التعبير لك عن عواطفها رغم أنها موظفة وتتعامل مع الرجال، إذ قد يسهل على المرأة التعامل مع الرجل كزميل في العمل، ولكن يصعب عليها التعامل مع من سيصبح زوجها ولو مضى على الخطبة أشهر بسبب التربية المتشددة في الطفولة التي تمنع الفتاة من التعبير عن أبسط رغباتها وبالتالي نضوج شخصيتها.

لماذا لا تلعب أنت على وتر المودة والرأفة الذي نشأ بينكما، وهو كما أعلم مقدمة جيدة لزواج ناجح؟ لماذا لا تعلمها ما تجهله عن العواطف؟ لماذا لا تقترب منها أكثر وتحاول الإمساك بمفاتيح أسرارها؟ هل عبرت لها عن حبك لها لتستطيع أن تعبر هي لك بالمقابل؟ هل خففت أنت جمود لقائكما بالكلمات اللطيفة والمشاعر الرقيقة؟ هل حاولت أن تبحث في داخلها عن ينابيع الحنان الذي تملكه كل أنثى بفطرتها مهما تقنعت بأقنعة الجدية والحزم؟ هل جربت أن تزيل رمادها الظاهر لعل نار العواطف المختبئة تحته تشتعل بينكما؟ هل أدفأتها بحبك لتذيب حاجز الجليد المتراكم داخلها؛ فيعود عليك بردا وسلاما؟ هل نثرت بذور الحب عليها فتنمو أشجارها وتمتد أوراقها وتتفتح أزهارها وتجنى ثمارها؟؟

خطيبتك صغيرة السن وأنت لست أكبر منها بكثير، ومع ذلك يمكنك أن تستغل الشهور المتبقية وتحاول بكل صدق أن تكتشف الأنثى في داخلها، وشجعها على إبراز مواهبها في هذه الناحية، أو ناقشها في إمكانية تغيرها بعد الزواج إذا كانت تستحيي من أهلها، أو قدرتها على تغيير طبعها الجدي إلى المرح ولو قليلا. وأعتقد أن الطباع المختلفة ليست دليلا على عدم نجاح الزواج إذ كثيرا ما يكمل الأول نقص الثاني، والزواج ما هو إلا السعي وراء الكمال الإنساني وإلا فما الداعي أن تتزوج إذا كنت كاملا؟؟ وهذا دافع أن تسألها عن عيوبك أيضا، فلعلها ترى فيك ما لا تراه أنت، ومَن منا بلا عيوب؟!

تذكر يا أخي أن الإسلام رغب أن يكون الباعث على الاشتراك في الحياة الزوجية أمرا نفسيا يربط بين قلبي الزوجين برباط وثيق من المودة والألفة، ففي الآية: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} المودة تنمو مع الزمن، ولا تزيدها الأيام إلا توثقا؛ لأنها مبنية على إعجاب كل من الزوجين بخلق صاحبه واستقامته، وخطيبتك لديها الخلق الممتاز وهذه نعمة كبيرة، وما الزواج إلا سكن نفسي واطمئنان روحي وتواصل قلبي، ولا يكون هذا إلا مع الخلق الفاضل والمنبت الحسن.

أما إذا فشلت كل محاولاتك ولم تستطع أن تستخدم الجانب الإيجابي في خطيبتك لصالح ارتباطكما فلا عليك أن تنفصل عنها، فإن تفعل ذلك وأنت لم تدخل بها خير من أن تقرر ذلك بعد الدخول أو بعد مجيء الأطفال؛ فتزيد حياتك وحياتها تعاسة، واستخر ربك في أمرك وهو القائل: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}.

وفقك الله لما فيه خيرك وخير خطيبتك، ولعلك تعلمنا بالنتائج، وخاصة في حال إكمال الزواج لنبارك لك على الأقل، والسلام عليك.

⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:

⇐ أجابتها: ليلي أحمد الأحدب

أضف تعليق

error: