زواج من فتاة كاذبة ومخادعة: كيف أحمي طفلتي من بيئة سامة؟

زواج من فتاة كاذبة ومخادعة: كيف أحمي طفلتي من بيئة سامة؟

«مرتضى» يسأل: تزوجت من فتاة على أنها ملتزمة بدينها التزامًا شديدًا، وقد أظهرت لي ذلك في أثناء الخطبة، وبعد الزواج اكتشفت أنها حتى لا تصلي بل ومصابة بمرض جلدي؛ وحيث إنها فتاة مسكينة تمامًا كما ظهر لي في بداية الأمر، حتى أنها في اليوم التالي من الزواج طلبت مني أن أشتري لها غطاء رأس؛ حيث إنها لا تمتلك واحدًا يخصها، وعرضتها على الطبيب.

ورغم ذلك كله فوجئت بأنها تطلب العودة إلى أهلها بعد 10 أيام من الزواج، وكانت المفاجأة الثانية أنها أخبرت أهلها بأني غير قادر على المعاشـ.ـرة الجنسـ.ـية، وغير ذلك من الألفاظ والتصرفات المشينة.

وبعد شهور تم الصلح من جديد، وعادت معتذرة متأسفة متحججة بأنها فتاة صغيرة مسكينة ولم تجد من يربيها وأنها ستعود أحسن وأصلح، وقررت ألا ألمسها نهائيًا وأتركها، وكلما اقتربت مني أذكرها بما قالت، وتدخل الأقارب بيننا حتى أعود لها، وحدث ذلك بالفعل وبعد أيام قليلة أصبحت حاملاً، وطلبت من جديد السفر إلى أهلها وكانت تتظاهر بالمرض والإرهاق، وما إن سافرت حتى اكتشفت أنها كانت تخرج في أثناء ذهابي إلى العمل إلى معارف لها كنت قد منعتها من الذهاب إليهم، وعندما سافرت أمي لها لتراها في البلد اكتشفت خروجها، وقيام أهلها بالتستر عليها؛ حتى تعود من المشوار الذي ذهبت إليه.

وملخص القصة أنها تزوجتني ظنًا منها وجود مال كثير عندي، ولما اكتشفت عدم وجود المال كما تريد؛ فعلت ما فعلت لتحصل على الطلاق وعلى المؤخر الكبير حتى تخرج بشيء.

عفوًا للإطالة، فالتفاصيل كثيرة جداً وغريبة جداً وسخيفة جدًا جدًا جدًا. المشكلة الآن أنها أنجبت طفلة، وذهب أهلي إليها ليحضروها لتربي البنت في المنزل، إلا أنها رفضت وطلبت أن أحضر بنفسي لأخذها بعد كل ما فعلت، وهذا لن يحدث أبدًا لهذه الحقيرة، ولكن الفتاة الصغيرة هي المشكلة، ولا أريد أن أشعر بأني ظلمتها وهي تتربى في ذلك البيت الحقير، ولكني في الحقيقة في راحة نفسية شديدة من يوم أن تركت البيت، وأريد أن أتزوج من جديد.

الإجابـة

أخي الكريم، لا أدري ماذا تنتظر منا بالضبط؟!! هل تريد مواساة على سوء اختيارك؟! أم تريد نصيحة بشأن ابنتك؟! أم تريد هنا أن نبحث لك عن زوجة؟!! تبدو قصتك نموذجًا لما يمكن تسميته “اكتشافات ما بعد الزواج”!!!

في هذه الحالات يبدو الطرف “المخدوع”، وكأنه قد تورط في زيجة تحت تأثير مخدر، أو غواية ساحر!! رغم أن المسألة ببساطة أنه أساء التقدير، وأهمل في الأخذ بالأسباب البديهية، والوسائل والطرق اللازمة لاختيار سليم متوازن يقيه مصارع السوء بعد ذلك.

والبعض منا يتعامل مع اختيار شريك العمر بأقل مما يتعامل مع اختيار الحذاء الذي يلبسه “أعزكم الله”، تراه إذا أراد أن يشتري حذاء أو جوربًا ينزل ليطوف على أكثر من دكان، ويسأل أصدقاءه في الداخل والخارج عن الأسعار والأنواع والجودة، وقد يحدد عدة اختيارات، ويزور كلاً منها عدة مرات، وينظر إلى اختياره من كل الزوايا، ويتخيل مدى مناسبة هذا الحذاء على ملابسه… إلخ.

أما اختياره شريك العمر فتكفي دفقة شعور مبهمة، أو اتفاق عابر، أو كلمة تزكية من مجهول، ولا يبدو أننا ندرك معنى الزواج رجالاً ونساء، وأقول هذا على خلفية ما أراه وأستشعره من خفة أو استخفاف في التعامل مع هذا الأمر الخطير، والرباط المقدس… ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وربما يا أخي، لو بذلت جهداً لائقًا في الانتقاء لتجنبنا الموقف الذي نحن فيه اليوم، ولعلك لو تمهلت بعض الشيء، وقد تبين لك سوء اختيارك، ولكنك شئت الإنجاب منها، ربما لترد على اتهامها لك في فحولتك، فأصبح هناك طفلة لا ذنب لها، غير سوء تدبير أبيها، وسوء أخلاق أمها، إن كانت هذه ذنوب طفلة أصلاً؛ لأنها ليست مسئولة عن هذا أو ذلك.

والوضع الحالي أن لدينا هذه الطفلة، ووالدًا غاضبًا، وأمًا على ما تراه، والاختيارات أمامك واضحة، ولكل منها عيوبه.

الاستمرار في هذه الزيجة أملاً في إدارة أفضل لهذا البيت، وإصلاح أعمق وأنجح لتلك الشاردة التي تزوجتها. واختيار الاستمرار هو الأفضل للطفلة إذا أحسنت أنت إدارة الدفة بحكمة واقتدار. وكما تحدثنا في إجابات سابقة عن ترويض النساء للرجال، فإن هناك مهارات ترويض الشاردات الناشزات، وفيها قرآن يتلى، وخبرات متداولة، وتجارب معروفة.

وهناك خيار الاستمرار في الانفصال، وهو مريح لك، يشعرك بالراحة النفسية، وبالتخلص من تبعات سوء التقدير، ويعطيك فرصة جديدة لاختيار امرأة جديدة فيها عيوب أيضًا، فلا يخلو بشر من العيوب ولكن من نوع آخر.

ولا تبدو زوجتك هذه بقادرة على تنشئة الطفلة بشكل صحي وهي في بيتك، إذا كانت كما تصف أنت، فما بالنا وهي مطلقة تجلس في بيت أهلها، وفرصها في الزواج قليلة لضعف حالتها؟ وسيكون لهذا الضغط النفسي والاجتماعي آثاره على شخصيتها -غير السوية أصلاً- مما ينعكس على تربية الطفلة، ولا أظنك تستطيع التفاهم معها في تسيير دفة طلاق متحضر.

وهناك خيار النزاع القضائي، وفيه تسعى أنت إلى إثبات ما تزعمه عن زوجتك أو أم ابنتك؛ حتى إذا تأكد هذا في ضمير القاضي حكم بإسقاط الحضانة عنها لكونها ليست أمينة على تربية الطفلة، وعندها سيلزمك هذا بحسن اختيار الزوجة القادمة.

وهناك خيار مركب ومفتوح: وهو أن تعيد هذه الزوجة إلى عصمتك، وتعطي نفسك وإياها فرصة ثانية لعلكما استفدتما من الدروس السابقة، وسيكون عليك عند ذلك أن تنظر إلى ميزات زوجتك التي دعتك إلى نكاحها قبل النظر إلى عيوبها، والتفكير العميق والجهد المخلص في معالجة هذه العيوب، وتمرير الصغائر، والنواقص الصغيرة، وتجنب الإساءة، وسلوك الأشجار العالية التي يقذفها الناس بالحجر فترميهم بالثمر.

هذا الخيار سيحتاج منك تغييرًا جذريًا في أسلوبك وربما في شخصيتك؛ حفاظًا على طفلتك حتى آخر طاقتك، فإن نجحت اعتدل المسار وكثيرًا ما يحدث وطابت لك الأمور، وإن كانت الأخرى؛ فأحسن إلى أم ابنتك ولا تمسها بسوء قولاً أو عملاً، وسرحها بالطيب من العطاء لتحسن رعاية ابنتك حيثما تكون.

في حالة الاستمرار أرجو ألا تتورط سريعًا في إنجاب جديد، وأرجو أن تكف عن لوم زوجتك وتذكيرها بمساوئ الماضي وأحداثه، فكل هذا في سبيل الإصلاح لغو عقيم يجلب الضرر ويعوق التغيير. وإذا كان اختيارك هو الانفصال، فأرجو أن تجمع بين كرم العطاء وسمو الأخلاق.

أعانك الله، وسدد في الخير خطاك، وألهمك الصواب على كل حال.

⇐ يمكنك أيضًا مشاركتنا قراءة مقترحاتنا:

⇐ أجابها: د. أحمد عبد الله

أضف تعليق

error: