خطبة مليئة بالتناقضات: هل أكمل أم انسحب؟

خطبة مليئة بالتناقضات: هل أكمل أم انسحب؟

«رانيا» تسأل: أنا فتاة أبلغ من العمر (23 عاما) مخطوبة منذ فترة، خطيبي يسبب لي حيرة كبيرة فأتمنى أن أجد لديكم المشورة، تمت الخطبة بعد السؤال عنه والاستشارة والاستخارة، ونحن متقاربان في العمر والمستوى الاجتماعي والتعليمي، طموح ونشيط، محترم أخلاقيا، ملتزم بالفروض الأساسية، شخص يعتمد عليه حيث أنه متحمل لمسئولية أسرته الكبيرة، وكما تعرفون نحن في “اليمن” بلدي مجتمع محافظ فليس بإمكانه زيارتي أو الخروج معي، ولكن يسمح له فقط بالاتصال هاتفيا، وكانت الرؤية الشرعية ولكن المفاجأة أنه لم يتصل بي بعدها بل اكتفى برسالة مباركة فيها الكثير من الود والإعجاب.

بدأت بعدها بفترة بمراسلته لأني أريد أن أتعرف عليه أكثر، فتشجع وأصبح كل تعارفنا عن طريق الشات ورسايل الموبايل، وعندما أقول له أن نتحدث في الهاتف يقول أنا رجل إلا في هذه النقطة أخجل مثل البنات وينعقد لساني وتزداد ضربات قلبي ولا أدري إلا وقد أقفلت الهاتف، ولا أعرف كيف أكلم فتاة حتى في الجامعة، وحتى عرضت عليه أن اتصل أنا فرفض، والعجيب أنه متحدث لبق وذكي جدا ويستطيع كسب قلوب الآخرين بسهولة، فقد استمعت له أكثر من مرة وهو يكلم والدتي وإخوتي، ولازلت مستغربة حتى اليوم من هذا التناقض؟ ورغم أنه يحبني ومتأكدة أنه يكن لي في قلبه أضعاف ما أحمله في قلبي تجاهه إلا أنه لا يهتم بالتواصل معي بل قد يمر الأسبوع دون أن يحدثني عن أخباره أو يسأل عني، وأحس أني أتنازل كثيرا وابدأ بالسؤال عنه وأحاول أن أهتم بكل تفاصيل حياته وأشاركه فرحه وحزنه، ولكنه يتجاهل أي مشكلة أحكيها له، أعرف أن الرجال لا يهتمون بهذه التفاصيل لكن ليس إلى هذه الدرجة، وعندما أصر أن يستمع لي يحاول قليلا ويعود لتجاهلها.

أخبرته بهذه الملاحظة فقال أن أوضاع البلاد تجعله متضايقا وأنه يكون مشغولا وليس عن تعمد، ومع أني نبهته إلا أنه مصر على تجاهل حياتي، فتوقفت عن مشاركته إياها وأكتفي بالرد على رسائله فقط، وأحس أنه يشعر أنها تافهة فأغلبها عن مشاكل الدراسة والامتحانات وأرائي في الثورة والحياة بشكل عام ولكنها بالنسبة لي ليست كذلك، وأيضا من عدم اهتمامه بمشاركتي حياته فمثلا حصل على عمل جديد وأرسل يخبرني فقط أنه يحتاج دعائي دون أن يستشيرني أو حتى يخبرني عن مكان العمل أو كيف حصل عليه وأخاف أن يكون حصل عليه بطريقة لا تعجبني من نفاق للحزب الحاكم في هذه الأوضاع وإلا كيف يحصل على وظيفة في هذا الوضع الصعب؟ طبعا لم أخبره بشكوكي وباركت له وفرحت معه لكنه لم يخبرني ليلتها واكتفى بقوله متعب وأريد أن أنام، وانتظرت اليوم الثاني ولم يخبرني، فأرسلت له رسالة انفجارية وإلى اليوم لم أكلمه.

كما أنه يحب التطنيش فحتى الآن لم تحصل بيننا مشكلة وتناقشنا فيها بجدية، وتنتهي برسائل موبايل، أقول له ألا تخاف من أن تكون هذه المشاكل مؤشرا على عدم تفاهمنا مستقبلا فيقول أنت حبيبتي وأنا راضي بك مهما كانت عيوبك لذلك لا أجده متحمسا للتعارف العميق بيننا ويقول لي أني لست رومانسية وأغلب كلامنا تحقيق مع إني أحاول أن أكون ودودة ولا أوجه أسئلة مباشرة.

أيضا لا أحب أن أتمادى لأنها فترة خطبة هو شاب وسيم وقد أخبرني كيف أن الفتيات تقوم بملاحقته، وأن قلبه اختارني من بين كل البنات، يحاول أن يثير غيرتي، وأنا أتجاهله لأني لا أريد أن يأخذها نقطة ضعف لي، فقال لي :أن المرأة إذا لم تغر على الرجل سيفعل ما يحلو له فأخبرته أن ما يضبط سلوكنا الضمير والخوف من الله وليس وجود رقيب في حياتنا، وأحس أنه يقوم بهذا لكي نسرع في تحديد موعد الزفاف، ولكن أيضا أحسه مغرورا بجماله.

أيضا مما يضايقني أنه أحيانا يشبهني بفنانات فهذه تشبهك وتلك أنتِ أكثر جمالا منها، وأخرى لو أن عينيك تشبهها، ولو تتعاملي مثل تلك في مسلسل كذا.. الصراحة ورغم أني أعرف خطأ ما أفعل فإني أقول له وما رأيك بالفنان فلان المشارك معها في ذاك الفلم أو المسلسل، عله يكف عن إثارة مثل هذه المواضيع ولكنه فعلا يحزن ويتضايق ففيه الكثير من الغيرة التي لا يستطيع أن يخفيها مثلي.

رغم أن خطيبي مهندس إلا أنه لا يقرأ، وقد صرح لي أنه لا يقرأ عن الزواج وبناء الأسرة وأنا أدله على المواقع والكتب المهتمة، وفعلا أهديته الكتب والمواقع ولكن لا أدري هل حقا سيقرأ؟ أم فقط يثبت لي حسن النية فأعتقد من لم يتعود على القراءة تصبح أمرا ثقيلا عليه، ولا أستطيع توجيهه فالرجال لا يحبون الانتقاد ولا الوصاية، وقد أخبرني أنه يتجاهل طلباتي خوفا من أن أحوله إلى طفل فشخصيتي قوية، مع أنه شخصية قوية ومحبوبة من الجميع أهله وأهلي ولديه شبكة اجتماعية واسعة.

الإجابـة

نحن لا نتزوج شفقة أو مجاملة، ولا يجوز أن نتزوج ونحن على غير اقتناع كامل بشريك الحياة رغم وجود عيوب وتقصير لديه، فخطيبك يا ابنتي يختلف عنك تقريباً في كل المساحات يختلف عنك في طريقة التفكير، في اهتماماتك، في همومك، في رؤيتك للقضايا،..الخ، ولن يشفع له أنه وسيم أو أنه يتحمل المسئولية منذ صغره، فهو للأسف “عاجز” عن أن يقوم بعلاقة جادة أو عميقة في حياته، بل يتحلى بالكثير من سمات الشخصية الهستيرية فأتمنى بما أنك قارئة جيدة أن تقرئي في سماتها لتتعرفي أكثر عليها، ولعل ظروفه التي لم تحدثينا عنها أثرت عليه في علاقته بالأنثى من الأساس فهو لا يقوى على أن يدخل معها في علاقة عميقة حتى وإن أعطاه الله الوجه الحسن والذكاء في التعامل والقدرة على جذب الأنظار والذي يجعل الفتيات يحُمن حوله.

لن أطيل في حديثي حول هستيريته وإن كانت واضحة لي، ولكنني سأحدثك حديث العقل الذي يجب أن يعلو على صوت القلب الآن، فهو يتحدث عن الرومانسية ولا يمارسها على المستوى العملي، يزعم أنه يحترم المرأة وهو لا يقوى حتى على سماعك أو احترام همومك ولا أقول مشاركتك، يختلف معك في القضايا العامة ووجهة النظر فيها بل ويطلب منك تزييف موقفك الحقيقي كما حدث في موقف الثورة ومشاركتك فيها، فلماذا ترتبطين به؟، هل لأنه وسيم وتمنته فتيات كثيرات ولكنه جاءك أنت؟، أم لأنه ذا مروءة مع أهله رغم شعورك بأن هذا سيكون سبباً في ضيقك؟، أم لأنه يقول دون أن يترجم عملياً أنه يحبك ومنذ زمن؟.

هو شخص غارق في حياته الخارجية بجدارة، تعود على أن يكون كالفراشة ينتقل هنا وهناك ويحبب فيه الجميع دون أن يتورط في علاقات جادة أو حقيقية تحتاج لجهد وعطاء على المستوى النفسي أو الوجداني، فأين تذهبين بعد الزواج منه؟، من سيعطيك الاهتمام بتفاصيل شخصيتك واهتماماتك وهمومك ومشاعرك غيره؟

هو كما ترينه الآن ولا يدخر لك مفاجأة اسمها “التغيير” بسبب مروره بتجربة الزواج، فهو لن يتغير إلا إذا رأى هو ذلك وأراده، فلتكوني صادقة مع نفسك أكثر لتأخذي القرار الأنسب، فهو ذلك الشخص السطحي الصامت الغارق في التواصل الخارجي أكثر من تواصله مع نفسه أو مع شخص قريب كمن ستصبح زوجة له.

فلا تجعلي الضغوط الوهمية تغلب حقيقة الأمر بينكما؛ كارتباطك بحالة الحب أكثر من ارتباطك بشخصه، أو كونه رجل مسئول أو غيره، فالاختيار المناسب يحتاج لثلاثة أمور معاً ليكون صحيحاً، القبول، التكافؤ-النفسي، الفكري، الاجتماعي، المالي،..الخ-، والأخلاق، أراحك الله من الحيرة ووفقك يا ابنتي.

⇐ هنا أيضًا نجد بعض الصفحات المفيدة:

⇐ أجابتها: أميرة بدران

أضف تعليق

error: