خطبة: فضائل سورة الإخلاص العظيمة – مكتوبة كاملة & بالعناصر

خطبة: فضائل سورة الإخلاص العظيمة – مكتوبة كاملة & بالعناصر

عناصر الخطبة

  • توضيح أهمية سورة الإخلاص وفضلها في القرآن.
  • التأكيد على أهمية تدبر وتأمل معاني القرآن.
  • تفسير مختصر لمعاني سورة الإخلاص.
  • الدعاء لأهل غزة وفلسطين بالنصر والرحمة.
  • التضرع بقراءة القرآن.

مقدمة الخطبة

إن الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}.

الخطبة الأولى

عباد الله، أنزل الله تعالى القرآن الكريم على رسوله محمد ﷺ هادياً ومرشداً، يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات بأن لهم من الله أجراً عظيماً، وجعل لبعض سور القرآن الكريم وآياته فضيلة خاصة، ومن أهم السور العظيمة التي جعل الله تعالى لها مزيد فضل في القرآن الكريم سورة الإخلاص.

  1. سورة الإخلاص هي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}سورة الإخلاص: الآية 1،4. وسميت سورة (الإخلاص) لأن موضوعها الله فقط، ولم تطرق أي موضوع آخر.
  2. وسورة الإخلاص والشهادتان تحوي عقيدة المسلمين الأولى لأن سورة الإخلاص تصف ما يمكن أن يعرف عن الذات الإلهية، والشهادتان تنفي الشرك بالله تعالى.
  3. وهي السورة الوحيدة التي فيها اسم الله (الصمد) واسمه تعالى (أحد). ومعنى (الصمد): هو السند الذي يُقْصَد في جميع الأمور والحوائج. ومعنى (الأحد): هو المفرد الذي لا شبيه ولا عدل له ولا نظير وليس كمثله شيء. وروى أحمد والترمذي أن رسول الله ﷺ قال: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لقد سألَ اللَّهَ باسمِهِ الأعظمِ الَّذي إذا دُعِيَ بِهِ أجابَ، وإذا سُئِلَ بِهِ أعطى).
  4. إن سورة الإخلاص تنفي جميع أنواع النقص. قال الفخر الرازي: (نفى الله تعالى عن ذاته أنواع الكثرة بقوله: {أَحَدٌ} ونفى النقص والمغلوبية بلفظ {الصمد}، ونفى المعلولية والعلية بـ{لم يلد ولم يولد}، ونفى الأضداد والأنداد بقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}).
  5. روى البخاري ومسلم أن رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قال عنها: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ).
  6. وروى الدارمي أن رسول الله ﷺ قال: (مَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عَشْرَ مَرَّاتٍ بُنِىَ لَهُ بِهَا قَصْرٌ في الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَها عِشْرِينَ مَرَّةً بُنِىَ لَهُ بِهَا قَصْرَانِ في الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلاَثِينَ مَرَّةً بُنِىَ لَهُ بِهَا ثَلاَثَةُ قُصُورٍ فِى الْجَنَّةِ).
  7. وروى الطبراني أن رسول الله ﷺ قال: (من قرأ قل هو الله أحد كل يوم خمسين مرة نودي يوم القيامة من قبره قم يا مادح الله فادخل الجنة).
  8. وروى ابن النجار أن رسول الله ﷺ قال: (من قرأ قل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبه عشر مرات اوجب الله له رضوانه ومغفرته).
  9. وروى البيهقي أن رسول الله ﷺ قال: (من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة غفر الله له خطيئة خمسين عاماً ما اجتنبت خصال أربع الدماء والأموال والفروج والأشربة).
  10. وروى الترمذي أن رسول الله ﷺ قال: (من قرأ كل يوم مائتي مرة قل هو الله أحد محي عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دَيْن).
  11. وروى الرافعي أن رسول الله ﷺ قال: (من قرأ {قل هو الله أحد} ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله).
  12. وروى البخاري ومسلم أن رجلاً من الصحابة كان يقرأ في كل صلاة بقل هو الله أحد فقال النبي ﷺ: (أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ).
  13. وروى البيهقي أنه: (نزل جبرئيلُ عليهِ السلامُ فقال : يا محمدُ ! مات معاويةُ بنُ معاويةَ المزنيُّ أفتحِبُّ أن تُصلِّي عليهِ ؟ قال : نعم، قال : فضرب جبرئيلُ عليهِ السلامُ بجناحِهِ فلم تبقَ شجرةٌ ولا أَكْمَةٌ إلا تضعضعتْ، ورُفِعَ لهُ سريرُهُ حتى نظر إليهِ، وصلَّى عليهِ، وخلفَهُ صَفَّانِ من الملائكةِ كلُّ صفٍّ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لجبرئيلَ عليهِ السلامُ : يا جبرئيلُ ! بم نال هذهِ المنزلةَ ؟ فقال : بحُبِّهِ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ)، وقراءتِهِ إياها جاثيًا وذاهبًا وقائمًا وقاعدًا). فإن الله سبحانه وتعالى أمر بتلاوتها بقوله في أولها (قل).
  14. وذكر الحافظ أبو نعيم من حديث أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أن رسول الله ﷺ قال: (مَن قرَأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في مرَضِه الَّذي يموتُ فيه لَمْ يُفتَنْ في قبرِه وأمِن مِن ضَغْطةِ القبرِ وحمَلَتْه الملائكةُ يومَ القيامةِ بأكُفِّها حتَّى تُجيزَه الصِّراطَ إلى الجنَّةِ).
  15. وروى الترمذي أن رسول الله ﷺ قال: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَتُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ).
  16. وروى البخاري: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ نَفَثَ فِي كَفَّيْهِ بِـ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ جَمِيعًا ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ وَمَا بَلَغَتْ يَدَاهُ مِنْ جَسَدِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا اشْتَكَى كَانَ يَأْمُرُنِي أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ).
  17. وروى البزار أن رسول الله ﷺ قال: (إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و{قل هو الله أحد} فقد أمنت من كل شيء إلا الموت).
  18. وروى الطبراني أن رسول الله ﷺ قال: (من قرأ {قل هو الله أحد} حين يدخل منزله نفت الفقر عن أهل ذلك المنزل والجيران).
  19. وروى القاسم بن سلام عن أسماء بنت أبي بكر قالت: (من صلى الجمعة ثم قرأ بعدها {قل هو الله أحد} والمعوذتين حفظ من مجلسه ذلك إلى مثله).

وفي الختام، يقول الله سبحانه وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} سورة الأحزاب.الاية70،71. وليس في الوجود قول أكثر سداداً من سورة الإخلاص بالرغم من قصرها. فأعرضوا عن اللغو واللهو واللعب والقيل والقال وكثرة السؤال، واجعلوا ألسنتكم رطبة بسورة الإخلاص قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم، وتدبروها، واتخذوها سبيلاً إلى الله سبحانه وتعالى فتفوزوا فوزاً عظيماً إن شاء الله. والحمد لله رب العالمين

اللهم إنا نتوجه اليك في أهل غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. وارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول اليهم أو الصلاة عليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافي الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب. ونذكّر أن الصلاة على الغائب من الشهداء والذين هم تحت الأنقاض بعد الصلاة والاذكار والسنة البعدية للجمعة.

⇐ وهنا خطبة جمعة جاهزة ومكتوبة.. بعنوان: تجليات من سورة الإسراء

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ سورة آل عمران: 102.

عباد الله: اعلموا أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: “سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر”.

وفي المصائب والكرب والشدة أوصى الرسول ﷺ بدعاء الكرب وهو: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم» رَوَاه الْبُخَارِيّ. فندعو به في شدائدنا وشدائد أهل غزة وفلسطين، واعلموا أن هذا الدعاء يناجي الله تعالى في اسمه العظيم تذللاً لعظمة الله، والحليم رجاءً لحِلم الله، وربّ السموات والأرض ربّ العرش العظيم يقيناً بأن الأمر كله بيد الله، وأكثروا عند تكالب الأعداء علينا من قول (حسبنا الله ونعم الوكيل)، لأنّ الله تعالى يقول: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ آل عمران: 173،174

اعلموا عباد الله ان الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: (أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: “مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا”، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، يقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ سورة الأحزاب: الآية 43، وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ. ونقتدي بسنته في البأساء والضراء وحين البأس.

والحمد لله ربّ العالمين..

أضف تعليق

error: