خطبة: طاعة وليّ الأمر – مكتوبة

خطبة: طاعة وليّ الأمر – مكتوبة

عناصر الخطبة

  • سر قوة هذه الامة وحدة صفها وطاعتها لولي امرها.
  • قرن الله ﷻ طاعة ولي الْأَمر بطاعته وطاعة رَسُوله.
  • التصدي لدعاة الخروج على ولي الأمر واجبٌ شرعي وهو آكد في أوقات الازمات والشدائد.
  • الدعاء لولي jمرنا بالتوفيق والسداد ركيزة من ركائز المجتمع وقوته.

الخطبة الأولى

ان سر قوة هذه الأمة وحدة صفها وطاعتها لولي امرها، حتى تقوم بأمر الله وتنشر الحق والعدل والخير بين الناس، لذلك دعا الإسلام الناس إلى دين الله، وأمر بالأخوة والتعاون على البر والتقوى، وحثّ على تماسك المجتمع ووحدته، ولا يتحقق ذلك الا بالالتفاف حول قادته ودعاته من أهل العلم والصلاح ، وقد جعل الله ﷻ مفتاح النجاح والتوفيق لهذه الأمة، أن تلتزم طاعة ربها ﷻ، وتتبع أمر نبيها ﷺ، وأن يطيع أبناؤها أمر ولاة أمورهم، لقوله ﷻ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء: 59.

لقد قرن الله ﷻ طاعة ولي الْأَمر بطاعته وطاعة رَسُوله، فدلَّ ذَلك على أَن مخالفتهم فيما ليس بمعصية معصية، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.. متفق عليه.

وعلى هذا يحمل ما ورد من تعزيرات عمر رَضي الله عَنهُ مِمَّن خَالف أمره في غير معصية.

فبطاعة اولي الامر تتحقق مصالح العباد دنيوياً واخروياً، فهم باب الأمن والاستقرار للمجتمعات، وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «السُّلْطَانُ ظِلُّ اللهِ فِي الأَرْضِ، فَمَنْ أَكْرَمَهُ أَكْرَمَهُ اللهُ، وَمَنْ أَهَانَهُ أَهَانَهُ اللهُ» رَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ فِي السُّنَّةِ وَالْبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ.

وقد نهى الله ﷻ عن الفرقة والتشرذم، قال ﷻ: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) سورة آل عمران:105، وهذه الإشارة في الآية الكريمة بما تحمله من دلالات واضحة في النهي والتحذير من الفرقة والاختلاف ومن يدعو ويروج لها من أبناء جلدتنا ، والتحذير آكد في أوقات الازمات والشدائد ووجود دعاة الفتنة ، فالخروج عن طاعة ولي الأمر من الكبائر وهي خيانة لله ورسوله والأمة يقول الله ﷻ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال:27.

ويستحق فاعلها العذاب الشديد في الدنيا والاخرة؛ قال ﷻ: (انّما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة:33 لأن ولي الامر له بيعة والواجب علينا السمع والطاعة بالمعروف وفي العسر واليسر وفي السر والعلن، وبغير ذلك لا تستقيم الحياة، وتكثر الفتن وينعدم الاستقرار، فيخاف الناس على حياتهم، ولا يأمنون على دينهم، وقد أمر النبي ﷺ بالذبّ عن مقام الإمامة، والدفاع عن ولاة الأمور.

إن الذي يقرأ التاريخ يدرك قوة نسيج هذا المجتمع وتماسكه، فقد عاش في مدّ وجزر، وفي كل مرة يعود قوياً في تماسكه، ويخيب سعي الأعداء في تمزق نسيجه المتين، ونحن اليوم في بداية المئوية الثانية لبلادنا؛ فعلينا أن نجدد العزم وننطلق بحزم لتزداد اللحمة والتماسك، لنقطع نياط قلوب الأعداء الذين يتربصون بهذا البلد الدوائر، وما علموا أن الله ﷻ قد هيأ بلدنا بأمل واعد يعلمه من قرأ القرآن الكريم والحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة يدرك هذه الحقيقة التاريخية.

وبذلك يكون من حقّ ولاة الأمر علينا طاعتهم في طاعة الله وعدم الخروج عليهم، أو التعدي على مقامهم، وحفظ هيبتهم ومكانتهم، والتاريخ في الماضي والحاضر شاهد على أن الخروج على ولاة الأمر لم يكن في يوم من الأيام إلا سبباً في دمار الأمم وخراب البنيان، وسفك دم الإنسان، وهو منافٍ لمقاصد الإسلام العظيمة وقيمها النبيلة، فمن خرج عن طاعة ولي الأمر ودعا إلى عصبية أو إقليمية فقد عاد إلى عصر الجاهلية الأولى، يقول النبي ﷺ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» صحيح مسلم.

فالخروج لا يكون إلا من أصحاب الهوى المتبع، ومروجي الإشاعات، والقائمين على نشر الفتن، فيحسبون أنهم على شيء، وما هو إلا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وما اتباع هؤلاء إلا اتباع لخطوات الشيطان وأهوائه كما أخبر سبحانه في الآية الكريمة، وقد قال النبي ﷺ: «ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ: شُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ مِنَ الْخُيَلَاءِ» معجم الطبراني.

⬛️ وهنا خطبة بعنوان: حديث القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة عن الأمن – مكتوبة

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) آل عمران:102.

عباد الله: على المسلم كذلك أن لا يبخل أن يدعو لولاة الأمر بالتوفيق والسداد، قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ﷻ : إني لأدعو للخليفة بالتسديد والتوفيق بالليل والنهار وأرى ذلك واجبًا عليَّ.

ويَقُولُ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللهُ: (لَوْ أَنَّ لِي دَعْوَةً مُسْتَجَابَةً مَا جَعَلْتُهَا إِلَّا فِي السُّلْطَانِ)، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَلِيٍّ فَسِّرَ لَنَا هَذَا، قَالَ: (إِذَا جَعَلْتُهَا فِي نَفْسِي لَمْ تَعْدُنِي، وَإِذَا جَعَلْتُهَا فِي السُّلْطَانِ صَلُحَ، فَصَلُحَ بِصَلَاحِهِ العِبَادُ وَالبِلَادُ).

إن تماسك مجتمعنا والتفافه حول قيادته الذي أضحى محط الأنظار يجب المحافظة عليه وديمومته، وأن لا نغتر بأي صوت ناعق، فإن الحق أبلج والباطل لجلج.

فالثباتَ الثباتَ على طاعة الله ﷻ وطاعة رسوله ﷺ وولي الأمر منّا؛ فإذا حققنا ذلك عاش مجتمعنا متماسكاً قوياً، لا تزعزعه الرياح العاتية مهما كانت شدتها؛ لأن رسوخ التماسك كالجبال الراسخة.

ولنتذكر دعاء سيدنا يونس عليه السلام ونحافظ عليه في كل وقت وحين لنكون امة متماسكة البنيان ونتخلص من كبريائنا ( لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

والحمد لله رب العالمين..

أضف تعليق

error: