خطبة عن أهمية الصلاة في حياة المسلم «مكتوبة»

خطبة عن أهمية الصلاة في حياة المسلم

اليوم، وفي طيَّات هذه الصَّفحة تَقْرَأُونَ خطبة عن أهمية الصلاة في حياة المسلم وآخرته. والتي نوفرها لكم مُنسَّقة ومشتملة على آيات من الذكر الحكيم، وأحاديث من السنة النبوية المشرفة.

مقدمة الخطبة

الحمد لله محيي الأرواح بالإسلام، الداعي إلى دار السلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، مبلغ الرسالة ومنبع الحكمة والأحكام، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه البررة الكرام.

أما بعد، فاتقوا الله -عباد الله- فمن اتقاه نال رضاه، وقبل عمله ومسعاه {إنما يتقبل الله من المتقين}.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: مفتاح مزيد الدرجات هو الصلوات؛ فعندما ذكر الله تبارك وتعالى صفات المؤمنين افتتحها بالصلاة، فقال جل شأنه {قد أفلح المؤمنون | الذين هم في صلاتهم خاشعون | والذين هم عن اللغو معرضون | والذين هم للزكاة فاعلون | والذين هم لفروجهم حافظون | إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين | فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون | والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون}، واختتم تلك الصفات الجليلة بقوله {والذين هم على صلواتهم يحافظون}.

فالبداية الصلاة، والخاتمة الصلاة، وما كان لتلك الصفات التي توسطت بين الصفتين الجليلتين إلا أن تكون ثمرة لتلكما الصفتين؛ ولذلك كانت الصلاة عمود الدين: {فلكل شيء عمود، وعمود الدين الصلاة، وعمود الصلاة الخشوع}، وكانت  العاقبة {أولئك هم الوارثون | الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون}.

عباد الله: لما كان عمود الصلاة الخشوع، اقترن ذكرها بذكره، وعلا شأنها بتحقق وجوده، وآتت ثمرتها بحضوره، وكانت البداية الفلاح، والنهاية وراثة الفردوس، ولا يمكن أن يكون هذا المقام لغافل في صلاته، لا يعلم ما يقول؛ فإن الخشوع في الصلاة أن يعلم المصلي ما يقول.

فإذا علم ما يقول استشعر الموقف الذي يقف فيه؛ فعرف من يناجي وكيف يناجي وبماذا يناجي، وتحققت الراحة التي كان يجدها رسول الله ﷺ في الصلاة؛ فتجده يسعى إليها سعي المشتاق إلى اللقاء الذي ليس كمثله لقاء في الأولى؛ فينادي بلالا: «أرحنا بها يا بلال»، وما إن تنقضي الصلاة حتى تتولد في القلب مسارعة إلى الخيرات، يظهر أثرها في البناء والتعمير، والأخذ والعطاء.

فترى المرء ذاكرا لربه ساعيا في طلب رزقه معمرا لوطنه، وفي ذلك يكون  {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}.

يا أيها الذين آمنوا: إن الصلاة ليست تلك الحركات والسكنات والكلمات فحسب، بل هي شيء أعظم من ذلك بكثير، وما الحركات والسكنات والكلمات إلا استحضار للباطن؛ فإذا حضر الباطن تحققت الغاية من الصلاة؛ فإن الغاية الأولى من الصلاة ذكر  {وأقم الصلاة لذكري}،  ومن ذكر الله انتفى عن قلبه ما سواه؛ {ولذكر الله أكبر}.

نعم {ولذكر الله أكبر} أكبر من كل شيء؛ لأن الله خالق الشيء ومالكه، ومن كان مع الخالق والمالك وجه قلبه إليه؛ فكان قلبه كله لله، وتلاشت من قلبه الخواطر والوساوس التي تشغل عن الصلاة، ولما كانت الصلاة على هذه الحال خمس مرات في اليوم والليلة، كان صاحبها بعيدا عن الغفلة؛ لأن صلاته تنهاه عن الفحشاء والمنكر، وتلك هي الغاية الثانية للصلاة {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}، وإذا وقع له شيء من النسيان، كانت صلاته له نورا وبرهانا؛ فتذكر فإذا هو مبصر {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ﷺ، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أن حاجة الروح إلى الصلاة ضرورة لا حياة للروح إلا بها، فإن قيام الإنسان سليم الفطرة إلى الصلاة استجابة لشعور ينبعث من داخله، يجعله في شوق إلى عالم غير عالم المادة الذي يعيش فيه، إنه عالم الغيب، وما أدراك ما عالم الغيب، وهو شعور لازم الوجود بين ثنايا الروح، والذي يدعي فقدان ذلك الشعور، إنما يخادع نفسه؛ ولذلك ذكرت الصلاة مع ذلك العالم، عالم الغيب، جنبا إلى جنب؛ فقال الله جل جلاله: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة}.

ويجد الإنسان ذلك الشعور إذا وقع عليه أمر لا طاقة له به؛ فيقوم إلى الصلاة؛ مستجيبا لأمر مكونه {واستعينوا بالصبر والصلاة}، موقنا تمام الإيقان أن الله وحده هو الذي ينجيه ويجعل له مخرجا، ويكون القلب عند ذلك في أعلى درجات الخشوع، وأرقى رتب الخضوع {وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}، فتنجلي عنه تلك الغمة، ويذهب عنه كثير من ذلك الكرب، وتهدأ نفسه، ويطمئن قلبه؛ ولذلك كان النبي ﷺ إذا حزبه أمر قام إلى الصلاة.

هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم بذلك حين قال {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

الدعاء

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مرحوما، واجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما، ولا تدع فينا ولا معنا شقيا ولا محروما.

اللهم أعِز الإسلام واهد المسلمين إلى الحق، واجمع كلمتهم على الخير، واكسر شوكة الظالمين، واكتب السلام والأمن لعبادك أجمعين.

اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت سبحانك بك نستجير، وبرحمتك نستغيث ألا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أدنى من ذلك، وأصلح لنا شأننا كله يا مصلح شأن الصالحين.

اللهم ربنا احفظ أوطاننا وأعز سلطاننا وأيده بالحق وأيد به الحق يا رب العالمين، اللهم أسبغ عليه نعمتك، وأيده بنور حكمتك، وسدده بتوفيقك، واحفظه بعين رعايتك.

اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من خيرات الأرض، وبارك لنا في ثمارنا وزروعنا وكل أرزاقنا يا ذا الجلال والإكرام.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم اغفر لكل من آمن بك، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعاء.

مقترح: خطبة مفهوم العبادة في الإسلام «مكتوبة ومنسقة»


قرأتم هنا: خطبة عن أهمية الصلاة في حياة المسلم

إن إلقاء خطبة عن الصلاة وفضلها والتشديد عليها وعلى عقوبة تاركها وما لها من أثر على حياة المسلم في دنياه وأُخراه، لهو من أهم المواضيع التي يجب أن تكون في جدول الخطيب لخطب الجمعة التي يقوم بالتحضير لها كل حين.

هذه الخطب ليست فقط عن مكارم الأخلاق أو السلوكيات، رغم أهمية ذلك فعلا، إلا أنها عن الركن الثاني من أركان الإسلام، عن أحد أهم ما يفعله المؤمن في يومه من العبادة.

3 رأي حول “خطبة عن أهمية الصلاة في حياة المسلم «مكتوبة»”

أضف تعليق

error: