مشاكل سن المراهقة للأولاد.. جعلتني مكتئبة

مكتئب.. ففي بيتي مراهق

سائِلة تقول: لا أجد نفسى فعلا مستفزة من تصرفات ابني في كثير من الأمور ولكنى لا أثور عليه، فمثلا:

أولا: موضوع البنات وصحبة البنات؛ قمت بنصحة كثيرا أن هذا حرام هل ترضى لأختك أن تفعل ذلك؟ فيرد بأنه لم يضرب أحد على يده حتى تصاحبه. وأنا أكره هذا الاستهتار في تعامله مع مشاعر البشر خلاف أن هذا  السلوك حرام ولكنه لا يعبأ بالحلال والحرام ولا أعرف ماذا أفعل في هذا الموضوع ولا كيف أثنيه عنه؟

كذلك يزعجنى جدا عدم خوفه من الله، فهو يستهين إذا قلت له أن هذا السلوك سيؤدى به إلى غضب الله فيقول سوف أدخل النار بمنتهى الاستهانة، والله أخاف عليه من هذا.

كذلك هو لايريد أن يقوم بعمل أى شىء في حياته، وحاولت توجيهه لأشياء كثيرة كأن يأخذ كورسات كمبيوتر أو أنجليزى أو أن يذهب للعمل في أجازة الصيف دون جدوى وللأسف عنده ملحق في اللغة العربية ولا يذاكر أيضا فلم يعتبر بالملحق هو فقط يحضر الدرس ولا يقوم بفتح كتاب بعده، وإذا تحثت معه في هذا الأمر يقول أنا عاجبنى حياتى كده، فأقول ياابنى إن هي إلا فترة بعدها سوف تفيق من هذه المرحلة التى أنت فيها لتجد أنك لم تحقق شيئا ولست لك مستقبل فلا حياة لمن تنادى معه.

وبجد أنا تعبت كثيرا في البحث له عن شىء يمكن أن يشده ويدفعه للعمل في أى مجال أى شىء مثمر وهو لايريد. فكرت كثيرا أن أتركه لأبوه يسافر معه ولكن أعتقد أن أبوه لن يهتم بأمره كثيرا. وهو الآن على أبواب الثانوية العامه وأخشى ما أخشاه أن يضيع مستقبله، أنا لا يهمنى أن يكون طبيب أو مهندس ولكن المهم أن يكون إنسان سوى ذو فاعلية في المجتمع ولا يكون نكره. فماذا أفعل بالله عليك؟

حضرتك طلبت في المرة السابقة معرفة كيف كانت طفولته ، للأسف حال الأسرة غير مستقر منذ البداية حدثت مشاكل كثيرة لأبوه وخلافات مع شركائه الذين اتهموه بالنصب وكان كل هذا من كل جهة أمام عينية، أما عنه هو فقد حاولت كثيرا منذ طفولته إشراكه في العديد من الألعاب ولكنه كان دائما يتهرب منها ولكن مستواه الدراسى كان ممتازا حتى أتم الدراسة الابتدائية ثم أخذ في الانحدار حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وعندما سافر أبوه من حوالى 7 سنوات بدأت معاناتى في تحمل مسؤوليتهم كلها وحدى المادية والمعنوية وللأسف حتى أستطيع أن أقوم بالانفاق عليهم الأربعة كنت أعمل من الساعة 6 صباحا حتى 11 مساءا تقريبا كل يوم وأنا بالفعل أدرك أن هذا أكثر ما أدى به إلى ما هو عليه ولكن ماذا كنت أفعل وقتها كذلك كيف أصلح ما فسد؟

وجزاك الله خيرا.

الرَّد:

وهنا تقول د. دعاء راجح: بما أن هناك تحسن ما في علاقتك بابنك وفى بعض تصرفاته فلله الحمد والمنة..

شكواك مُقسَّمة إلى أمرين:

موضوع العلاقات مع  البنات

  • بالنسبة لعلاقة ابنك بالبنات واستهتاره بمشاعر الفتيات وخوفك عليه من ارتكاب الحرام واستهتاره بهذا الأمر فهذا أمر طبيعى جدا في ظل ماذكرت من طفولة مضطربة غير ناجحة وانشغالك عنه ساعات طويلة لكسب الرزق ثم صحبة سيئة تشجعه وتصور له أنه الولد (الدون جوان).
  • ابنك عزيزتي لم يشعر بالنجاح في أي نشاط قام به في حياته سواء كان النشاط رياضى أو نشاط تكنولوجى أو نشاط دراسى، والحاجة إلى الاحساس بالنجاح حاجة أساسية من حاجات الطفل.. مع تكرار عبارات الفشل واللوم وعدم الثقة شعر بأنه إنسان فاشل.. ثم لاحت له تجربة جديدة في محاولة لإثبات ذاته مع الشغف الطبيعى في التعارف على الجنس الآخر المصاحب لهذه المرحلة السنية.. لاح له أن يقوم بدور العاشق المحب.. ونجح في الايقاع بالبنات وقضاء وقت ممتع معهن.. ويبدو أنه نجح بجدارة في لعب هذا الدور وهو النجاح الوحيد الذى حققه في حياته.
  • ثم أنك تذكريه بالحرام والحلال.. وهذا خطأ كبير نقع فيه تربويا مع أبنائنا المراهقين.. عندما نهمل اهمال جسيم في غرس أركان العقيدة الصحيحة في نفوس أبنائنا منذ نعومة أظفارهم.. ونهمل تعريفهم بالله جل وعلا ونعمه علينا ورحمته بنا وحبه وحفظه لنا.. نهمل أن نغرس فيهم حب الجنة فهي هدية ربنا لنا و نزرع في قلوبهم الشوق إليها.. نهمل أن نغرس فيهم الخوف من ربنا ومن عقابه.. نهمل أن نعرفهم كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم ليحبوا الله ويحبوا كتابه و يحبوا رسوله.. نهمل جهلا أو تقصيرا..  ثم نطالبهم بالالتزام بالحلال والحرام في كبرهم.. نريد أن نجنى الثمرة ولم نغرس غرسا أو نبذر بذرا.. نريد أن نراهم ملتزمين دينيا ولم نعدهم لذلك.
  • عزيزتى من الصعب جدا أن تحاولى الآن بذر البذرة لأنه لن يستمع إليك.. فلا تملكين الآن إلا الدعاء له في أوقات الإجابة أن يهدى الله قلبه وأن يصرف عنه هذا السوء.
  • حاولى فتح حوار صريح مع ابنك واسأليه ماذا تجنى أنت من هذه العلاقات؟..بماذا تشعر؟ وما الذى تحققه لك نفسيا وعاطفيا؟.. فقد يكون أحد الأسباب هو احساسه بالحرمان العاطفى الذى من الممكن أن تعوضيه أنت بحبك وحنانك ورحمتك.

موضوع الدراسة

أما بالنسبة للمشكلة الثانية وهى المشكلة الدراسية:

  • فأنت تبذلين جهدا فائقا في العمل لتوفري له مستوى مادى لائق.. وهو لا يشعر بمعاناتك وبحجم ما تنفقين عليه من دروس ومصاريف دراسة ..و هو لا ينوى حتى وإن أكمل تعليمه أن يريحك من مصروفه بالعمل مثلا وطالما أن صنبور المال مفتوح فلم التعب ولم بذل الجهد؟ هذا ما يفكر فيه ولدك.
  • للأسف عزيزتي المشكلة تكمن فيك أنت.. لابد أن تكوني على استعداد لتقبل فشله الدراسى.. اعلم أن الأمر صعب عليك، ويزداد الأمر صعوبة مع الطلاق واحساسك بالمسئولية وحدك ولكن لابد أن تكوني على ثقة من نفسك بأنك بذلت اقصى ما تستطيعين للحفاظ على هذا البيت مفتوح فجعل الله جهدك في ميزان حسناتك.
  • اجلسى مع ابنك جلسة مصارحة.. أخبريه بظروفك المادية ومعاناتك من أجل توفير المال للأسرة وحجم الانفاق عليه.. وإن كل هذا يهون حتى أراك معتمدا على نفسك ومتحملا مسئولية نفسك، ولكنى لن أستطيع أن اتحمل هذه المسئولية أبد الدهر لأن أخواتك مع تقدمهم في المراحل الدراسية سيلحقون بك …
  • وسيكون لهم حق على أيضا.. كوني حازمة تماما مع نفسك أولا ومعه.. أنا لن أتحمل مسئولية رسوبك ماديا.. لابد أن يشعر أنك جادة في هذا الأمر وألا يشعر بضعفك وأنه من الممكن ألا تفعلي شفقة عليه.. ليس من الحكمة عزيزتى أن تتحملي مسئولية مصاريف الدروس بسبب إهماله، ومسئولية سنة دراسية جديدة بسبب استهتاره.. في بعض الأحيان نقسو على أطفالنا لمصلحتهم.. احسمى هذا الأمر مع نفسك أولا قبل أن تتحدثى مع ابنك.. وإن رغب في عدم اكمال دراسته فاطرحى عليه البحث عن وظيفة لتحمل مسئولية نفسه على الأقل.

حبيبتي اعلم أن الأمر صعب.. ولكنك جئت متأخرة.. ولكنى التمس لك كل العذر كان الله في عونك وأيدك في تربية ابنك.

وهذه المواد المفيدة من أجلكم أيضًا:

أضف تعليق

error: