قصة حب جامعية من طرف واحد: رحلة البحث عن الحبيبة المفقودة

قصة حب جامعية من طرف واحد: رحلة البحث عن الحبيبة المفقودة

«فاروق» يسأل: مشكلتي أني أحببت فتاة بسني في الجامعة، درست معي لمدة 3 أشهر تقريبا، ثم تركت الجامعة، لا أعرف أين ذهبت؟ تزوجت؟ انتقلت إلى جامعة أخرى؟ لا أعلم. أعحبني فيها جمالها وذكاؤها وصوتها، تقريبا كل شيء فيها، إلا شخصيتها؛ لأني لم أحدثها أبدا لأعرفها (لأني خفت مما قد يجر ذلك من غضب الله، ولم أرد ما يلهيني أو يلهيها عن الدراسة)، ومع ذلك سحرتني، لا أعرف كيف؟.

لقد مضى أكثر من سنة ونصف على رحيلها، وما زال حبي كما بدأ وبنفس القوة، لا أستطيع النسيان، وكلما حاولت أن أنسى ذكَرَها أحد أمامي، أو ذكّرني أي شيء آخر بها؛ فأرجع من حيث بدأت، وكأنها رحلت الآن. دعوت الله كثيرا (في كل صلاة) أن أنساها إن كانت لن تكون من نصيبي، أو ليس فيها الخير لي، لكن لم أستطع.

التفاصيل:

  1. بدأ حبي لهذه الفتاة عندما كنت أمازح ذات مرة أحد الدكاترة في الجامعة، وقلت شيئا، فضحكنا، ورأيت ضحكتها، فذهلت لرؤيتي ضحكة بهذا الجمال، فنظرت أخرى (لا أعرف لماذا؟ ربما لأبتلي نفسي بهذا)، فضحكت ضحكة أخف، ودون وعي أخذت أتبع النظرات بأخرى؛ حتى لاحظت بعضها وغفلت عن أخرى (أول خطأ: النظر).
  2. في اليوم التالي وعندما مررت (صدفة) من أمامها مع إحدى صديقاتها، رأيتها تحدثها وعلامات انزعاج بادية عليها، ثم نظر الاثنتان نحوي، فعلمت أنها متضايقة، وقلت أنسى الموضوع، ولكن لم أستطع نسيانها وظللت أنظر دون أن تشعر هي بي. مع أنه في وقت لاحق ذاك اليوم أخبرني أحد الأصدقاء شيئا أخبرته به عن امتحان، وأشار إليها وهي خلفي، فنظرت لأرى إلى ما يشير؛ فكانت هي وضحكت، تابعت طريقي وكأن شيئا لم يكن.
  3. وبعد فترة لاحظت أنها بدأت تهتم بنظراتي؛ فبدأت أحاول أن أظهر أني غير مهتم حتى لا أجعلها تذكرني، حتى جاء ذات يوم رأيت عينيها صدفة وأنا داخل إلى محاضرة تجمعني معها بحكم التخصص، فذهلني جمالهما، فكنت أفكر فيها وعينيها طوال تلك المحاضرة، وعند انتهائها أخذت أنظر إليها، وأطلت في ذلك فانتبهت وأخذنا ننظر لبعضنا، وشعرت كأننا لوحدنا في هذا العالم، ولم أعد أشعر بما حولي من الناس والأشياء.
  4. ذات مرة كانت تجلس مع صديقاتها في مكان يعرف عنه الاختلاط المحرم يقع في وسط الجامعة، وعندما رأيتها تضايقت، وبدا ذلك على وجهي فانحرجت، وعندما مررت وجدتها قد تركت ذاك المكان وعادت إلى المكان الذي اعتادت الجلوس فيه.

كلما تذكرت الذكريات (1 3 4)، أذكر كل التفاصيل وكل ما شعرت به يومها، فأشعر بأسى شديد، واشتياق لرؤيتها حتى لو دفعت حياتي ثمنا لذلك، من لي بهذا؟ لا أعلم، أكتب هذه السطور الأخيرة والدموع في عيني، لم أخبر أحدا إلا أمي في بداية الأمر، فقالت: “خلص دراستك ومن عيوني”، وبعد فترة أخبرتها أني نسيتها حتى لا أؤلمها بآلامي. وأخبرت أحد أصدقائي من خارج الجامعة لأنه لا يعرفها ولم أخبر غيرهما.

أخاف أن أكون قد آذيت حبيبتي بحبي لها من جهة وأنها تفكر بي كما أفكر بها فأحزن، ثم أقول: لعلها أرادت أن ترى ماذا أفعل بنظراتي البلهاء، وتتسلى فأحزن أكثر. لا أعلم.

أصبحت أراها في النوافذ، في المرايا، في الأثاث، في أوجه الفتيات، تسير مع صديقاتها وهي ليست معهن، تجلس معهن، تحدثهن، تمازحهن، وتضحك معهن، في شاشة الجهاز؛ لعلي جُننت! لا أعلم.

لعله وهم أو جنون أو أي شيء، عندما أذكرها أسعد بالرغم من الدموع في عيني، أرجح الجنون، الأغلب أني جننت.

أحيانا أشعر أني تركتها طاعة لله وما قد يجره ذلك من معاصٍ تبدأ بالكلمة لا شيء فيها، وأحيانا أشعر بأني تركتها لخجلي من الحديث معها (فقد كنت أحاول أن أفكر في أسباب للحديث معها، ثم عندما أقترب لا أفعل) فإن كانت الأولى فلو حصل ورجع بي الزمن لأغير ما فعلت وما غيرت، ولكن إن كانت الأخرى فهي مصيبة، وأكون قد خسرت أجر الآخرة وتعذبت من دون أجر ولا فائدة.

الحمد لله دراستي لم تتأثر ولم يظهر علي شيء.

الإجابـة

من الجميل أن يتمتع الإنسان برهافة الحس، وهذا ما يتوافر لديك بشكل واضح، ولكن اسمح لي أن أضيف أنه من الأجمل أن تعمل رهافة الحس لصالحك لا أن تؤذيك..

فالإنسان المرهف الحس يستطيع أن يتذوق ويستمتع بالجمال في الكون كله وباختلاف مظاهره وهذا شيء جيد للغاية، أما الجانب السيئ في رهافة الحس فيتمثل في الإغراق في الرومانسية والمبالغة في اجترار الألم، فضلا عن العيش في أَسْر تجربة الحب..

والحقيقة أنك لم تتعرض لتجربة حب حقيقية، بل لعله كان إعجابا نما وتزايد بداخلك؛ فالحب يحدث بعد تعارف حقيقي بين الطرفين ورؤية عيوب ومزايا الطرف الآخر، وحدوث تفاهم ورغبة مشتركة في إكمال مسيرة الحياة معا؛ وهو ما لا يتوافر في تجربتك؛ إذ اقتصر الأمر على مجرد تبادل لبعض النظرات، وإعجابك بجمالها وصوتها وذكائها -كما ذكرت- مع أن الذكاء لا يبدو إلا من خلال التعامل مع الإنسان، ومعرفة كيفية تواصله مع الآخرين، والتوغل في نظرته إلى الأمور، وفهم نوعية تفكيره، وما إلى ذلك من الأمور التي لم يتيسر لك التعرف عليها..

ومن هنا فإنك لم تحب هذه الفتاة حبا حقيقيا؛ بل لعله حب صامت من طرف واحد، وإن كانت قد بادلتك الإعجاب، لكن الأمر لم يتطور، وغادرت هي الجامعة، ونثق أنها إن تذكرتك فلن تسخر مما حدث؛ بل سيكون ذكرى لطيفة، وليس أكثر من ذلك؛ وهو ما نتمنى أن تصل إليه أنت أيضا، وأن تكف عن الدعاء بالنسيان في كل صلاة؛ لأن هذا الدعاء يعزز تفكيرك فيها، وكلما تتذكرها اكتفِ بالابتسام للذكرى، وادعُ الله -عز وجل- أن يعوضكما خيرا عن بعضكما البعض، وتذكر أن الحياة جميلة، وليس من الحكمة إهدار ولو ثوان من عمرك في التفكير في تجربة انتهت منذ عام ونصف العام، وستقابل فتيات أخريات؛ ففي الحياة متسع للحب الطاهر الذي يقود إلى الزواج؛ فلا تنظر للحياة من ثقب الباب؛ مما يضيق الرؤية أمام وجهك، ويجعلك تجعل الحياة صعبة وشاقة بدون مبرر..

ونرجو ألا تندم لأنك لم تحادثها طاعة لله؛ ففي ذلك الأجر العظيم إن شاء الله، أما إذا كنت لم تكلمها بسبب الخجل أيضا؛ فنرجو ألا تندم أيضا، وأن تتذكر أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، كما جاء في الحديث الشريف، وأنها لو كانت من نصيبك لتغلبت على خجلك. ونتمنى أن تستفيد من هذا الموقف بضرورة وضع الأمور في حجمها الطبيعي، وعدم ترك مشاعر الإعجاب تنمو بداخلك، وتتضخم بعيدا عن سيطرة عقلك، وأن تسعى للتعارف الجاد المحترم على الفتاة، ليس بغرض التسلية أو لاستغلالها عاطفيا، ولكن بهدف التأكد من أنها تستحق مشاعرك، وأن وراء إعجابك الظاهري بالجمال والضحكات المتزايدة المزيد من الصفات الشخصية التي تحلم بتوافرها في فتاة أحلامك، والتي ستتزوجها، وستحمل اسمك، وتصبح أما لأولادك؛ فهي الأهم والأبقى من الصفات الشكلية.

وندعو لك بأن تنتزع نفسك -فورا- من توهم الحب الذي يدل بالإضافة على رهافة حسك إلى شعورك بالحرمان العاطفي الذي قد يكون الدافع إلى استمرارك في تغذية مشاعرك نحوها، رغم رحيلها منذ فترة طويلة، وربما يكون ذلك بسبب استمتاعك بالشعور بأن هناك قصة حب في حياتك، وإن كانت متوهمة؛ فقد يمنحك ذلك شعورا بالسعادة كما ذكرت، لكننا نذكرك بأن الحب الناضج هو الحب الذي يمنح صاحبه سعادة دون ألم، وهو الذي يكون متبادلا بين الطرفين..

لذا نرجو كلما هاجمتك الذكريات أن تبتسم ولا تحاول طردها، ولا تستسلم لها أيضا، ولكن فقط ردد لنفسك: كانت تجربة وانتهت، وما سيأتي هو الأفضل، وسأكون أكثر استعدادا عاطفيا وماديا لإقامة ارتباط عاطفي ينتهي بالزواج، ولن أسمح لنفسي بأي خسائر دينية أو دنيوية..

⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:

⇐ أجابتها: أ. نجلاء محفوظ

أضف تعليق

error: