في حيرة.. هل أخبر زوجتي الأولى بزواجي الثاني؟

في حيرة.. هل أخبر زوجتي الأولى بزواجي الثاني؟

«خالد» يسأل: أنا شاب عمري 37 سنة، أعمل في التجارة، وأملك شركة خاصة في إحدى دول شرق آسيا، وأنا مغترب منذ أكثر من عشرين عاما .. والحمد لله .. طيلة فترة غربتي أكرمني الله بقلب محب للدين، مقيم لحدوده، وقد تزوجت من فتاة أسلمت من ذات البلد التي أقيم بها، وقد حسن إسلامها والتزامها حتى أسلم على يدها أحد إخوتها، وحسن إسلامه والتزامه -بفضل الله ﷻ-، وقد رُزقت منها بولد وبنت؛ عمر البنت عشر سنوات، والولد ست سنوات، وعلاقتي بزوجتي جيدة جدا، وهي تحبني وتحترمني وتحافظ على أموالي وأولادي، وفهمها لأمور الدين والإيمان يزيد يوما عن يوم، علما بأنها تخرجت في الجامعة التي كنت أدرس بها.

المشكلة بدأت قبل ثلاث سنوات تقريبا حين اقتنعت زوجتي بضرورة وأهمية تعليم الأولاد اللغة العربية والإسلام وأصوله وعاداته وتقاليده في موطني الأصلي؛ وذلك لعدم توافر أية مدارس إسلامية أو عربية في البلد الذي نقطن به، علما بأن المدارس في البلد الذي نقطن به حاليا تُدرس الأطفال منذ الصغر نظريات الإلحاد وعدم وجود خالق والإباحية، ناهيك عن اللغة؛ ففي ظِلِّ هذه الظروف وجدنا ضرورة التضحية من أجل تعليم وتربية الأولاد، وتمَّ الاتفاق على أن يعيشوا في بلدي، ووفرت لهم بيتا مستقلا وحياة كريمة في ظل ظروف ممتازة، واستمر الوضع كما اتفقنا، وكنت أزورهم كل شهرين مرة واحدة، وفي الإجازة الصيفية كانوا يقضون وقتهم معي في بلد العمل…

بدأت معاناتي الشديدة بعد مغادرة الأهل لي بفترة قصيرة جدا، ولم أكن أعلم بأنني سألاقي ما لاقيت من العنت؛ فقد عرفت حقيقة نفسي بأنني لا يمكنني العيش بدون وجود امرأة بجانبي، تعيش معي، وقد صبرت أحيانا، وتعذبت كثيرا، وكان كل ذلك من أجل الأولاد، واستمرت تلك الحال لمدة سنتين أو أكثر، عانيت فيها ما عانيت؛ ولعلمي أن زوجتي كانت تعاني أيضا، وتتعب في تربية الأولاد، وتحمل مسؤولية البيت طيلة فترة غيابي؛ فقد كان ذلك من أهمِّ الدوافع التي جعلتني أدافع همومي وخواطري وتفكيري في النساء، وفي السنة الثالثة بدأت أشعر بالانهيار وعدم التركيز في أي عمل؛ لكثرة المتناقضات التي كانت تراودني كل لحظة؛ فمن ناحيةٍ التزامي الديني والخلقي والأدبي لا يسمح لي بالانغماس في الشهوات ومقارفة الزنا والآثام مع كل المغريات والكاسيات العاريات، وتوافر كل ما يحلو لمن لا يهتم بدين أو خلق كريم، ومن ناحية أخرى متاعبي النفسية وإحساسي بعظم حاجتي لامرأة تكون بجانبي.

أختصر حديثي، فأقول: كان من ضمن العاملين بشركتي فتاة غير مسلمة، عمرها 23 سنة، عملت معي لأكثر من سنتين، عرفت -بحكم عملها بالشركة- أخلاقها وعِفَّتها وتميزها عن أخريات في سنها في هذه البلد، علما بأنها ليست جميلة، وقد عرضت عليها الإسلام منذ سنة، وبفضل الله ﷻ دخلت الإسلام، وحَسُن إسلامها بشكل فاجأني، وسُررت جدا من عملها والتزامها بالإسلام؛ من صلاة وصيام ولباس شرعي، ولم يمضِ على ذلك سوى فترة قصيرة حتى أقنعت نفسي بوجود الفرج مع خوفي الشديد وشعوري بميل شديد لهذه الفتاة، ودون تردد طويل عرضت على الفتاة فكرة الزواج مني سرا لفترة معينة، إلى أن أستطيع مفاتحة زوجتي بمتاعبي وحاجتي لزوجة ثانية، وقد وافقت على ذلك، وتزوجنا، ونحن على ذلك منذ أكثر من أربعة شهور…

حاليا زوجتي الأولى تحلم أحلاما غريبة تفسرها بأنني قريبا سأتزوج من فتاة ثانية، وهذه الهواجس بدأت تُنغص عليها معيشتها أحيانا، وبدأت أشعر بتأنيب الضمير وضرورة إعلامها بما قمت به بالسرعة الممكنة.

ما يمنعني هو خوفي الشديد على أسرتي؛ فأنا أحب زوجتي الأولى، وأحترمها، وأقدر لها مشاعرها، وأحب أولادي، وأخشى ما أخشاه أن لن تتقبل وجود زوجة ثانية لي؛ فأدمر بيتي وأسرتي بنفسي، وهذا ما ينغص علي معيشتي حاليا، وأنا أعلم تمام العلم، وأثق بأنني قادر على الموازنة والعدل بين زوجتيَّ الاثنتين، علما بأن زوجتي الثانية مقدرة ظروفي، وهي مستعدة للتعاون معي بأية طريقة للحفاظ على أسرتي، ولكنني في نفس الوقت أشعر بعظم وأهمية وجود زوجتي الثانية بجانبي، وبدأت أشعر بأنني مسؤول عنها -بشكل أو بآخر- بحكم كونها زوجتي وكونها مسلمة جديدة، حاولت بأكثر من طريقة غير مباشرة معرفة مشاعر ورأي زوجتي الأولى من زواجي من ثانية؛ فكانت تُبدي صدودها وعدم اقتناعها بفكرة التعدد نهائيا، واستعدادها النفسي لهدم كل ما بُني لو واجهت مثل هذا الأمر يوما ما.

أفيدوني، أكرمكم الله، وقدموا لي النصيحة خالصة لوجهه الكريم؛ فأنا في حيرة من أمري: هل أخبر زوجتي الأولى بهذا الأمر أم أستمر على هذه الحال في السر؟ علما أنني أفكر حاليا في انتظار قدوم موسم الحج لهذا العام لأحج مع زوجتي الأولى، وأفكر في أن أصارحها بما عانيت وبما عملت، وذلك أثناء وجودنا في بيت الله الحرام، عسى أن تكون تلك الأجواء الروحانية عاملا مساعدا لها لتقبل ما قمت به من عمل، وتساعدني في أن تبقى أسرتنا، وتستمر على الحب وطاعة الله تعالى، على قاعدة “أنني ما تزوجت الثانية، ولا قمت بهذا العمل إلا لأستعف من الحرام، وليس لاستبدال الثانية مكان الأولى ” … والله شاهد على ذلك.

الإجابـة

زوجتك الأولى في موطنك الأصلي مع أولادها، وزوجتك الثانية في موطن عملك، وهي مستعدة للتعاون معك بأية طريقة للحفاظ على أسرتك، ونحن لم نفهم ما معنى أن يكون الزواج سرا ؟ –ألا يعلم المحيطون بكم بأمر زواجكما ؟

المهم إذا توافرت الشروط الشرعية لزواجك الثاني؛ بحيث لا يكون زواجا باطلا فإننا نسألك: لماذا تريد أن تخبر زوجتك الأولى بأمر زواجك؟ ما هي المصلحة التي ستحصل عليها من ذلك؟ هل لمجرد الأحلام والكوابيس التي تراها تريد أن تخبرها؟ إنك تذهب إليها في الإجازات بطريقة منتظمة، والزوجة الثانية راضية بوضعها؛ فأين المشكلة؟

إن مسألة إخبار الزوجة الأولى بالزواج الثاني ليست شرطا أو مسألة شرعية لازمة، إنها محل خلاف بين الفقهاء؛ فلماذا الرغبة في الإخبار إذا كانت الأمور يمكن أن تسير بغير ذلك، فكل واحدة في بلد، المهم أن تراعي القواعد الشرعية في العدل وإعطاء كل واحدة حقها، وأن تطيل مدة إقامتك مع زوجتك الأولى، وأن توفر لها كل الأسباب من أجل تربية أولادها؛ لأنها تحملت الغربة عن وطنها حبا في أولادها ورغبة في إرضائك من أجل أن يتعلم الأولاد لغتهم الأصلية.

إننا لا نطلب منك الهروب من المواجهة، ولكن نسألك أن توضح أسبابها ولا تلجأ إليها إلا إذا كانت نتائجها محسوبة، إن الاختيار لك، ولكن يجب أن تحسب لكل اختيار إيجابياته وسلبياته، وإذا كان هناك اختيار يمكنك من تجنب أكبر قدر من السلبيات؛ فلماذا لا تختاره؟!

لا يوجد حل بدون سلبيات؛ فاحسب أمورك، واعلم أن لكل اختيار نتائجه التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها. لقد اخترت أن تتزوج الثانية تقديما لمصلحة أبنائك على عودة زوجتك الأولى واستقرارك؛ فيجب أن تتحمل نتيجة هذا الاختيار، قد يكون التأجيل حلا مؤقتًا، وقد يصبح حلا نهائيا إذا كان أولادك وزوجتك سيستقرون نهائيا في بلدك الأصلي؛ فضع كل الاحتمالات أمامك…

وما نود قوله لك: إنه لا يوجد حل واحد، ولكن حلول كثيرة، ولا يوجد حل كامل، ولكن يوجد حل تستطيع التعامل مع سلبياته أكثر، فاختر لنفسك، وتابعنا بأخبارك.

⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:

⇐ أجابها: د. عمرو أبو خليل

أضف تعليق

error: