طبيب حديث التخرج: الارتباط أم الاستقلال؟

طبيب حديث التخرج: الارتباط أم الاستقلال؟

«محمد» يسأل: في الواقع أظن أن مشكلتي متكررة، ولكن أسردها هنا من وجهة نظر أخرى؛ فأنا طبيب حديث التخرج، ولي في بلدي وظيفة بسلك التدريس بالجامعة، وأريد الارتباط خوفا من الفتنة مع العلم بقدرة أهلي المادية، ولكنني أخاف أن أظل معتمدًا عليهم، وأيضا أن أتعطل عن دراساتي العليا..

أفيدوني يرحمكم الله.

الإجابـة

نحن كما نقول دائمًا على صفحتنا لا نختار لأحد ولكننا ننير الطريق، ونبحث كل الأسباب حتى نعينك على اتخاذ قرارك. لا يوجد قرار صحيح، ولكن يوجد القرار الذي يناسبني، يناسب قدراتي ويناسب ظروفي.. ولا يوجد قرار بغير سلبيات، ولكنني أختار السلبيات التي تناسبني والتي أستطيع التكيف معها.

وفي أمر الزواج جعل الفقهاء أمره تجري عليه كل الأحكام؛ فهو في حق البعض واجب وفرض لمن كان قادرًا على الزواج ويخشى على نفسه الفتنة والوقوع في الزنا، وكان في حق الآخرين مستحبا لمن كان قادرًا على الزواج، ولكنه يستطيع السيطرة على نفسه، وفي حق البعض مكروه لمن يستطيع السيطرة على نفسه، ولكن الزواج سيعطله عن طلب العلم أو ما شابه ذلك، وكان في حق بعضهم حراما لمن كان عاجزًا جنسيًّا عن القيام بواجبات الزواج.

وتقدير هذا الأمر لا يستطيعه إلا صاحب الشأن؛ فأنت لديك عدة اعتبارات متعارضة، وهي خوفك من وقوعك في الفتنة، وخوفك من اعتمادك المستمر على أهلك، وخوفك من تعطل دراستك نتيجة للزواج.

إنك الذي تستطيع تقدير مدى خوفك من الفتنة، خاصة أنك ستصبح من الذين يحتكون بمختلف الأشكال والأصناف من البنات والنساء بحكم عملك.

وأما الخوف من الاعتماد على الأهل فإنك بطبيعة عملك ستكبر ويكبر دخلك وستجد نفسك بصورة طبيعية تدريجية مستقلا عن الأهل، والمهم أن يكون ذلك من أهدافك ولا تستمرئ وضع المساعدة.

وأما الدراسات العليا فأنت بحكم تعيينك في سلك الجامعة لن يكون لك اختيار في ذلك، وستجد نفسك مجبرًا على التحضير والمذاكرة وإلا ضاعت فرصتك في التعيين.

إن الزواج للبعض يكون مصدر استقرار وقدرة أكثر على التحصيل والدراسة وتحقيق الأهداف، لا يوجد نموذج معين يمكن الاحتذاء به؛ فكل الحلول صحيحة، ولكن الحل الأصح هو الذي يناسبني.. قد أكون من الذين لا يستطيعون الجمع بين انشغالين الدراسة والزواج، قد أكون مستطيعًا لتجنب الفتنة والسيطرة على نفس حتى الانتهاء من دراستي، ولكن متى ستنتهي دراستك.. إن مثلك لن تنقطع دراسته بحكم وظيفته، فهل ستنتظر المعاش؟

إننا لسنا ضد أو مع ولكننا نضع أمامك كل الحقائق، أنت الأدرى بقدرتك على الصبر بغير زواج وقدرتك على الدراسة مع انشغالات الزواج. ضع كل الاختيارات أمامك، واحسب أي سلبيات تتعايش معها.. سلبيات العزوبية أم الزواج، واستخر الله.. ونحن معك.

⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:

أجابها: عمرو أبو خليل

أضف تعليق

error: