هل تخطب الفتاة لنفسها؟

هل تخطب الفتاة لنفسها؟

تفاصيل الاستشارة: مشكلتي تتلخص في أني أبلغ الآن الثلاثين من عمري.. ملتزمة ولم أتزوج بعد، ظروفي المحيطة لم تساعد على ذلك، فحاليا ليس لدينا مثلا جيران، أو أحد من معارفنا الذين هم قليلوا العدد، ولا من أقربائنا من قد يكون مناسبا للزواج.. وإخواني الذين هم عديدون ونعيش معا في أسره سعيدة مستقرة.. ولكن ليس أي منهم -اعني إخواني ولا والدي- يبذلون جهدا حقيقيا في البحث أو محاولة إيجاد شخص مناسب، ليس لديهم علاقات اجتماعيه فهي محدودة وفي نطاق ضيق.

بالنسبة لي أنا أعمل في مكان مختلط منذ أكثر من عشر سنين، واشعر الآن أنني بدأت في تعدي الخط الأحمر.. وبدأ العد التنازلي واخشى من أن أكون وحيدة بعد مدة من الزمن، احتاج بشدة إلى المشورة.

فإني على علم بشخص منذ مدة لي معه علاقة رسمية، في حدود تخليص معاملات لي، حيث يعمل في البنك، رأيت منه حسن الخلق والدين، وقد قرأت الطرح في موقعكم عن فكرة أن تخطب الفتاة لنفسها، ويكون ذلك عن طريق وسيط للتلميح كفعل السيدة خديجة -رضي الله عنها-.

أنا لا املك وسيطا في ذلك، ولكني املك التواصل المباشر معه، عندنا من التوافق المادي والديني وأظن الفكري أيضا، محتارة لا أريد أن أضيع ما قد يكون فرصة ممكن أن اصنعها بنفسي، وأيضا لا أريد أن ارتكب حماقة أو ما قد يقلل من شأني بعد بلوغي عمري هذا، فلست مراهقة ولكني ابحث عن السكن والسكينة، لا أريد أن أبلغ الأربعين واتذكر أنه كانت هناك فرصة ممكن أن اصنعها. احتاج للمشورة بشده جزاكم الله خيرا.

الإجابة

عزيزتي الواقفة فوق الخط الأحمر.. هكذا أراك لم تعبري الخط الأحمر بعد.. ولكن أنت على الحدود، فالثلاثينات هي متوسط سن الزواج بالنسبة للنساء في الوقت الحاضر.. وأصبح متوسط سن الزواج في الرجال بين الخامسة والثلاثين والأربعين.. ولكن على كل الأحوال دعك من كل الخطوط والألوان.. فهي حدود وأطر يضعها المجتمع والأهم منها هو تلبية احتياجك الشخصي للسكن والسكينة على حد قولك.

أعجبني إداركك لواقعك الشخصي ودراستك للفرص والإمكانات.. بل وفهمك لاحتياجاتك وهذا كله دليل على نضجك.. وأقلقتني نبرة الخوف من نظرة المجتمع وكأن هذا هو الدافع الأهم للزواج وبسرعة حتى، وإن كان من الشخص الغير مناسب أو بالأسلوب الغير مناسب حتى تسلمي من أذى عيون وألسنة لا ترحم.. رغم أني أعلم أنك قادرة على التعامل مع هذه الضغوط وتقليل أثرها ليصبح حكمك واختيارك لمن ترتبطي أكثر حكمة وتوفيق.

يا عزيزتي.. سألت سؤالا هاما جدا وناضج جدا “هل ممكن أن أصنع لنفسي فرصة وأتقدم بشكل مباشر لمن أعتقد إنه يصلح كزوج لي ؟”

في رأيي رغم كل ما مرت بشخصية الرجل العربي من تغيرات أنعكست على أفكاره ودواره في الأسرة وتجاه الزوجة والشريكة وتجاه الأبناء.. سواء كانت هذه التغيرات إيجابية أو سلبية.. إلا أن الرجل الشرقي مازال هو الرجل الشرقي عند التفكير في الارتباط.. يشعر بالحرج والضيق من فكرة أن تطلبه للزواج فتاة ويرفض الفكرة كليا.. ويعتبر فيها انتقاص من رجولته ودليل على الجرأة الزائدة من طرفها، ويعتقد أنها بعد الزواج ستهدد قوامته عليها وستصبح هي رجل البيت !! أو يعتقد أنه هذه العروس بها عيبا قادحا وبالتالي يرفضها، وربما تقل في نظره وإذا تزوجها يقل تقديره لها فهي – من وجهة نظره- سهلة الزواج.. وسهل الزواج عليها.. وربما سهل طلاقها.. ولا يشفع في هذه الحالة معرفته لها ولأخلاقها أو طباعها ودينها.. وحتى إذا كان يفكر فيها من قبل وسبقته هي بطلبها للزواج فغالبا ما يعيد التفكير.. مع العلم أن لكل قاعدة شواذ.. فقليل من الرجال من يقبل ويتفهم ويحترم هذا الطلب المباشر الراقي البسيط.. مع العلم أنه حق مشروع جدا ومحترم جدا.. هذا اعتقادي وارحب بمن له تجربة مختلفة ليشاركنا بها.

ولكني معك قلبا وقالبا من حقك الكلي الزواج وطلب من ترضيه، وفي حالة غياب الوسيط أصبح من الضروري إيجاد حلول بديلة تعتمد على فن صناعة فرصة للزواج.. وهو فن فطري بالمناسبة… فالفرص لا تأتي من الريح ولكن يصنعها أصحابها وفي حالتك يمكنك:

• لفت نظري أنك تعملي في مكان منذ عشرة أعوام ولم يتقدم لك أحد.. فكيف هي علاقتك بزملاء وزميلات العمل المختلط.. فربما تكوني في شركة مختلطة ولكنك منغلقة على نفسك لا تدخلي في حوار مع الآخرين من أي نوع، تذكري أنا هنا أتحدث عن الزمالة لا عن الصداقة..أعني حوار ونقاش في شأن العمل والاهتمام العام والأنشطة العامة داخل المؤسسة التي تعملي بها، فهذا الحوار يخلق فرصة ليعرف من حولك نبذة عن شخصيتك وعقلك ولتتعرفي على المحيطين أكثر ويتيح لك فرصا أكثر.

• المشاركة في جمعيات وأنشطة تطوعية كثيرة بجانب العمل جزء من فن صناعة الفرص.

• الاستعانة بأخ أو صديقة أمينة.. ربما لا يوجد وسيط ولكن ما المانع من خلق وسيط.. ممن تلتقي به من أصدقائك عرفيه على الشاب من باب العمل أيضا ويبقى أن يقوم هذا الوسيط بالدور المطلوب منه.. عرض فكرة الارتباط على هذا الشاب ومعرفة موقفه المبدئي.

• من فن صناعة الفرص مدرسة المناورات الخطرة.. نعم خطرة لأن كل حواء تدخل هذه المرحلة تسير على حبل رقيق مشدود، ويجب أن تعبره بسرعة وهي فترة تلفت فيها نظر وانتباه من ترغب بالزواج منه بأساليب بسيطة ودالة على اهتمامها به ببدون أن تخضع بالقول أو الفعل، ولكنها تلفت انتباه من يريد الانتباه، كالحوار عن الأحوال والطقس والحياة، كثرة التردد عليه لأسباب بسيطة، ومشاركته بعد الأخبار الشخصية البسيطة كنجاح في امتحان أو التقدم لوظيفة جديدة..ألخ

كأنها تفتح له باب للحوار وحجة لطلب الزواج ومساحة ليراها من خلالها، إذا كان عنده نية الارتباط، ولكن حتى لا تقع حواء من على الحبل لابد أن تفكر جيدا في التصرف المناسب للشخص المناسب، وأن تحرص على عدم الوقوع في مخالفة شرعية، وأهم شرط أن تكون هذه الفترة محددة وقصيرة جدا، فإذا لم يتقدم خلالها لطلبها للزواج بشكل مباشر ومن الباب، تنسحب سريعا قبل أن يقتطع الحبل، وتحدث خسائر كثيرة.

• ربما هناك الكثير من الأساليب والابتكارات في فن صناعة الفرص..وأعتقد إن هذا ما يناسبك.. ما لم يكن لديك رأي أخر.

⇐ هنا أيضًا نقرأ:

ادعو الله سبحانه وتعالى أن يوفقك ويقدر لك الخير.

وسأسعد بسماع أخبارك

أضف تعليق

error: