إدارة الأزمات.. بين الواقع والمأمول

أزمات عدة مرت بها مصر، سواء فى الماضى القريب أو البعيد، إختلفت طرق إدارتها ومعالجتها، وهو ما أدى لاختلاف النتائج سواء كانت بالإيجاب أم السلب.

وتتفاوت نتائج الأزمات نتيجة لعدم الإلمام بمفهوم إدارة الأزمات وكيفية تطبيقها وسبل ترسيخها فى المجتمعات، لذا فقد بات ضرورياً تدريس وتطبيق منهج إدارة الأزمات لدى كافة المؤسسات العامة والخاصة وتدريب قياداتها والعاملين بها على التعامل مع الأزمات حتى لا تتفاقم.

وإدارة الأزمات هى علم وفن يهتم بوضع آلية لتجنب وقوع الأزمة، وطرح خطط وتوقعات لسبل الخروج منها حال حدوثها والتحكم فى مساراتها وإتجاهاتها وتجنب سلبياتها والإستفاده من إيجابياتها.

وتعد شركة مصر للطيران مثالاً واقعياً فى تعدد أزماتها خلال المرحلة الماضية، وكيفية إدراتها التى يمكن وصفها بأنها كانت جيدة جداً أدت إلى إحتواء الغضب الشعبى المتوقع فى كل مرة.. فقد مرت الشركة بالعديد من الأزمات كان آخرها حادث سقوط الطائرة المصرية القادمة من مطار شارل ديجول في مياه البحر المتوسط.

مصر للطيران أثبتت في أزماتها، أن من يقود هذه الشركة إدارياً وإعلاميا لدية قدرة كبيرة على إحتواء الأزمات واحدة تلو الأخرى بل وتغيير مسارها إلى تعاطفاً شعبياً كبيراً بعد أن كان متوقع أن تسير الازمة فى إتجاه خارج السيطرة تماماً.

ومن هنا تأتى حتمية تدريس وتطبيق علم وفن إدارة الأزمات، وإذا كان تم تنفيذها عملياً فى “مصر للطيران” سواء بعلم متخصص أو بممارسة مهنية، فقد بات الأمر ضرورياً لتنفيذها وتطبيقها على أسس علمية سليمة.

ومن أسس فن إدارة الأزمات، يأتى دور التخطيط الجيد لها.. فمعظم الأزمات تتأزم لأنها أخطاء بشرية وإدارية وقعت بسبب غياب القاعدة التنظيمية للتخطيط فإن لم يكن لدينا خطط لمواجهة الأزمات فإن الأزمات سوف تنهي نفسها بالطريقة التي تريدها هي لا بالطريقة التي نريدها نحن..

وهنا العديد من الطرق التقليدية لإدارة الأزمات، وهي طرق قديمة، لذا من الأفضا انتهاج طرق غير تقليدية ومنها: “طريقة فرق العمل” وهي من أكثر الطرق إستخداما في الوقت الحالي حيث يتطلب الأمر وجود أكثر من خبير ومتخصص في مجالات مختلفة يتعامل كل واحد منهم على جزء من الأزمة، “طريقة الإحتياطي التعبوي للتعامل مع الأزمات” وفيها يتم تحديد مواطن الضعف ومصادر الأزمات فيتم تكوين إحتياطي تعبوي وقائي يمكن إستخدامه إذا حصلت الأزمة، “طريقة المشاركة الديمقراطية للتعامل مع الأزمات” وتعني الإفصاح عن الأزمة وعن خطورتها وكيفية التعامل معها بين الرئيس والمرؤسين بشكل شفاف وديمقراطي، “طريقة الإحتواء” أي محاصرة الأزمة في نطاق ضيق ومحدود، “طريقة تصعيد الأزمة” وتستخدم عندما تكون الأزمة غير واضحة المعالم وعندما يكون هناك تكتل عند مرحلة تكوين الأزمة فيعمد المتعامل مع الموقف، إلى تصعيد الأزمة لفك هذا التكتل وتقليل ضغط الأزمة، “طريقة تفريغ الأزمة من مضمونها” لكل أزمة مضمون معين قد يكون سياسياً أو إجتماعياً أو دينياً أو إقتصادياً أو ثقافياً أو إداريا وغيرها، ومهمة المدير هي إفقاد الأزمة لهويتها ومضمونها وبالتالي فقدان قوة الضغط لدى القوى الأزموية، “طريقة تفتيت الأزمات” وهي تحول الأزمة الكبرى إلى أزمات صغيرة مفتتة يسهل التعامل مع كل واحدة على حدى.

إن أزمة إداراتنا هو عدم تبني إدارة الأزمات وتفعيلها كأحد الحلول الجذرية والمهمة للمنظمة في العالم العربي والإسلامي إلا فيما ندر، وأيضاً عدم تأصيل العلمية المنهجية قبل وأثناء التعامل مع الأزمات.

ويجب ألا نغفل فى هذا الحديث أن نذكر بأن هناك نوعان من المنظمات: منظمات مستهدفة للأزمات وأخرى مستعدة لمواجهة الأزمات..

والسؤال.. هل منظماتنا في حال الإستعداد أم الإستهداف؟

المتابع للأحداث المتعاقبة على مجتمعاتنا يعي جيدا أنها في حال الإستهداف إلى أجل غير معلوم، الأمر الذى يؤكد حتمية تطبيق علم إدارة الازمات فى مؤسساتنا وتدريب كافة القائمين عليها على أسسها وكيفية تخطيطها للحيلولة دون وقوع أزمات وأن حدث ووقعت، فيتم السيطرة عليها قبل تفاقمها.

بقلم: لمياء كامل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top