الحلّوف والحلاليف

تمت الكتابة بواسطة:

رجل ريفي رث الهيئة يكاد من يشاهده يفهم لغة الشكوى التي تنطق من معالم وجهه الحزينة دون أن يفهم اللغة الآسيوية التي يتحدث بها. يبث الفيلم الوثائقي الذي يظهر من خلاله معاناة الكثيرين من سكان الدول الآسيوية ودول أوروبا الوسطى والشرقية من كارثة احتلال الخنزير البرّي «أو ما يسمى بالحلّوف» للمناطق الريفية والجبلية في هذه الدول وغيرها. ويظهر الفيلم صورا بشعة لهذا الحيوان المتوحش المخيف الذي يشتهر بخطورته وعدوانيته وتهجمه على السكان في الطرقات ومطاردته لهم بشكل غير طبيعي واقتحام أراضيهم ومحاصيلهم الزراعية دون توقف إلى أن بات يهدد هذه المناطق بكارثة بيئية وأمنية. ولأن تلك الفئة من السكان تعد من الأقليات فإن المسؤولين لا يأبهون بمحاربة هذه الكائنات الضالة التي يقال إن جيناتها اكتسبت عداوة أكثر من ذي قبل حتى إنهم أطلقوا عليها لقب «المستعمر»! فإما أن يجد لهم أصحاب الشأن حلا في القضاء على هذا الكائن أو أن يقرر أمثال هذا الرجل الهجرة للبحث عن مكان آمن لهم ولأسرهم.

تذكرني كارثة «الحلاليف» – أعزكم الله – الذين يستعمرون الساحات الريفية بأشخاص كثيرين يستعمرون ساحات الحياة.. فهذه المخلوقات لا تتمثل في الحيوانات البرية فقط، بل إن الوحوش من الآدميين ربما هم أقسى وأعنف وأكثر انتشارا! وبإمكان أي شخص منا أن يصور فيلما وثائقيا عن الوحوش التي تطارده في حياته! فهناك من تواجهه اليوم وحوش في وظيفته أو بين زملائه وأصدقائه، قد يتمثلون في أعداء نجاح دائما ما يطاردونه كما يفعل هذا الحلوف بل دون أن يكونوا أقل منه عدوانية! وهناك وحوش أيضا على الساحة السياسية وقد يتمثلون في دول مستعمرة أو دول تعمل لحساب أجندات خارجية! وهناك وحوش تملأ الساحات الإلكترونية لتطارد الشائعات وتسعى لنشر السخافات والخزعبلات… إلخ! قد تنقضي في يوم ما مشكلة الحلاليف الحيوانية بأن تنقرض بفعل الإنسان أو بشكل قدري، أما النموذج البشري منها فقد يطول كثيرا وقت التخلص منه.

بقلم: دينا الصاعدي

وهنا تقرأ أيضًا: قيد الذاكرة!

ويمكننا أن نقترح عليك كذلك: حين أصبحنا أنابيب اختبار!


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: