تطوير التعليم يحتاج إلى بنية تحتية كاملة

التغير والتغيير من علامات أهل العقول الحية، والثبات للجمادات، من يريد التغيير يحتاج إلى دراسة عميقة حول ما يريد تغييره، وهي أولى خطوات التغيير، الإحساس بالمشكلة، ومن ثم تحديدها ووضع الحلول، وأخيرا تمحيص تلك الفرضيات، وأخذ ما يتناسب مع المشكلة بعد دراستها.

ومن يطلع على ما يسمى «نظام المقررات» للتعليم الثانوي، وهي خطة تهدف إلى تطوير التعليم، ويتأمل ما ذكر فيها من نقاط تربوية هامة، يظن أن هذه الخطة لإحدى المدارس النموذجية في إحدى الدول المتقدمة، على براعة أسلوبها اللغوي!

وحينما تقرأ نقطة تقول «يكون لكل طالب مرشد أكاديمي يساعده ويرشده في مسيرته الذاتية، ويتابع خطته الدراسية ويعالج الصعوبات المعترضة له». لن أتوقف عند هذه الجملة التي تذكرني بخيال المتنبي الواسع وفلسفة أبي العلاء المعري، لكني سأطرح بعض الأسئلة حول هذا الموضوع: لمن هذا النظام أولا؟ للطالب أو للمعلم أو للتعليم؟ فلكل واحد من هؤلاء جهة خاصة.

وإذا كان لهؤلاء جميعا، وهو المقصود، فهل من الممكن أن تعطي فلاحا كتاب «آراء أهل المدينة الفاضلة» للفارابي، ليستمتع به أثناء عمله؟

هل من الممكن أن تعطي نصا شعريا مشاعره أبرد من القطب ثم تحاول تحريك مشاعر الطلاب واستخراج الملامح الشعرية والعاطفية منه بالقوة؟

إذا كانت عناصر الاتصال «المرسل، المستقبل، الرسالة، قناة الاتصال»، كل منها يحتاج إلى ترميم، فكيف أسعى إلى تلوينها قبل ترميمها؟

لو كان هناك قصر كبير أكل الدهر عليه وشرب، وشكله مشوه كله، هل من المعقول أن أشتري لوحة فنية لأعلقها على جداره، أو أشتري بابا جديدا ذا لون جذاب لأجمل القصر به؟

العملية التطويرية تحتاج إلى بنية تحتية كاملة، لا لوحات فنية، تحتاج إلى التركيز على العقول المربية قبل المتربية، وعلى حرية تجديد المناهج، وتعليم التفكير الحر والتفكير الناقد المبدع. لو استطعنا، ولو بالخيال، أن نبني مدارس تختلف جذريا عن المنهج التقليدي، حينها نجرؤ على القول إننا نسعى للتطوير!

بقلم: عبدالسلام العقل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top