لماذا لم تحضر معرض الكتاب؟!

لماذا لم تحضر معرض الكتاب؟!

لأنني منذ 2006 لم أغب، أردت هذه المرة أن أجرب الغياب. يقول، من جرب قبلي السكون، إن الضوء قاتل، وإن المنابر تعني المنزلقات خصوصا حين لا تدري لأي سبب وضعها من دعاك إليها، هو سبب أهم بكثير من سبب مجيئك أنت.

لماذا لم تحضر معرض الكتاب؟!

لأنني كنت مشغولا بقراءة الكتب التي ابتعتها العام الماضي، كتب تنتظر أن ألتفت إليها، مازالت القائمة مليئة بالعناوين الجديدة بالنسبة لي، والتي لم أطلع عليها بعد. خلافا عن إصدارات أحصل عليها طي بعض المجلات الثقافية، والكتب التي أبتاعها من المكتبات في الأشهر التي تلت معرض الكتاب.

لماذا لم تحضر معرض الكتاب؟!

لأنني أصبحت منحازا للكتاب الإلكتروني، لم أعد مفتونا برائحة الورق، ولا بخرافة المكتبة الضخمة التي سأورثها لأبنائي، ولا متعصبا في الدفاع عن زمن بائد شاء من شاء وأبى من أبى، ولا أراهن على بقاء الكتاب الورقي لأكثر من بضع سنوات قادمة وربما أقل من ثلاث سنوات، فالورق زمن لم يعد له مكان في زمن الآي باد.

لماذا لم تحضر معرض الكتاب؟!

لأنني أشعر بأن حضوري سيكون تشجيعا لصناعة تشكو العلل، أولها صرف النقود في أثقال يصعب التعامل معها تخزينا وأرشفة ونقلا، وثانيها أنها صناعة قاتلة للأشجار ومحرضة على استبقاء الأفكار، لا تعيرها إلا بحزن ولا تستعيدها إلا بخصام مبين، إن عبرت بها مطارا رمقتك الأعين بالريبة، وإن تقدمت بها للرقيب كي يجيزها جادلك في الفاصلة والنقطة، وإن أجزتها عشت عمرك حاملا لورقة «الفسح» وكأنها صك غفران كي لا تتخطفك الأيدي، ويتهمك المرجفون.

لماذا لم تحضر معرض الكتاب؟!

لأنني بكل بساطة استقلت من صناعة الورق، وفقدت إيماني بدور المثقف، ولم أعد على يقين أن الناس تريد ضميرا تسيل لعابه لدعوة مجانية، ويطرب لمنحة مليونية، ويتراقص على صوت الطائرات التي تقل المدعوين على سبيل الثقة أنهم نخبة في زمن كل من يريد أن يقول ما لديه يستطيع قوله، فالفضاء مفتوح، والناس شركاء في ثلاث: الماء والنار والكلأ، وحديثا في: الشبكة العنكبوتية، هذا الطوفان الذي جعل النخب أثرا بعد عين، وجعل الرقيب يحتضر، ونسي المطارات واستغنى عن الدعوات وبشر بحتمية أن يخفف رواد معارض الكتب من ركضهم قليلا، فما أظن هذا الإنترنت إلا عدو الناشرين ومنقذ العباد بالآي باد!

بقلم: حامد بن عقيل

واقرأ هنا: معرض الرياض الدولي للكتاب.. متى الحساب؟

أضف تعليق

error: