شعر المتنبي وخصائصه وأهم الأغراض الشعرية عنده

شعر المتنبي وخصائصه

نسب ومولد المتنبي

هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد أبو الطيب المتنبي أحد أبرز شعراء العصر العباسي والشعر العربي على الإطلاق. ولد في كندة إحدى مناطق الكوفة في العراق، سنة ثلاث وثلاثمائة من الهجرة. وللعلم، فإن لقب المتنبي لم يكن على ادعائه بالنبوة كما يظن البعض بل من النبوة؛ وهي المكان المرتفع من الأرض.

ومن أبيات المتنبي من بحر البسيط ما يلي:

الخيل والليل والبيداء تعرفني … والسيف والرمح والقرطاس والقلم

مستفعلن  فاعلن  مستفعلن  فاعلن  مستفعلن  فاعلن  مستفعلن فاعلن

المتنبي وسيف الدولة

لقي المتنبي أبا العشائرِ بن حمدان قريب سيف الدولة ووليه على مدينة أنطاكيا، وقد مدحه بقصائد كثيرة فقربه من سيف الدولة وقدمه إليه، فدخل إلى مجلسه سنة 337 للهجرة.

وأقام عنده نحو تسع سنين وحسن موقعه عنده، وقربه وأجازه الجوائز ومالت نفسه إليه وصحبه في عدد من حروبه وغزواته ضد الروم، وأدام مديحه وخلد أعماله في شعره.

لكن المنازل العظيمة لا تدوم؛ فالمنزلة التي حظي بها المتنبي أغاظت الكثير من رواة مجلس سيف الدولة وهيجت حساده، فأوقعوا بينهما.

المتنبي وكافور الإخشيدي

أيقن أبو الطيب أن المقام في بلاط سيف الدولة أصبح شبه مستحيل محفوفاً بالمخاطر، فغادره متوجها إلى مصر التي كان يحكمها كافور الإخشيدي، وأقام عنده قريباً من أربع سنين. وكان يسعى إلى أن يُلبي كافور رغبته في أن يكون والياً على إحدى المناطق. وعلى الرغم مما قاله من مدائح في كافور إلا أن المشهور من شعره هو أهاجيه فيه.

وكان المتنبي قرر أن يغادر مصر فأعد برحيله العدة سراً ثم هرب عائداً إلى الكوفة فوصل إليها سنة ثلاثمائة وإحدى وخمسين  للهجرة.

الهجاء؛ نتذكرُ أبياتاً مشهورة قالها المتنبي يهجو كافور الإخشيدي بعد أن هرب من مصر:

لا تشتري العبد إلا والعصا معه … إن العبيد لأنجاس مناكيد

ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن … يسيء بي فيه عبدُ وهو محمود

لكن المتنبي لم يكثر من الهجاء لأنه لا يتلاءم مع نفسه المترفعة، ولم ينظم فيه قصائد مستقلة إلا قليلاً.

لكنه اشتهر بالمدح وأشهر من مدحهم سيف الدولة الحمداني ومدائحه في سيف الدولة وفي حلب تبلغ ثلثي شعره أو أكثر.

على قدر أهل العزم تأتي العزائم … وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها … وتصغر في عين العظيم العظائم

يكلف سيف الدولة الجيش همه … وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم

أهم الأغراض الشعرية عند المتنبي

إلى جانب الهجاء والمدح كان هناك الفخر؛ فالفخر كثيرٌ في ديوان المتنبي، وهو يفخر في جميع أحواله سواءً أمدح أم هجا أم تغزل أم شكا، ولا عجب فهو لا يرى له مثيلاً في الوجود.

يقول المتنبي مفتخرا بشاعريته؛

وما الدهرُ إلا من رواة قصائدي … إذا قلتُ شعراً أصبح الدهر منشِداً

أهم الأغراض الشعرية الأخرى في شعر المتنبي:

حظي الشاعر أبو الطيب المتنبي على شهرة واسعة في شعر الحكمة التي استقاها من تجارب عاشها في حياته.

كما أخذ قسماً من حكمه من خلال دراسته للفلسفة حيث أصبحت حكمه أمثال يُقتدى بها كقوله:

الرأي قبل شجاعة الشجعانِ … هو أول، وهي المحل الثاني!

وقوله:

وإذا لم يكن من الموت بُد … فمن العجز أن تكونَ جبانا

والوصف أحد أهم الأغراض الشعرية في شعر المتنبي؛ فقد تعددت موضوعات الوصف عنده فوصف الطبيعة الصامتة والحيوانات والحرب وأسلحتها وغير ذلك.

ومن شعره الوصفي قوله يصف أسداً:

ورد إذا ورد البحيرةَ شارباً … ورَدَ الفُراتَ زئيره والنيلا

مُتخضب بدَم الفوارس لابِسً … في غيِلِهِ مِن لِبدَتَيهِ غيلا

خصائص شعر المتنبي

  • أولاً الصدق: فلقد كان شعره مرآة نفسه وعصره وصورة جلية بحياته.
  • ثانياً شعره وصف لحياته وطموحه وأحلامه. كما تجلى في شجاعته وحكمته وفطنته الحادة.

وهذا يبدو واضحا في كل أبياته الشعرية.

  • ثالثاً جزالة اللفظ وعمق المعاني وخصوبة الخيال: فهو قادر على الوصف الدقيق لكل ما يخطر بباله.
  • رابعاً شعره سهل ممتنع خال من التكلف رصين ومُنمق دون إجهادٍ وإغراق في الألفاظ.

وهذا ما جعل منه بحق من أعاظم شعراء العرب على مر الزمان حتى قيل عنه: (مالئ الدنيا وشاغل الناس).

وفاة المتنبي

عندما كان المتنبي عائداً إلى الكوفة لم يُرافقه حينها إلا ابنه وغلامه فاعترض طريقه رجلُ يدعى فاتك بن أبي جهل الأسدي ورجاله.

وهو رجلُ كان قد هجاه المتنبي، وقد أوشك المتنبي أن يفر حين تيقن أن مهاجميه لهم الغلبة فبادره غلامه بقوله (لا يتحدث الناس عنك بالفرار، وأنت القائل:

الخيل والليل والبيداء تعرفني … والسيف والرمح والقرطاس والقلم

فرد عليه المتنبي قائلاً: قتلتني قتلك الله، فعاد للقتال فقاتل إلى أن قتل ومات.

رحمك الله يا أبا الطيب كنت أفضلهم قولاً وأجودهم معنى؛

الخيل والليل والبيداء تعرفني

مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن

أضف تعليق

error: