مكانة العلم والعلماء في الإسلام

صورة , العلم , طالب , العلماء

قال قائل: العلم يرفع بيوتا لا عماد لها… والجهل يهدم بيت العز والكرم
ويقول أخر: ما الفخــــر إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهـلون لأهل العـلم أعداء
فـفـز بعلم تعش حيـا ً به أبــدا *** الناس موتى وأهل العلم أحياء
فللعلم مكانة ترقى إلى التقديس في ديننا، وللعلماء شرف يضاهي الصديقين والشهداء، ولا عجب فنحن أمة أول كتابها اقرأ!

وسوف يدور حديثنا في هذا المقام عن فضل العلم والعلماء، ومكانتهم في الإسلام وحث الشريعة الإسلامية على طلب العلم والترغيب فيه.

فضل العلم وأهميته

خلق الله الكون مليء بالأسرار والخبايا، واقتضت إرادته أن يستأثر هو عز وجل بعلم السموات والأرض وأمر الخلائق، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يخفى عليه شيء فيهما، فهو العليم وله طلاقة العلم وأزليته، ومن رحمته بخلقه أن منحهم فيضا من العلم والمعرفة، يتلمسوا به طريقهم ويكتشفوا ما أراد لهم أن يكتشفوه من قدرات الله وآياته ومعجزاته، ومن هنا تأتي أهمية العلم وفضله فهو الطريق إلى معرفة الله عز وجل والإيمان به، ذلك الإيمان الثابت الراسخ الذي لا تزحزحه الفتن ولا تهزه الشبهات، فالعالم أفضل من العابد الذي يعبد الله على جهل، فقد يفتن العابد وينقلب على عقبيه فيضيع بجهله عبادة سنين، بينما إيمان العالم راسخ قوي لا يهتز لعرض ولا تنال منه فتنة أو شبهة، فيعرف للأمور قدرها، ويعظم الله حق عظمته والعلم يورث العالم خشية الله، إذ تتكشف أمامه الحقائق فيعرف مدى جهله ويعرف نعم الله عليه ويستوعب طلاقة قدرة الله عز وجل، وفي هذا المعنى يقول الله عز وجل: { إنما يخشى الله من عباده العلماء }.

ومن فضائل العلم أنه يميز صاحبه ويخلد ذكره ويجعله أفضل من غيره عند الله، فالعلم مقياس للمفاضلة بين الناس، وهو من أفضل المقاييس وأعدلها، فلو كان الفضل لأولى العلم فقط لساد العلماء، ولبلغت الأمة من أمر تطورها وتقدمها عنان السماء، ويقر الله عز وجل هذا التفاوت والتفاضل في كتابه العزيز فيقول: { قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون}، ويرفع الله العلماء إلى مرتبة تفوق غيرهم، ويبوأهم مكانة خاصة بين خلقه في الدنيا وفي الأخرة أيضا.

العلم الذي حثت عليه الشريعة الإسلامية

كنا نتصور خطأ أن العلم الذي تحث عليه الشريعة الإسلامية وتدعوا إليه هو العلم الشرعي وأقسامه ومباحثه فقط، ولكن الحقيقة أن الله عز وجل يكرم العلماء ويعلى قيمة العلم أيا كان مجاله أو تخصصه، شريطة أن يكون نافعا للبشرية، يعين الخلق ويقدم لهم المساعدة ويرتقي بحياتهم، ويخفف عنهم معاناتهم، ويعمر الكون، فتلك هي الغاية العليا من العلم!

ثواب طلب العلم في الشريعة الإسلامية

إن طلب العلم من أعظم وأرقى الأعمال التي تفنى فيها الأعمار، فما أعظمها من مهمة وما أكرمها من شرف، لأجل ذلك دعانا الله عز وجل في كتابه ودعانا النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى التعلم وطلب العلم، وتحمل المشقات في سبيل ذلك، وقد كان الصحابة الكرام يسافرون بلادا ويقطعون أميالا طلبا لحديث أو طلبا لتعلم أية واحدة أو حكما شرعيا أو مسألة في الفقه أو العقيدة أو غيرها، فيقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر».

من دلائل تقدير النبي للعلم أنه يدعو لأصحابه بالعلم ويخبر أن من رزق بالعلم فقد أوتى من حظوظ الدنيا والآخرة نصيبا عظيما، يستحق أن يفخر به ويحمد الله عليه، ومنه ما جاء عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، قال : ضمّني النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى صدره وقال: « اللهم فقّه في الدين ».

فنسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويجعل العلم حجة لنا لا علينا فهو ولي ذلك والقادر عليه!

أضف تعليق

error: