الإيمان باليوم الآخر

تمت الكتابة بواسطة:

صورة , القرآن الكريم , الإيمان , اليوم الآخر
القرآن الكريم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وشفيعنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه واستن بسنته إلى يم الدين، ثم أما بعد:

فإن موضوع المقال عن الإيمان باليوم الآخر، والتذكير بما ورد فيه في الكتاب والسنة، وبيان ما يشتمل عليه الإيمان باليوم الآخر، ثم بيان أثر هذا الإيمان على سلوك الفرد وأفعاله وأقواله في سائر جوانب الحياة.

مفهوم الإيمان باليوم الآخر وحكمه في الإسلام

الإيمان هو ما وقر في القلب، وصدقه العمل، والعقيدة الإسلامية تقوم على عدة محاور إيمانية، لا تصح بعضها دون البعض الآخر، ولا يكتمل إيمان المسلم إلا بإيمانه بتلك المحاور، وتلك المحاور تشمل الإيمان بالله ووحدانيته وصفاته وأسمائه، والإيمان بالرسل ورسالاتهم، والإيمان بخاتمهم وإمامهم سيدنا محمد –صلى الله عليه سلم؛ والإيمان باليوم الآخر، وهو محور حديثنا في هذا المقام، والإيمان بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، وحكم الإيمان هنا فرض عين على كل مسلم.

وقد أخبرنا النبي –صلى الله عليه سلم عن الإيمان في حديث جامع مانع بين النبي وأمين الوحي سيدنا جبريل –عليه السلام، الذي جاء به جبريل ليعلم أمة النبي محمد أمور عقيدتهم، فعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- أنه روى عن النبي حديثا مطولا مع جبريل عليه السلام، فجبريل يسأل والنبي يجيب، حتى وصل إلى الإيمان فقال جبريل –عليه السلام-: (فأخبرني عَنْ الإيمان؟ قَالَ: “أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر؛ وتؤمن بالقدر خيره وشره” قَالَ صدقت).

وقد بين القرآن الكريم وجوب الإيمان باليوم الآخر ومدح المؤمنين به في عدة مواضع منها، قول الله عز وجل في أول سورة البقرة: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ* أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾.

ما ينطوي عليه الإيمان باليوم الآخر

الإيمان باليوم الآخر ينطوي على معنى الإيمان بالغيب، والغيب هو كل ما غاب عنا واستتر ولم يصلنا خبره إلا من كتاب الله، ومن الصادق المصدوق سيدنا رسول الله، فاليوم الآخر أخبرنا عنه القرآن الكريم والسنة ونحن مأمورون بتصديقهما والإيمان جملة وتفصيلا بكل ما جاء فيهما.

والإيمان باليوم الآخر يشمل الإيمان بعدة أمور غيبية تتعلق به وتندرج ضمن مفهومه ومنها:
الإيمان بعذاب القبر ونعيمه: ومما يدل على ذلك قول النبي –صلى الله عليه وسلم:- (إِنَّمَا القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ)، والنصوص الواردة في هذا الشأن أكثر من أن تحصى.

الإيمان بالبعث، والنشور والحشر: ومما يدل على ذلك قول الله عز وجل: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾، ومنه حديث عائشة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا” فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ، النِّسَاءُ وَالرِّجَالُ جَمِيعًا، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟! قَالَ: “يَا عَائِشَةُ، الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ”.

الإيمان بيوم القيامة وما ورد من أخباره: وقد ورد في الحديث عن يوم القيامة وأهواله وأخباره وأحوال الناس فيه الكثير، وتغير السماوات والأرض كذلك، ومدته ووصفه الكثير من النصوص أيضا، مما لا يتسع المقام لذكره، ولكن لنتذكر أن الإيمان بكل ذلك واجب.

الإيمان بالحساب والجزاء والعقاب: ومما يدل على ذلك قوله عز وجل: (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين).

الإيمان بالجنة والنار والصراط: أما الجنة والنار والصراط وغيرها من متعلقات يم القيامة والحساب الجزاء، فقد وردت فيها أحاديث لا حصر لها، ويجب على كل مسلم أن يتعرف عليها ويبحث فيها ليعلم من الغيب ما يعينه على نفسه، ويجعله يعد نفسه لهذا اليوم الذي لا ريب فيه.

فائدة الإيمان باليوم الآخر

الإيمان باليوم الآخر والبعث والحساب والعقاب، وما ينتظر الإنسان بعد رحيله من هذه الحياة الدنيا هو ما يردعه عن الخوض في الباطل، ويعيده للحق، ويجعل لنفسه من نفسه رقيبا، فهذا الإيمان هو ما يجعلنا نخاف فننتهي عن الحرام، ونطمع في ما عند الله فتعلو الهمة للطاعة والعبادة، ونسأل الله أن يلطف بنا وينجينا ومن ويلات اليوم الآخر وما فيه.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: