الدرن المعوي .. العلاج ميسور لكن يحتاج لوقت

الدرن المعوي .. العلاج ميسور لكن يحتاج لوقت

«احمد» يسأل: ابني يعاني من أنيميا مزمنة واحتار الأطباء في علاجها، وأخيرًا قمت بعمل عدة تحاليل كثيرة ومعقدة على الدم، وكان رد الطبيب المعالج احتمالية وجود درن بالمعدة، فإذا ثبت ذلك، فهل يمكن أن يشفى منه ابني؟ فنرجو معرفة أسباب درن المعدة وعلاجه، وهل هو مرض مُعْد؛ نظرًا لوجود أطفال أخرى بالمنزل؟ ولسيادتكم جزيل الشكر.

د. نبيل حنفي زقدان «أخصائي طب الأطفال» تفضَّل بالإجابة؛ فقال: الأخ العزيز.. تقول إحصائيات منظمة الصحة العالمية –والعهدة على الراوي– أن عدد المصابين بالدرن على مستوى العالم يقرب من 2 مليار شخص أي ما يقرب من ثلث سكان العالم، ولكن أكاد أزعم أنه لا يوجد واحد من هذا الكم الهائل من المصابين يعاني مما يسمَّى بمرض “الدرن المعدي”، فالدرن –في حدود علمي– قد لا يترك مكانًا في الجسم إلا ويصيبه بدأ من الجلد، ومرورًا بالأنسجة الرخوة، ثم الدم، ثم العظم حتى النخاع، ولا يترك أي جهاز من أجهزة الجسم بدءاً بالجهاز التنفسي، ثم القلب، والجهاز العصبي، والبولي، والتناسلي، ثم الجهاز الهضمي العلوي والسفلي، ولكن تبقى المعدة من الأماكن القليلة في الجسم التي لا يحبّذ ميكروب الدرن الإقامة فيها، بالرغم من أنه يمر بها قادمًا من الجهاز الهضمي العلوي في طريقه إلى الجهاز الهضمي السفلي، حيث يطيب له المقام في الأمعاء الدقيقة أو الأمعاء الغليظة؛ لذلك أرجِّح أن يكون هناك سوء فهم منك بالنسبة لمكان الدرن في الابن العزيز، وأغلب الظن أنه يعانى من “درن معوي” وليس “معدي”.

ولكن الأهم من ذلك هو أن ميكروب الدرن –وكما أسلفنا– يصل إلى الجهاز الهضمي السفلي قادمًا من الجهاز الهضمي العلوي، وذلك عن طريق شرب الحليب الملوَّث بالميكروب أو عن طريق ابتلاع البلغم الحامل لهذا الميكروب، والذي يكون مصدره هو درن رئوي نشيط لدى نفس المريض، فيكوِّن الميكروب مستعمرات في الغدد والأنسجة الليمفاوية الملحقة بالأمعاء، ويصاب المريض بما يسمَّى بالدرن المعوي أو درن البطن.

وفي حالة عدم علاج المريض تحدث مضاعفات شتى مثل التقرحات المعوية، والنزيف، وكذلك الالتصاقات المعوية والتي تصل إلى حد الانسداد المعوي؛ وقد ينتشر المرض إلى خارج الأمعاء ويصل إلى الغشاء البروتوني، مسببًا التهابات وارتشاح بروتوني وغيرها. وأعود فأؤكد على أن كل هذا لا يحدث إلا في حالة عدم علاج المريض.

ونادرًا ما ينقل مريض الدرن البطني العدوى للمخالطين، ويبقى مصدر انتقال العدوى الرئيسي، والمهم هو مريض الدرن الرئوي النشيط والذي يمكن أن ينقل العدوى عن طريق البلغم المحمل بالميكروب للآخرين، بالإضافة إلى أنه يمكن أن ينقل العدوى لأماكن أخرى في جسمه هو، كما هو الحال في انتقال العدوى من الجهاز التنفسي إلى الجهاز الهضمي كما أسلفنا؛ لذلك فإن الابن العزيز لا يعتبر مصدر خطورة حقيقية على باقي أفراد الأسرة إلا إذا كان مصابًا بدرن رئوي نشيط.

ولكن ومن باب الاحتياط يمكنك عمل اختبار مشهور يسمَّى “اختبار تيوبركلين” لباقي الأطفال المخالطين للحالة، وبناء على نتيجة هذا الاختبار يستطيع الطبيب المختص اتخاذ إجراءات وقائية وعلاجية محددة للمخالطين.

أما بالنسبة لعلاج الابن المصاب فإن العلاج –والحمد لله– متوفّر وسهل وميسور ونتائجه مرضية، ولكن كل ما في الأمر أنه قد يستغرق فترة طويلة قد تمتد لعدة أشهر، بالإضافة إلى أن المريض قد يحتاج لعدة سنوات من المتابعة الدقيقة.

وهناك أكثر من نظام علاجي يشمل كل نظام منها عدة أدوية، وتختلف الأنظمة حسب ظروف المريض وظروف المرض، ولا مجال هنا لترشيح نظام معين، حيث يكون هذا من اختصاص الطبيب المعالج والذي سيقوم أيضًا بمتابعة حالة الطفل.

وأخيرًا أودّ الإشارة إلى موضوع “الأنيميا” التي أشرت إليها في مستهل رسالتك، ولا أدري ما هو وجه الحيرة في هذا الموضوع، فهذا المرض ليس صعبًا في تشخيصه ولا في علاجه وفي حالة ابنك بالذات قد يكون الدرن، وما يصاحبه من انعدام الشهية للطعام، بالإضافة إلى تأثير المرض السلبي على تكوين كرات الدم الحمراء سببًا كافيًا لحدوث الأنيميا، ويكون الشفاء منها مرهون بعلاج الدرن. أما إذا كان هناك سبب آخر لحدوث الأنيميا، فأرجو منك أن تكتب لنا التفاصيل علَّنا نستطيع مساعدتك إن شاء الله تعالى.

مع أطيب الأمنيات بالشفاء العاجل إن شاء الله عز وجل.

أضف تعليق

error: