أرق الأطفال.. الأسباب والعلاج

أرق الأطفال.. الأسباب والعلاج

تفاصيل الاستشارة: ابني يبلغ من العمر 8 أشهر و10 أيام، وهو طفلي الأول، وقد عانينا أنا وزوجي الكثير بسبب طريقة نومه فهو يصحو كثيرا ليلا، لا لشيء إلا لأحمله وأهزه حتى يعود للنوم مرة أخرى وهكذا يوميا، وليلة البارحة صحا حوالي 10 مرات وكل مرة أحمله وأهزه لفترة قد تأخذ أكثر من 15 دقيقة حتى يعود للنوم، ثم أعيده لسريره فيصحو مرة أخرى وهكذا، لقد تعبت كثيرا لا أدري ماذا أفعل؛ فنومي أصبح متقطعا وأحس أنني بحاجة لأنام ساعات متواصلة…

فبعض الأحيان يصحو ابني من 3 إلى 4 مرات فقط ومرات أخرى تصل إلى 15 مرة، ذهبت به للطبيب، وهو والحمد الله بصحة جيدة، كما أنه يأكل بانتظام ويلعب ونشاطه اليومي ممتاز؛ حتى إنه كثير الحركة.

والسؤال: هل المشكلة فيّ أنا؟ هل عودته أنا على هذه الطريقة في النوم وإذا كان هذا صحيحا فماذا تنصحونني أن أعمل؟ كثير من الأمهات يقلن لي اصبري وعندما يكبر بعض الشيء سيتحسن نومه! ولكن أنا أحس بأنني متعبة فما العمل؟.

والأهم من هذا أنني خائفة من أن ابني لا يأخذ كفايته من النوم؛ فهو ينام تقريبا من الساعة 9:30 إلى 6:30 صباحا، وكما ذكرت يصحو كثيرا (4 مرات على الأقل ويرضع مرة واحدة في وقت الفجر تقريبا)، وخلال النهار ينام مرتين مرة قبل الظهر لمدة ساعة ونصف أو ساعتين ومرة في وقت العصر من ساعة إلى ساعتين.

لقد حاولت أن أتركه يبكي عندما يصحو ليلا لعله يعود بعد ذلك للنوم وحده لكن هذه الطريقة لا تجدي نفعا معه ولا حتى معي؛ فأنا أجدها طريقة معذبة للطفل.. فبماذا تنصحونني؟ آسفة على الإطالة، وأتمنى أن أجد عندكم الحل المناسب، وجزاكم الله خيرا على جهودكم المثمرة بإذن الله.

⇐ د. حمدي عبد الحفيظ شعيب «استشاري أطفال وحديثي الولادة وحميات الأطفال» أجاب الاستشارة؛ فقال: لقد تساءلتم عن حالة ولدكم الحبيب المبارك ذي الأشهر الثمانية، والذي يعاني من (حالة اضطراب النوم).

  1. أولا: يسرني أن أبشركم بأن كل سؤال تسألينه، وكل خطوة تقومين بها، وكل جهد تبذلينه مع أبنائكم وأكبادكم التي تمشي على الأرض؛ سيدخر لينفعكم في ترجيح ميزان حسناتكم يوم القيامة.
  2. ثانيا: وأبشركم أيضا بأن هذا الجهد والبذل اللذيذ؛ هو كذلك خطوة فاعلة، ودعوة للاستثمار في الأبناء: “إِذَا مَاتَ الإنسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إلا مِنْ ثَلاثَةٍ إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ”.
  3. ثالثا: أما عن مشكلة ولدك الحبيب فهي تفتح ملفا مهما في تربية الطفل يسمى (ولدي.. والصراعات الثلاثة الكبرى والخالدة في حياته: النوم والأكل وقضاء الحاجة).

وسأتناول معك الآن أحد تلك الصراعات، وهي (ولدي … وصراع النوم الخالد)

ولنجعل الرد منهجيا، وفي نقاط؛ على هيئة أسئلة منهجية بسيطة، وبإجابات أبسط، وبعدها استعرض معك حالة طفلك الحبيب.

ولنبدأ..

1- ماذا عن مدة النوم للطفل في مراحل عمره المختلفة؟

(أ) الطفل حديث الولادة: ينام كل يومه، ولا يستيقظ إلا وقت الرضاعة. لذا يجب إيقاظه بلطف وقت الرضاعة. ويجب ألا نتركه لينام دون الرضاعة؛ فإن الغذاء أفيد له من النوم وقتها.

(ب) من الشهر الثاني إلى السادس: ينام 20 ساعة يوميا. ثم تقل تدريجيا.

(ج) من الشهر السادس إلى الثاني عشر: ينام من الساعة 6 مساء إلى الساعة 6 صباحا، ثم ينام ساعتين صباحا، وساعتين بعد الظهر.

(د) وفي خلال السنة الرابعة والخامسة: ينام من 10-12 ساعة.

(هـ) ومن عمر السادسة إلى العاشرة: ينام من 10-11 ساعة.

(و) ومن عمر 13-16 سنة: يجب ألا تقل مدة النوم عن 9 ساعات يوميا.

2- كيف السبيل إلى النوم الهادئ؟

(أ) عوديه منذ صغره على النوم من 6 مساء إلى 6 صباحا، دون انقطاع إلا لرضعة الساعة 9 أو 10 مساء.

(ب) اجعلي الحجرة هادئة، ومظلمة، أو مغلقة النوافذ، وبعيدة عن الضوضاء.

(ج) ضعي تحت رأسه وسادة لراحته.

(د) لا تحاولي تغيير نظام أو موعد نومه إلا للظروف القاهرة.

(هـ) حافظي على نظافة فراشه قبل النوم، وكذلك ثيابه جافة؛ واسعة صيفا، دافئة شتاء.

(و) أشعريه بالأمان؛ فلا تقصي القصص المرعبة، ولا تجعليه يشاهد المناظر التليفزيونية العنيفة قبل نومه.

(ز) حاولي تطبيق هديه صلى الله عليه وسلم في النوم، وهو:

  • النوم على الشق الأيمن.
  • وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن.
  • اقرئي أذكار النوم؛ خاصة المعوذات وانفثي في يديك، وامسحي بهما جسده كله. والأذكار معروفة وتستطيعين الحصول عليها من أي كتاب للأذكار.
  • أما إذا كان ولدك كبيرا ويستطيع قراءة الذكر بنفسه يكون ذلك أفضل.

ما هي أسباب الأرق عند الأطفال؟

وتنقسم الأسباب إلى أسباب مرضية وغير مرضية.

أولا: الأسباب غير المرضية:

  1. الإضاءة المتوهجة أو الشديدة بالغرفة.
  2. الحشرات.
  3. الملابس الضيقة.
  4. الملابس المبتلة.
  5. الغطاء الصيفي الثقيل.
  6. الغطاء الشتوي الخفيف.
  7. الجوع.
  8. الأشياء المزعجة والغريبة بالملابس والفراش، مثل الدبابيس.

ثانيا: الأسباب المرضية:

  1. المرض العضوي: وما يسببه من آلام أو حمى.
  2. المغص: نتيجة الجوع أو عسر الهضم الذي سببه عدم انتظام الرضاعة.
  3. الطفل العصبي: الذي يرث ذلك من والدين عصبيين سريعي الانفعال.
  4. التوتر النفسي: والذي ينتج عن محاولة تنويم الطفل دون تدرج فيؤخذ من نشوة اللعب أو مشاهدة لعبة مسلية، إلى النوم فجأة وبأوامر يراها ظالمة.
  5. الكوابيس المزعجة: وهي غالبا ما تصيب الأطفال العصبيين والمتوترين نفسيا، وفي العائلات العصبية، والعائلات ذات المشاكل الاجتماعية والنفسية. وهي تحدث للطفل دون الثالثة من العمر، وتزيد بين 3-8 سنوات، وتندر بعد 12 سنة. فيصحو الطفل من نومه خائفا صارخا. وإذا سئل عما يخيفه، أجاب بأنه لا يعرف، أو أنه رأى حيوانات كبيرة مخيفة، وقد يظن أمه الواقفة بجواره حيوانا كاسرا يهاجمه. وقد يفلح من حوله في تهدئته فينام ثانية. ويندر أن يتكرر الكابوس في نفس الليلة.

ما هو علاج الأرق (Insomnia)؟

ولعلاج الأرق، نتبع هذه المنهجية:

  • نطبق ما ذكرناه في فقرة: (2-السبيل إلى النوم الهادئ).
  • نعالج السبب غير المرضي.

3- نعالج السبب المرضي:

3- 1 نعالج الأمراض خاصة الحمى والمغص.

3-2 الطفل العصبي:

الطريقة الأولى: بالنسبة للطفل الذي لا يجدي معه المحايلة، قد تلجأ الأم إلى وضعه في السرير وتتركه ولا تأبه بصراخه. وتضع في حسابها أنها إذا ضعفت أمام دموعه وصراخه، وحنت إليه فستخسر معركة النوم للأبد وسيستمرئ الطفل طريقته الصراخية الدموعية، وسيطبقها في كل معاركة الأخرى. أما إذا كانت الأم قوية الإرادة فستستمر في تجاهل هذا الصارخ الباكي، وسيسكت في النهاية، وسيعلم أن طريقته هذه فاشلة وسيرضخ وينام، وتنتصر الأم. وستطبق هذا الأسلوب أمام رغباته الكثيرة والمنوعة.

الطريقة الثانية: وهي الأكثر رفقا. فتطفئ الأم الأنوار، وتجلس بجواره تهدهده وتغني له أو تقص عليه بعض القصص المحببة إليه. وتتجاهل بكاءه. وبالنسبة للطفل الكبير، تظل بالغرفة وتتجاهل تصرفاته منشغلة ببعض الأمور وتتعمد أن تحدثه في أمور أخرى حياتية مثل ما حدث اليوم، وما سيفعلونه غدا.

والمنتصر فيهما سيفرض طريقته في النهاية.

والمهم هو الموقعة أو الجولة الأولى في صراع النوم الخالد.

3-3 الكابوس الليلي:

أ- تجنبي الإكثار من كمية وجبة العشاء؛ فالمعدة الممتلئة من أهم مسببات الكابوس.

ب- قللي من النشويات والخضر.

ج- استشيري طبيبك لتنفيذ الآتي:

  • إعطاء الطفل بعض المسكنات قبل الذهاب للفراش.
  • علاج الأسباب العضوية غير الجراحية؛ مثل اضطرابات الجهاز الهضمي، أو ارتجاع المريء.
  • علاج الأسباب العضوية الجراحية؛ مثل تضخم اللوزتين، أو اللحمية أو زوائد الأنف الخلفية.
  • علاج المسببات النفسية والعائلية كالتوتر والمشاكل الحياتية الاجتماعية.

5- أخلاقيات الفارس (نصائح تربوية غالية لحسن إدارة الصراع)

  1. حافظي على أسراره الخاصة؛ فلا تقصي على الأقارب أو الجيران أو المعارف، أي سلوك لولدك في صراعاته الداخلية معكم.
  2. اتبعي أسلوب التحفيز؛ بأن تكافئيه بما يحبه إذا استسلم لطريقتك.
  3. لا تشعريه بمرارة الهزيمة في صراعاته معك، ولا تقصي أخبار انتصاراتك عليه أمام الغير.
  4. اتبعي أسلوب الدعم الإيجابي: أي التشجيع الفوري، وإعطاء الثقة بالنفس.
  5. لا تتلذذي بسلطانك وسلطاتك عليه، وكوني رحيمة بمشاعره الرقيقة.
  6. الدعاء: خاصة أدعية الشفاء.

ولا تنسي دعاء عباد الرحمن الخاشع السابغ: “رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا”. [الفرقان 74].

فسيشفيه ويعافيه الحق سبحانه الشافي المعافي، وسيكون بحول الله سبحانه، قرة أعين لوالديه ولأمته، وسيكون للمتقين إماما؛ علما وخلقا وسلوكا.

تحليل الحالة والإجابة عن التساؤلات؟

الواضح أن ولدك الحبيب البالغ من العمر 8 أشهر ويعاني من الأرق:

  • حاولي تطبيق الفقرة: (السبيل إلى النوم الهادئ).
  • ولدك في هذه السن المباركة؛ يمر بمرحلة التسنين؛ فاعتقد أنه يعاني من حالة نقص الكالسيوم (Hypocalcaemia)؛ التي قد تسبب الأرق، والأفضل إعطاؤه مركب الكالسيوم مع فيتامين د مرة باليوم. والأفضل الرجوع للطبي المتابع له لوصف نوع الدواء والجرعة المناسبة.
  • حاولي استخدام طرق علاج (الطفل العصبي).
  • استشيري طبيب أطفال لكشف بعض الأسباب العضوية أو النفسية أو نقص الكالسيوم أو فيتامين د، وذلك لعلاجها فورا.
  • قفي مع نفسك وقفة لعلاج أسباب توترك، وتحليل وضعك النفسي والعصبي.

تقبلوا السلام والدعاء الخالص، لكم ولكل المتسائلين على موقعنا المميز “إسلام أون لاين.نت”؛ قسم “معا نربي أبناءنا”. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

أضف تعليق

error: