ما العمر الذي أبدأ فيه بتوجيه ابني؟ ومتى سيبدأ بفهمي؟

ما العمر الذي أبدأ فيه بتوجيه ابني؟ ومتى سيبدأ بفهمي؟

«نهلة» تسأل: أريد أن أستفسر منكم عن العمر الذي أبدأ فيه بتوجيه ابني، ومتى سيبدأ بفهمي؟ وما هي الألعاب المناسبة لعمره والتي تطوِّر وتنمِّى قدراته؟ وكيف لي أن أتخلص من عصبيته وهو ما زال ابن الثمانية أشهر، وآسف على الإطالة، وشكرًا.

⇐ د. منى أحمد البصيلي «استشاري الطب النفسي وتعديل السلوك» تكرَّمت بالرَّد على صاحبة السؤال؛ فقالت: أكثر ما لفت نظري في قصة المرأة الغامدية التي جاءت لرسول الله ﷺ ثانية، تطلب منه إقامة الحد عليها؛ لأنها زنت، فإذا بالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لها: ارجعي حتى تضعي حملك، فلما وضعته جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم، فقال لها ارجعي حتى تفطميه، فلما فطمته جاءت به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وبيده كسرة خبز فأخذ صلى الله عليه وسلم الطفل وأعطاه لأحد المسلمين ليتعهده ويربِّيه، ثم أقام عليها الحد، وقال عنها إنها تابت توبة لو وُزِّعت على أهل الأرض لكفتهم.

والقصة دائمًا تُروى في مجال التوبة، ولكن الواقع أن اللغة النبوية الكريمة واهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالطفل هو أكثر ما يُلفت نظري، فقد أجَّل إقامة الحد متى يولد الطفل الذي لا ذنب له، وعاد وأجَّل الرسول صلى الله عليه وسلم إقامة الحد ثانية حتى يُفطم الطفل، أي يظل مع أمه عامين كاملين حتى ترضعه أمه.

ونتعجب هذا الأمر في عصر كانت تسود فيه أصلاً فكرة المرضعات، فالأم التي لا تستطيع إرضاع طفلها تستعين بمرضعة، فماذا كان يمنع الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك ويقيم الحد على المرأة؟‍

لقد أراد الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الطفل أن يظل العامين الأوليين من عمره في حضن أمه ورعايتها، وحنانها، وقبلاتها، ينهل من معين الأمومة الذي لا ينضب حتى يرتوي من الحنان والحب، ويكتسب ثقة في نفسه وقوة في شخصيته؛ لأنه سيكون عضوًا من حق المجتمع المسلم، ولا بد أنه يضمن له الرسول صلى الله عليه وسلم من الظروف التي تتيح له أن ينشأ سويًّا، سليم النفسية، ولأجل هذا الهدف أجَّل إقامة الحد في كبيرة من الكبائر.

فهل نعي أهمية وجود الأم في السنين الأولى من عمر الطفل بجواره.. فهي ليست التربية والتوجيه وتنمية المهارات فقط، ولكنها الحب، والحنان، والرعاية، والعطف، والحضن الدافئ، والقبلة الحانية..

هذه هي الأم في سنين الطفل الأولى، ليس مطلوبًا منك يا سيدتي سوى أن تحبي طفلك، وتحبِّيه فقط وتتصرفي بناء على هذا الحب.. الطفل في سن 8 أشهر لا يمكن أن يكون عصبيًّا، ولكن له احتياجات ضرورية يصرخ إذا لم تلبيها له.

تسألين يا سيدتي متى سيبدأ يفهمك.. إنه يفهمك في اللحظة الأولى، وتجدينه هادئًا حين تكونين هادئة تلاعبينه وتداعبينه برفق وحب، وتجدينه متوترًا حين تتوترين أنت وعصبيًّا حين تكونين عصبية، وينام بهدوء حين تضمينه إلى أحضانك. أنه يفهمك.

أما عن توجيه الطفل فهو مع بداية إدراكه لمعنى الكلام ومعنى الخطأ والصواب، ولا يمكن أن يبدأ قبل الـ 18 شهرًا أو سنتين على الأقل، ويكون توجيهًا هادئًا وحنونًا وليس توجيهًا عنيفًا وتربية، وكما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لاعبوهم سبعًا، وربُّوهم سبعًا، وصاحبوهم سبعًا”.

أما عن تنمية قدراته فأقول لك تحدثي معه باستمرار، ولاعبيه، واضحكي معه من قلبك بثقة، دعيه وعقله.. رضِّعيه من لبنك يزداد ذكاؤه، وحاولي من الآن انتقاء الألعاب التي تناسب دائمًا سنه، فالآن الألعاب التي تتحرك وتُحْدِث أصواتًا، وبعد ذلك الألعاب التي تركَّب ويشكِّلها هو بنفسه، وهكذا مع مراحل نموه المختلفة.

⇐ أما هنا، فنقرأ أيضًا:

بارك الله لك في محمد وأنبته نباتًا حسنًا.

أضف تعليق

error: