خطوبة مُتعبة: هل أُكملها أم أُلغيها؟

خطوبة مُتعبة: هل أُكملها أم أُلغيها؟

«سلمى» تسأل: إنني لست جديدة عليكم، فقد أرسلت لكم مشكلتي من قبل، وكان عنوانها الخلاف قبل الزواج، وأعلمكم أنني ما زلت أعاني من هذا الموضوع، وأحس بالشقاء والتعاسة منذ أن خطبت، إنني لم يعقد قراني بعد، ولكنه سيعقد قبل الميعاد المحدد -في الشهر القادم بأيام- الجديد في مشكلتي أنني توصلت إلى فسخ الخطوبة وعدت وتراجعت؛ لأن أمي مرضت وساءت حالتها الصحية بسبب قراري؛ فعدت وتراجعت على أمل أنني قد أتوافق مع خطيبي، وبالفعل عقدنا حفلة للخطوبة وقد زارنا هو وأهله أثناء تلك الفترة، وكنت طوال فترة زيارتهم غير سعيدة معه، ولكن سعيدة مع أهله؛ حيث إن طبيعته جادة بعكس أهله المرحين؛ حيث كان يجلس معظم الوقت وكأنه لا أحد حوله، لا يتحدث مع أحد، وإنما يشرد طوال الوقت، وعندما سألته لماذا هو بعيد عن الآخرين قال: إنه متعب، وقد تحادثنا أنا وهو وتفاهمنا على أن نحاول إصلاح الأمور بيننا، وأن نحاول أن نجعل الزفاف يتم على خير دون مشاكل، وحادثته بالأمور التي تقلقني ولا تعجبني منه، مثل: كثرة مطالبته بأن نتعانق أو أن يطلب مني إسماعه كلامًا جميلا طوال الوقت، ووعد بأن يغير أسلوبه، وأيضًا اكتشفت أن كل تحضيرات العرس يعتمد فيها على الآخرين؛ حيث يطلب من أصدقائه السؤال عن الأشياء المطلوب توافرها للعرس مثل المصور والقاعة وغيرها أي أنه لا يقوم بشيء بمفرده أبدًا، والحجة عنده أنه مشغول دائمًا، المشكلة التي أعاني منها الآن أنه بعد سفره هو وأهله أصبحت أحس دون سبب واضح أنني لا أريد التحدث معهم على الهاتف، وأنني غير قادرة على الاستمرار في هذا الموضوع، أعاني من الخوف الشديد من المستقبل، أشعر أنه لن يحسن معاملتي رغم أنه يؤكد العكس أو أشعر أنني غير قادرة على التوافق والعيش معه كزوجة، أصبحت أشعر بالاشمئزاز من هذا الموضوع، أحيانًا أشك في نفسي وأقول: ربما ما يحصل معي نتيجة سحر أو حسد.

لا أدري، بالله عليكم ساعدوني؛ لأنني لم أعد أطيق ما أمر به، مع العلم أن والدتي تريد مني إتمام الموضوع، ولا تتقبل فكرة فسخ الخطوبة بتاتًا، أرجو الرد السريع وشكرًا.

الإجابـة

أختي العزيزة، لا يمكن أن يُرسل أحدكم مشكلة مليئة بالتعقيدات والتفاصيل التي تحتمل أحيانًا وجهات نظر مختلفة، وتحتاج منا إلى مداولة وتدقيق وعميق تفكير، ثم يطلب في آخر السؤال ردًّا فوريًّا أو سريعًا!!

الأمور تحتاج إلى نظر وتأمل، وتقليب وتشاور من الفريق كله لتكون الإجابة على أفضل ما يكون، وهذا يأتي أحيانًا على حساب سرعة الرد.. فمعذرة. وهذه هي الأسباب. أختي، للمرة الثالثة تكتبين إلينا، وأنا مع شكري لك على التواصل معنا أكاد أقول: إنني حتى الآن لم أدرك سببًا واضحًا ومحددًا لنفورك من هذا الشاب الذي خطبك.

طبعًا هناك كراهية قلبية بلا أسباب منطقية، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف، وما تنافر منها اختلف. وهذه الكراهية النفسية القلبية كما أنها لا تحتاج لتبريرات وشروحات، فإنها أيضًا تبقى دون حلول أو مقترحات محددة، أو برامج لتعديلها.

فإذا كانت المشاعر في قلبك تجاه هذا الشاب سلبية ولم تتغير، ولا يلوح أنها ستتغير، ولو بعد حين، فلا مناص من فض الموضوع، ولو دون أسباب ومبررات. أما عن عيوبه الظاهرة فمرة تقولين: لا يعتمد على نفسه، ويجلس واجمًا وحيدًا، ومرة تقولين: إنه يطلب كلامًا جميلاً، وثالثة: إن طبيعته صارمة أو جادة.

يا أختي، البشر يختلفون، وما يروق لك قد لا يروق لغيرك وبالعكس.

وقلت لك قبل ذلك: إنه من الممكن أن يكون لديك تحفظات مبدئية على الزواج من هذا الشاب أو غيره، وهذا موجود لدى فتيات كثيرات من كثرة ما سمعن عن صعوبات، وقصص فشل وتعاسة غيرهن.

وأنا أسألك بوضوح: من أين أتى لك الخوف الشديد من المستقبل والشعور بأنه لن يحسن معاملتك؟ أو أنك لن تكوني قادرة على التوافق والعيش معه كزوجة؟!

هل لأنه يطلب منك كلامًا جميلاً، أو يطلب أن تتعانقا، أو أنه يجلس واجمًا.. إلخ.

النقطة الوحيدة التي لا يمكن فهمها أو قبولها هي مسألة العناق قبل الزواج، والرد عليها بسيط وممكن بلطف واحترام، ويبدو أنه لم يلح في طلبه ذاك، بمعنى أنك رفضت فسكت، أما الكلام الجميل فهو أنواع ودرجات منها ما لا بأس به من عذب القول، ومديح الفعل والهيئة، وإظهار السعادة باللقاء.. إلخ.

ليس في هذا مشكلة، المسألة هي: هل تتقبلينه زوجًا؟! أم أنك ترفضينه لأسباب مادية واضحة لم تذكريها، أو أسباب غامضة شعورية.. حقيقية أو مجرد هواجس؟!

ويأتي ضغط أمك عليك، وضغط تقدمك في السن فيزيد من وطأة المسألة على نفسك، ونفسية الوالدة.

دائمًا أنت تفكرين يا أختي، أنه ينبغي أن يتغير، فهل فكرت أنك أيضًا تحتاجين إلى بعض التغيير والقبول للآخرين على عيوبهم؛ ولأنك أيضًا لست بلا عيوب!!

إنك لم تعتادي على وجود رجل في حياتك له طلبات، وطباع تحتاج إلى بعض التأقلم معها، وتحتاج إلى بعض الجهد المتبادل منكما، فالأسرة كيان قائم على التضحية والتنازلات المشتركة.

وخلاصة كلامنا أن أمامك اختيارين: إما إنك تكرهين هذا الشاب، ولا تريدينه هكذا دون أسباب، وهذا حقك، وعليك عندها مراجعة موقفك من مبدأ الزواج نفسه؛ لأنه من الواضح أن لديك مشكلة ما فيه.

وإما أن هذا الشاب معقول ومقبول بدليل أن ما ذكرته من عيوب يبدو غير كاف لفض الزيجة

يا أختي، إذا كانت سائر مواصفات هذا الشاب جيدة فلا يضيره تلك الهنات البسيطة من تعاون أصدقائه معه، أو انشغال ذهنه أحيانًا، أو حبه لك ورغبته فيك، وإن أساء أحيانًا التعبير عن ذلك، أو استعجل هذا التعبير.

.. توكلي على الله وتزوجيه.. إذا لم تكن عيوبه إلا ما ذكرت في رسائلك الثلاث السابقة إلينا، وكفى بالمرء فضلاً أن تعد معايبه.

وتابعينا بالتطورات..

ملحوظة أخيرة: قد تحتاجين إلى بعض الوقت للمزيد من التأقلم على وجوده في حياتك، والتواصل معه، ولا بأس عند ذلك من إطالة فترة الخطبة لشهور إضافية قليلة، وأكرر قليلة بغرض تطوير العلاقة تدريجيًّا لا بغرض استمرار التردد الحالي.

⇐ هذه أيضًا بعض الاستشارات السابقة:

⇐ أجابها: د. أحمد عبد الله

أضف تعليق

error: