خطبة مكتوبة تبكي المصلين عن الصدقات.. وأثرها في دفع الابتلاءات

خطبة مكتوبة تبكي المصلين عن الصدقات.. وأثرها في دفع الابتلاءات

عناصر الخطبة

  • الصدقات جمع صدقة، والصدقةُ علامة صدق نية المسلم في تحقيق العبودية لله ﷻ الذي أمر بالصدقات للفقراء والمساكين، لتحقيق مصالح العباد.
  • الصدقات تُخرج المسلم من ظلمات الشح والبخل إلى نور البذل والعطاء، فيتآلف الفقراء مع الأغنياء في السراء والضراء، ويتعاون الجميع على البر والتقوى (وتعاونوا على البر والتقوى).
  • الصحابة رضي الله عنهم اقتدوا بالنبي ﷺ في الصدقات فقد كان ﷺ أجود من الريح المرسلة، فحريٌّ بنا أن نسير على نهج الصحابة رضي الله عنهم في الصدقات وندعو الله ﷻ أن يرفع عن الأمة الابتلاءات
  • لا يشترط فيمن يتصدق أن يكون كثير المال، أو أن يكون المال الذي يتصدق به كثيراً، ولكن يكفي مع الصدقة إخلاص النية لله ﷻ، فمهما كانت قيمة المتصدق به قليلة، فإن الحرمان منها أقلّ، بل ربما كانت صدقة يسيرة مع إخلاص نية لله ﷻ خير من أموال كثيرة بدون إخلاص نية، فقد سبق درهم ألف درهم.
  • الإكثار من دعاء سيدنا يونس عليه السلام (لا إله إلاّ انت سبحانك إني كنت من الظالمين) يرفع الابتلاءات عن الأمة كما رفع الله الابتلاء بالظلمات الثلاث عن يونس عليه السلام.

الخطبة الأولى

حثّ الإسلامُ المؤمنين على الصدقات لما لها من فضل عظيم، وخير عميم على المجتمع، فهي علامة التعاون بين المؤمنين على البر والتقوى، فتطهر نفس صاحبها من الشحّ والبخل ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ الحشر:9، وهي دليل على يقين المسلم بأن الرزق من عند الله ﷻ، يقول النبي ﷺ: «وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ» ← سنن الترمذي.

وهي قرض حسنٌ يدخره المؤمن لنفسه بعد مماته فيجده أمامه في الدار الآخرة قد تضاعف أضعافاً كثيرة، يقول ﷻ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ البقرة: 245. ويقول النبي ﷺ: «ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن –كناية عن قبولها– حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله» ← صحيح مسلم.

لذلك جعلها الله ﷻ من مفاتيح الفرج التي تقي العبد من الابتلاءات والفتن، وبها ينال المؤمن رضا الله ﷻ، ويدفع عن نفسه غضب الله ﷻ، خاصة في الأوقات التي يتعرض فيها المجتمع إلى جائحة عامة، ويتعرض فيها الناس إلى ضيق في العيش، فالصدقة مع استحضار نية دفع البلاء عن الناس حرز للمسلم وللناس جميعاً من كل سوء، وورد عن النبي ﷺ أنه قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ» ← سنن الترمذي.

وقال أنس بن مالك رضي الله عنه “باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّى الصدقة”.

فأداء الصدقة نفلاً، والزكاة فرضاً سببان لتعميم مغفرة الله ﷻ ورحمته على العباد والبلاد، قال ﷻ: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ التوبة: 102–103.

والحق أن الصدقات سبب من أسباب تيسير الأمور، وتذليل الصعاب، وتجاوز العقبات، وهي سبب لنشر المحبة والطمأنينة بين الناس، قال الله ﷻ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ الليل: 5–7.

إن في الصدقات علاجاً للأمراض والابتلاءات العامة والخاصة، فعن النبي ﷺ أنه قال: «دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ» ← سنن البيهقي.

يقول الإمام المناوي: وقد جرب ذلك الموفقون –التداوي بالصدقة– فوجدوا الأدوية الروحانية تفعل ما لا تفعله الأدوية الحسية، ولا ينكر ذلك إلا من كثف حجابه”.

ولا يشترط فيمن يتصدق أن يكون كثير المال، أو أن يكون المال الذي يتصدق به كبيراً، ولكن يكفي مع الصدقة إخلاص النية لله ﷻ، وقد قال النبي ﷺ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ← متفق عليه.

فالإنسان لا يدري أيّ عمله يكون مقبولاً عند الله ﷻ، ومهما كانت قيمة التصدق قليلة، فإن الحرمان منها أقلّ، بل ربما كانت صدقة يسيرة مع إخلاص نية لله ﷻ خير من أموال كثيرة تنفق من فضول الأموال أو دون إخلاص، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: «سبق درهم مائة ألف درهم، كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق بها» ← سنن النسائي.

وقد وعد الله ﷻ لمن يبذل ماله في سبيل الله أن يكون لهم درجة عظيمة في الآخرة من أمنٍ وفرح بثواب ما قدموا عند الله، يقول الله ﷻ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ البقرة: 262، فقد تكفل الله ﷻ بأن يكون المنفق في سبيل الله ﷻ من الآمنين، وأن يكفيه الفقر، فلا يحزن على ما أنفقه في سبيل الله لأنه يرجو عظيم الأجر عند ربه ﷻ.

كذلك؛ هنا: خطبة عن فضل الصدقة الجارية.. مكتوبة ومعززة بآيات وأحاديث وما يلزم

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

عباد الله: لقد جعل الله صدقة على الصحة والعافية التي وهبها الله ﷻ للإنسان، يؤدي بذلك شكرها، فقال ﷺ: «يصبح على كل سلامى من ابن آدم صدقة، تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقة، ونهيه عن المنكر صدقة، وإماطته الأذى عن الطريق صدقة، وبضعة أهله صدقة، ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى» ← صحيح مسلم.

إن الصدقة ولو بالكلمة الطيبة أو الدعاء الصالح، سبب الفلاح والنجاة من كل كرب وبلاء، فهذا يونس عليه السلام أخبر عنه الله ﷻ فقال: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ﴾، أي: فظن أن لن نضيق عليه معيشته ونبتليه، فما كان منه عليه السلام إلا أن تصدق على نفسه بالدعاء لله ﷻ: ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ الأنبياء: 87، فنجاه الله ﷻ من الكرب والبلاء ببركة هذا الدعاء.

والحمد لله رب العالمين..

وهاهُنا: خطبة جمعة عن ثمرات الصدقة وفوائدها في الدنيا والآخرة

أضف تعليق

error: