خطبة عن الشباب «عطاء ونماء»

خطبة عن الشباب

في الوقت المناسب! حسنًا أعتقد أنها تناسب كل وقت؛ فهذه خطبة عن الشباب؛ —مكتوبة— بعنوان «عطاء ونماء». ولعل المُتدبِّر والمُتأمّل في حال فتياننا اليوم —وفتياتنا أيضًا— يحزن بحَق، لِما وصلوا إليه؛ ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.

فما رأيكم أن يقوم الخطباء بدورهم، ويضغَطوا على الجِراح حتى ينتَبِه الغافلون ويستيقِظ السَّاهون!

مقدمة الخطبة

الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين، وجعل له في شبابه قوة التمكين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عليه نتوكل وبه نستعين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قدوة الشباب الصالحين، ونبراس العمل الصالح للمتقين العاملين، ﷺ وعلى آله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.

أما بعد، فاتقوا الله –عباد الله–، واتقوا الله يا معشر الشباب، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

الخطبة الأولى

أنتم –أيها الشباب– بكم يصلح المجتمع ويتقدم الوطن وتنهض الأمة، فمرحلة الشباب من أفضل مراحل عمر الإنسان، بل هي المرحلة الذهبية في حياته، فيها القوة والفتوة، والصحة والعافية، وفيها تتشكل ملامح المستقبل المشرق، وتتحقق الأهداف والطموحات.

يقول رسولنا الكريم ﷺ: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز».

بقدر تقدم الشباب وعلو طموحاتهم ورفعة اهتماماتهم يتقدم المجتمع وتنهض الأمة، وبقدر تكاسلهم وتفاهة اهتماماتهم ترجع الأمة إلى الوراء وتكون عبئا على غيرها، فيا أيها الشباب: استعدوا بارك الله فيكم لتحمل مسؤولية البناء والعطاء، وواصلوا مسيرة التقدم والبناء بكل عزم وإصرار، فالأمة اليوم تستدعي سواعدكم الفتية للبناء والتعمير، وتستوجب وحدة قلوبكم وصفكم للمحافظة على المنجزات، وتحتاج إلى أخلاقكم وقيمكم الرفيعة لاستمرار الخير وتدفق العطاء.

أيها المؤمنون: إن بعض الشباب قد يغيب عنهم سر وجودهم في الحياة، ولماذا خلقوا؟ وإلى أين يكون المصير؟ فيا أيها الشاب، ما خلقك الله ﷻ عبثا، وما تركك سدى، بل خلقك لغاية عظيمة ومقصد نبيل، خلقك لعبادته وعمارة الكون بصالح العمل، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾.

وقد غفل كثير من الشباب عن هذا الأمر الخطير، وجعلوا حياتهم مقصورة على أنفسهم فقط، يحققون فيها رغباتها وشهواتها، لا يبالون أكان ذلك من حل أو حرام، فضلا عمن ينغمس في المعاصي والموبقات عياذا بالله، لا يفكرون في مجتمع ولا في أمة، وما هكذا شأن المؤمن، بل شأنه كما قال الله ﷻ في أولئك الفتية: ﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾، شأنهم المحبة لإخوانهم وجلب الخير لهم ودفع الشر عنهم والنصح فيما بينهم ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، وفي الحديث: أن رسول الله ﷺ قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا».

معشر الشباب: إن تقدم أي مجتمع وأي حضارة لا يمكن أن يكون إلا إذا كان منهجها نابعا من دينها الذي آمنت به ورضيه الله لها، ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا﴾.

وقد اختلت الموازين عند بعضهم، فأصبح عمله مخالفا لتعاليم دينه وقيمه ومبادئه، يظهر ذلك في أقواله وأفعاله وأخلاقه، ألم يعلم أن الله مطلع على جميع أحواله، ناظر لما يعمل ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

وكثيرا ما يقرن الله ﷻ بين الإيمان والعمل الصالح؛ فهما أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾، ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

فالعمل العمل أيها الشباب، كونوا مؤدين لأوامر الله ﷻ، مجتنبين نواهيه، متحملين بكل جدارة مسؤولية أعمالكم ووظائفكم التي نيطت بكم، محافظين على مكتسبات وطنكم وأمتكم، حذرين من كل ما يجلب الشر والفساد، مسارعين لما فيه الخير والرشاد، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

ما رأيكم أيضًا بهذه! خطبة عن شبابنا والمخدرات.. ودور المجتمع ورجال الأمن في مكافحة هذه الآفة والتصدي لها

الخطبة الثانية

الحمد لله، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا رسول الله، ﷺ وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أيها الشباب: اعتزوا بدينكم وأخلاقكم وهويتكم النقية ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾، ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا﴾، كونوا مؤثرين في الآخرين باعتزازكم بدينكم واتباعكم لنبيكم الكريم، حاملين دعوة الإسلام إلى العالمين برقي تعاملكم وحسن أخلاقكم، والحذر كل الحذر من الجري وراء كل ناعق، والتأثر بكل التيارات.

فتجد بعض الشباب غير معتز بشخصيته، منهزما نفسيا وفكريا، تخلى عن وطنيته وتراثه، يقلد كل غاد ورائح، يفعل أفعالا مجها أهلها، يحاكيهم في أفعالهم وأقوالهم، يقلدهم في حركاتهم وسكناتهم، ينبهر من تصرفاتهم وهيئتهم! وكأن هذا الإنسان لا دين له ولا مبادئ ولا قيم ولا أخلاق ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾.

ورسولنا يقول محذرا: «لا يكن أحدكم إمعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا ألا تظلموا».

فاتقوا الله –عباد الله–، وراقبوا الله ﷻ في أعمالكم وأقوالكم، فالله عليم بكل أحوالكم، مطلع على سريرتكم وعلانيتكم ﴿وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

إخواني؛ قدَّمنا لكم أعلاه خطبة قصيرة عن الشباب؛ ولِم لا؛ فهل يرضيكم حال شباب المسلمين اليوم؟ انظروا إلى شباب الصحابة وشباب اليوم، واقرؤوا قصص عن دور الشباب في الإسلام وستجدون الفَرق بأنفسكُم، طالعوا الأبحاث والندوات لتعرفوا ماذا قال أهل العِلم عن الشباب ودورهم في بناء المجتمع.

الأمر كبير وجلل؛ ضياع الشباب المسلم اليوم بين كل هذه الأمور الدخيلة عليهم مسؤولية الجميع، ويجب أن يسعى كل أفراد المجتمع إلى تقديم الحلول، رجال العِلم والخطباء والحكومات وأفراد الأسرة.. الجميع بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

وهذه أيضًا خطبة الجمعة مكتوبة: اغتنام عهد الشباب في بناء الذات.. إتقان العبادة وإتقان العمل + ملف PDF

اللهم أصلح شباب المسلمين

أضف تعليق

error: