خطبة عن مكانة المسجد في الإسلام – مكتوبة وبالعناصر

خطبة عن مكانة المسجد في الإسلام - مكتوبة وبالعناصر

مقدمة الخطبة

الحمدُ لله الذي نوَّرَ بجميل هدايته قلوبَ أهل السعادة، وطهَّرَ بكريمِ ولايتِهِ أفئدَةَ الصادقين فأسكن فيها وِدَادَهْ، ودعاهَا إلى ما سبَقَ لها من عنايتِهِ فأقبلت مُنْقَادَة، الحميدِ المجيدِ الموصوفِ بالجلالِ والجمالِ والتمجيِد، نحمدُهُ على ما أَوْلَى من فضلٍ وأفادَهْ، ونشكُرُهُ معترفين بأَنَّ الشّكرَ منه نعمةٌ مُستفادَةْ.

وأشهد أن لا اله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، شهادةً أُعِدُّهَا أكبرَ نِعَمِهِ وعطائه، وَوَسيلتي العظمَى إلى يوم لقائِه.

وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله وصفيُّه من خلقه وحبيبُه، أقام به منابر الإيمان ورفع عِمَادَهْ، وأزال به سِنَانَ البُهتان ودفَعَ عِناده، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.

الخطبة الأولى

للمسجد في الإسلام مكانة عظيمة فهو بيت الله ﷻ الذي يؤمه المؤمنون لأداء أعظم عباداتهم البدنية وهي الصلاة. قال ﷻ: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ﴾ التوبة: 18. وقال ﷻ: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [النور: 36 – 38].

ففيها يقبل العبد على الله ويتصل بها في مولاه. فتتنزل عليه من الله الرحمات، وتحل على قلبه السكينة والبركات، وينتفع بذلك النور الذي قال الله فيه: ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [سُورَةُ النُّورِ: 35]

وينالون فيه بشرى رسول الله ﷺ: «ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ» رواه مسلم.

والمسجد في الإسلام ليس بناء حجريا محضاً. بل فيه يبنى الإيمان، ويصاغ الفكر وتزكى الأنفس، وينشر ميراث النبي ﷺ من علم نافع وسنة نبوية مطهرة وتتابع حاجات المؤمنين لتحقيق معاني التكافل والتلاحم. عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال ﷺ: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى» متفق عليه.

وفيه تتوحد صفوف المصلين وقلوبهم على حب الله وحب رسوله ﷺ وحب المؤمنين. فتنبذ الفرقة وتزول الصراعات والنزاعات وضغائن القلوب وتذوب الفوارق. يقول الله ﷻ: ﴿وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُواْ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِۦٓ إِخْوَٰنًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍۢ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ آل عمران: 103. ويقول ﷺ: «المُؤْمِنَ للمؤمنِ كالبُنْيانِ يشدُّ بَعضُهُ بعضًا» أخرجه البخاري.

وعلينا أن نعظم ما عظمه الله. يقول الله ﷻ: ﴿ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ الحج: 32. فلنعمر مساجدنا بالصلاة، والذكر، وتلاوة القران والدعاء، ومجالس العلم، والافتاء، والدعوة والإرشاد، والوعظ والتوجيه، ولنصن مساجدنا عن اللغو في الحديث. يقول ﷻ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ المؤمنون: 3. فضلاً عن الحرام. فلا صخب، ولا جدال فيها، ولا يجوز أن تجعل محلاً للعصبيات الضيقة، والخلافات المقيتة، والنعرات الجاهلية. فإن ذلك كله محبط للعمل.

وإن أعظم المساجد التي تتعلق بها قلوب المؤمنين المسجد الحرام في مكة المكرمة أول بيت وضع لعبادة الله في الأرض. يقول الله ﷻ: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ آل عمران: 96. ومسجد النبي ﷺ الذي تشرف بضم جسده الشريف. يقول ﷺ: «ما بيْنَ بَيْتي ومِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِن رِيَاضِ الجَنَّةِ، ومِنْبَرِي علَى حَوْضِي» اخرجه البخاري.

والمسجد الاقصى ثاني مسجد وضع لعبادة الله. وأولى القبلتين، ومنتهى مسرى النبي ﷺ ومكان إمامته ﷺ بالأنبياء والرسل. ومبتدأ معراجه إلى السموات العلى والذي سيبقى في سويداء قلوبنا رغم ما يتعرض له من احتلال ومحاولات تقسيم و تدنيس.

وسيبقى المسجد الأقصى عزيزاً مهاباً. وسيزول الاحتلال بإذن الله ﷻ.

اللهم إنا نتوجه اليك في أهل غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. وارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول اليهم أو الصلاة عليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافي الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب. ونذكّر أن الصلاة على الغائب من الشهداء والذين هم تحت الأنقاض بعد الصلاة والاذكار والسنة البعدية للجمعة.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ سورة آل عمران: 102.

واعلموا عباد الله ان الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله ﷻ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56، عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: [أنّ من واظبَ عليها يكفى همه ويُغفر ذنبه]، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا»، وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات الى النور، يقول الله ﷻ: ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ سورة الأحزاب: الآية 43، وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ ونقتدي بسنته في البأساء والضراء وحين البأس.

واعلموا أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: «سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر».

وفي المصائب والكرب والشدة أوصى الرسول ﷺ بدعاء الكرب وهو: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم» رَوَاه الْبُخَارِيّ. فندعو به في شدائدنا وشدائد أهل غزة وفلسطين، واعلموا أن هذا الدعاء يناجي الله ﷻ في اسمه العظيم تذللاً لعظمة الله، والحليم رجاءً لحِلم الله، وربّ السموات والأرض ربّ العرش العظيم يقيناً بأن الأمر كله بيد الله، وأكثروا عند تكالب الأعداء علينا من قول [حسبنا الله ونعم الوكيل]، لأنّ الله ﷻ يقول: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ آل عمران: 173،174

والحمد لله ربّ العالمين..

⇐ هذه أيضًا بعض الخطب المقترحة، ذات صِلة:

وفقنا الله ﷻ وإياكم، وسدد خطانا وخطاكم.

أضف تعليق

error: