خطبة عن كرم الله في عفوه وعطائه

خطبة عن كرم الله في عفوه وعطائه

إن القَوم بحاجة إلى المزيد من التزوّد. وهذه خطبة عن كرم الله في عفوه وعطائه؛ والتي نسوق لكم من خلالها الكثير من العبر والمواعظ الحسنة، والإرشاد والتوجيه البليغ. فما رأيكم بأن نُبحر سويًا مع هذه الرحلة الإيمانية المبارَكة في يوم الجمعة الفضيل هذا. سائلين الله الحليم الكريم ﷻ أن تنتفعوا بكل ما نقدمه لكم من دروس وخطب؛ دنيا وآخرة.

مقدمة الخطبة

الحمد لله ذو الجود والكرم، والفضل والنعم، نحمده حمدًا مستمرًا دائمًا لا ينفصم. والصلاة والسلام على حبيبنا وسيدنا محمد هادي الأمم، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأكرم وأنعم.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له ولا وزير ولا والدٍ ولا ولد منذ الأزل والقدم، وأشهد أن حبيبنا وسيدنا ومولانا وشفيعنا، وأسعدنا ومعلمنا الخير، محمد بن عبد الله رسول الذي به يزول الغم والهم، والذي أوصله صحابته وأتباعه إلى القمم.

شهادة مخلصة صافية نقية طاهرة من قلوبنا جميعا، نلقى الله ﷻ بها، بسرور وبهجة ولا نعرف بعدها ولا معها الندم.

الخطبة الأولى

أما بعد إخوة الإسلام، أيها الحضور الكرام، إخوة أفاضل وأخوات كريمات.

ها هو لقاء السعد، ولقاء المحبة ولقاء الرحمة الواسعة والمغفرة الشاملة، ولقاء جلب الخيرات والبركات.

وساعة فيها تتنزل الرحمات والصلوات من رب الأرض والسموات، إنه يوم الجمعة، بارك الله لنا في هذا اليوم، وهو الذي هدى إليه أمة الإسلام.

وهو الأسبق للسبت والأحد، وهي الأخيرة من حيث تعداد الأمم، لسر أراده الله في هذا اليوم، وبفضل أكرم الله به أمة حبيبه الأول سيدنا محمد ﷺ.

لله الحمد على كرمه وجوده

فلله الحمد أولا وأخيرا، لله الحمد على كرمه وجوده، وإحسانه وفضله. لله الحمد الذي ﷻ يمهلنا كل يوم، ويمهلنا كل عام، ويمهلنا عاما بعد عام، فهو الصبور الحليم.

الذي جاء في الحديث النبوي الشريف تبيانا لكرم المولى ﷻ «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل».

إذا في جنح الليل اقترفت ذنبا وتخشى أن لا يعلمه أحد، وقد علمه الواحد الأحد. في جنح الظلام.

في زاوية من الزوايا أو مخبأ من المخابئ أو ساعة من الساعات اقترفت ذنب وقد يظن الناس أن الليل يستر على الإنسان، وهم يعلمون فكيف يغفلون؟ بأن الله ﷻ لا يحجبه ليل ولا ظلام ولا بُعد ولا غير ذلك من الأوهام.

سعة رحمة الله بعباده

لذلك افرح أخي المسلم، ولا تكن يائسا ولا تكن عاجزا عن التوبة، إذ أن الله ﷻ يبسط لك يد الرحمة، أي يد؛ يد الكرم، حاشا لله أن نشبهه بما لا يليق به ﷻ.

وهذا موضوع مفصول فيه، لا نريد أن نكرره، إذ أن أهل الإسلام على اتفاق واحد بأن الله ﷻ بنص الآيات المحكمات ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فهو إذا منزه عن أن يشبه بخلقه أو بأطراف أو بأجزاء أو بأعضاء من خلقه ﷻ.

فهو الذي خلق الخلق وخلق كل شيء ﷻ وهو منزه عن مشابهة أي شيء من مخلوقاته.

فيبسط أبواب الرحمة، يفتح أبواب المغفرة، في الليل ليتوب مسيء النهار، في النهار ذو قوة للإنسان، وذو طاقة قد تكون جبارة، في ماذا؟

في كسب حياته، في قضاء شهواته، فقد يقضي فيما يقضي من حياته في كسب المال حرام، أو يقضي في كسب الشهوات حرام، أو يفعل أعمالا أو يقول أقوالا وهو في طاقة الفصاحة والكلام ما فيه سخط الله ﷻ.

التوبة كنز فاغتنمه

رغم هذا أقول له لا تيأس يا أخي المسلم، لا تيأسي يا أختي المسلمة، أنت تتعامل أن كنت صادقًا عليك بالتوبة، عليك بالتوبة ولا تتهاون بها، ولا تتهاون بالذنب.

فبعض الناس يقول: يا أخي ما هو إلا ترفيه عن النفس، هي بعض كما يقال، هي أشياء هفوات، أو هي كما قيل زلات أو أنها ليس من العظائم وإنما هي من فسافس الأمور.

لا تستصغرن الذنب، بل تفكر جيدا عظم الله ﷻ، فأنت لا تستصغرن الذنب وإن كبر الذنب، بل انظر إلى عظمة الله ﷻ، ورغم هذه اللمم، يسمونها في لغة الشرع اللمم، إلا اللمم ﴿يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ﴾.

فهذه اللمم والكبائر، إن كنت صادقا مع الله ﷻ يغفرها الله ﷻ، لكن تكن في يقينك أنك تتعامل مع ربٍ ﴿نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾، ﴿وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ﴾.

مع ربٍ أراد لك الرحمة يرحمك، ويغفر لك ولا يبقي لك ذنبا، يعفو عنك ويعفو عن كثير، سبقت رحمته عذابه، وسبق عفوه عقابه.

ولكن إن ظننت بالله سوء، وتهاونت في أمر الله، وتطاولت على الله وتجرأت على هيبة الملك الحنان المنان، القوي القديم القدوس وقلت: معلهش، وما وما أكثر الناس الذين ينكتون ويمزحون على الله.

قل: أفي الله وفي آياته وفي رسوله نخوض، كنتم تخوضون، يمزحون يضحكون الناس على من؟ والعياذ بالله على خالقهم.

ويضحكون أيضا عند المعاصي، وهذه عادات سيئة بذيئة، اتركوها عباد الله، لا تليق بمن يحب رسول الله ﷺ، لأنه كان يقول «ليس المسلم بالسباب، ولا الطعان، ولا البذيء».

حاشا، نحن ندعي الإسلام ولساننا أسوأ ما يكون، أرذل ما يكون، وفي نكتنا ومزحنا ما تحت الزنار، فعلينا أن نتعامل مع الله ﷻ بما يليق بالله ﷻ.

إن الله شديد العقاب

أيها الأحباب إنه ربٌ كريم، وهو أيضا شديد العقاب، وعذابه عذاب أليم، من منا يقوى على عذاب جهنم؟ إن كان أقل فيها من عذاب أن يغلي دماغ المرء إذا وضع تحت قدميه جمرتين أو جمرة، يغلي بها دماغه.

أقل ما فيها من عذاب، ونحن لا نقوى على شعلة الكبريت، فكيف؟ ولا نقوى على نارٍ قد نشعلها للشوي والنش للفرح؟ لا نقوى على أن نقترب منها.

فكيف سنقوى على نار أُعدت للكافرين؟ وما زالت تُشعل وتُشعل وتزداد اشتعالا، أعوذ بالله لي ولكم من عذاب النار.

كن صادقاً مع الله

فلنتعامل بصدق مع الله ﷻ، فهو أكرم الكرماء وأرحم الرحماء. أنظر أخي المسلم، كيف هذه الأمثلة من رحمة الله؟

الله ﷻ يغفر لمسيء الليل، ويغفر لمسيء النهار، وينادي العباد أن توبوا إلى الله، في الثلث الأخير من الليل، تتنزل رحمات الله.

حاشا أن نفكر أنه ينزل الله ويطلع كالمطاط، حاشا، حاشا ذلك، إنما هي الرحمة التي تنزل من السماء فينزلها الله.

وهنا إضافة محذوفة عند أهل اللغة، وما جاز وما أدراك ما المجاز، وما أدراك ما البديع، وما أدراك ما التمثيل، وما أدراك ما البلاغة؟ وما أدراك معنى ضمني حذف جزء منه؟ من ناحية اللفظ وبقي معناه.

عندما تقول: بنى الملك مستشفى، هل هو الملك الذي بناه يا أخي؟ لم يبنه الملك، إنما أمر ببنائه.

وعندما نقول: نزل الله، أي نزلت رحمة الله، أمر الله الملائكة أن ينزلوا الرحمات على أهل الأرض، من سماوات، لأن السماء هو قبلة الدعاء، وهي مهبط الوحي، فهي مكان مرتفع، أي عالٍ في مكانته.

لكن الله ﷻ هو العلي القدير في مكانته وليس في إحساس أو مكان وغير ذلك.

ومن هنا أيها الإخوة، نحن نفهم تنزيه الله ﷻ، والله رحيم كريم. انظر إلى أهل الإسلام عندما أمرهم قال على لسان النبي ﷺ يدلهم، ماذا قال؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ | تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.

الإيمان بالله، ورسول الله، والعمل في سبيل الله من كل جهد وجهاد، فهذا خير، ماذا لكم؟ يغفر لكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنات عدن.

﴿يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾، ﴿وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾.

﴿نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

كرم الله في عفوه وعطائه

إن الله -عز وجل- يغفر الذنوب، ثم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن في هذه الجنات عظيمة، غرف يفرح بها أهلها، مزينة، قصور من كل ما لا تتصوره وما غاب عن عيوننا وأبصارنا وأسماعنا.

ما لم يخطر على بال بشر هيئة هذه القصور، ليس من المرمر ولا من الذهب أو من المسك أو من غير ذلك مما وصفت به قصور الجنة.

﴿وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ﴾، في الدنيا ﴿نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

أنظر إلى عطاء الله ما أعظمه، لعمل الإيمان، والعمل في سبيل الله، لك المغفرة، ولك الجنة، ولك الغرف، ولكم حيث كان فتح مكة ﴿نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ﴾، أي الفتح ﴿وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾، بانتشار الإسلام.

كرم الله في الابتلاء

هذه صورة أيها الإخوة من ماذا؟ من كرم الله ﷻ، الكرم الإلهي عظيم، الكرم هذا تعامل به الله ﷻ مع نبيه محمد ﷺ حيث الله هو الذي أنشأه، ورباه يتيما، ولم يتركه ﷻ ﴿وَالضُّحَى | وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى | مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾.

ما تركه، وما قلاه، وما ابتعد عنه، وما ابتعدت عنه رحمة الله ﷻ ونصر الله وتأييد الله، وجعل له مقام، علي، محمود في رحلة الإسراء والمعراج.

ثم انظر إلى مسألة أخرى من كرم الله ﷻ الذي تصيبه مصيبة، ماذا يقول؟ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ | وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ﴾.

في أية ﴿يرزقون﴾ ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾، ماذا لهم الصابرون؟ وبشر الصابرين، في هذا الابتلاء ماذا لك؟

وبشر الصابرين

أنت تتعامل مع الإله الكريم، إذا أصابك بنعماء أعطاك بلا حدود، وإذا أصابك بابتلاء أعطاك ثوابًا عليه بلا حدود، وبشر الصابرين.

الصابرون في هذه الآية لهم أجر ولهم فضل، ما هو؟ ﴿أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾.

هذه كلها فضائل لأنك صبرت مع الله، رب كريم يا إخواني، رب عظيم.

فأنت في صبرك عند البلاء تقول: إن لله وإن إليه راجعون، فيأتيك من الله صلوات، بركات، مغفرة، رحمة خصصت، والرحمة هي من الصلوات، لأن الصلاة علينا رحمة، ولكن لأن أحوج ما نكون إلى الرحمة من الله ﷻ.

إذا مرضت من يرحمك بالشفاء؟ إلا الله، وإذا افتقرت من يعطيك بالغنى؟ إلا الله، وإذا أذلك إنسان من يكرمك بعد ذلك إلا الله، وإذا أصابك شيء في أسرتك من ينقذك من هذه الكوارث إلا الله ﷻ.

يا صاحبَ الهمِّ إنَّ الهمَّ مُنْفَرِجٌ
أَبْشِرْ بخيرٍ فإنَّ الفارجَ اللهُ

اليأسُ يَقْطَعُ أحيانًا بصاحِبِهِ
لا تَيْأسَنَّ فإنَّ الكافيَ اللهُ

إذا بُلِيتَ فثقْ باللهِ، وارْضَ بهِ
إنَّ الذي يَكْشِفُ البَلْوَى هو اللهُ

واللهِ مَا لَكَ غيرُ اللهِ مِن أحدٍ
فحَسْبُك اللهُ في كلٍّ لكَ اللهُ

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

اللهم اغفر لنا ولهم يا الله يا كريم، ونزل علينا البركات، واجعلنا من أهل التوبة في كل وقت صادقة نصوحة، طهرنا بها قلباً وجسداً وروحا.

ادعوا لموتاكم يا إخوانا.

اللهم اغفر لنا ولهم وللمسلمين أجمعين، اللهم تقبل منا يا أرحم الراحمين، يسر أمورنا وتقبلنا قبولا حسن.

هنا كذلك.. خطبة: أحكام الرُّقى وأصناف الرُّقاة

الخطبة الثانية

الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد ﷺ صلاة دائمة إلى يوم الدين.

عطاء الله وكرمه

أما بعد أيها الإخوة الأكارم، هذه هي نصيحتي لي ولكم، أن نعود إلى الله ﷻ، وأن نعلم بأن عطاء الله ﷻ كبير.

إذا الكريم وهب
لا تسألن عن السبب

عطاء الله ﷻ فهو إذا أعطاك سيغنيك، وإذا أكرمك فسيرضيك، فتوكل على الله يا أخي المسلم.

وما أكثر الابتلاءات في هذا الزمان، وما أكثر المسائل والقضايا والمشاكل التي تُشغلنا في هذا الزمان.

ولكن علينا ألا نُبعد الأنس الذي نحتاجه مع ربنا ﷻ، ونحن أحوج ما نكون إلى الله ﷻ بسبب المشاكل والكوارث والمصائب، فنجعلها حاجزا ما بيننا وبين العودة إلى الله والتوبة إلى الله واللجوء إلى الله ﷻ.

الله ﷻ وصف القوم يحبهم ويحبونه، أي أنه إذا أراد بنا خيرا يحبنا الله فيرشدنا إلى حبه.

تاب عليهم ليتوبوا، يفتح لنا أبواب التوبة فنتوب إلى الله ﷻ، يبدأ لنا بالخير ﷻ، يبدأ لنا بالحب، يبدأ لنا بالتوبة لكي نبقى على هذا المنهاج، منهاج رسول الله ﷺ.

فلذلك أيها الأحباب الحب لله والقرب من الله يحتاج منا أن نكون بإذن الله ﷻ مداومين على أمور، على الأخص الأساسية من أمور ديننا، ألا وإنها الصلاة، لأن الصلاة نور، من فقد النور كيف يعيش في هذه الدنيا وقد امتلأ قلبه ظلام.

فإن الظلام هو الذي يجلب لك الحياة الضنكة ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾.

هذا الضنك الذي تعيشه الأمة ونعيشه أفراد ونعيشه أسر ونحتاج إلى من ينقذنا ونغفل أن الذي ينقذنا هو الذي أحيانا، والذي رزقنا، والذي يعطينا إن شاء، فالرحمن هو الرحمن العفو الكريم الذي بيده الملك ﴾قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ | تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

فإذاً أيها الإخوة هناك أجرٌ من غير حساب، وهناك رزقٌ من غير حساب، أما الأجر الذي هو من غير حساب فهو أجر الصابرين، وهو بالصدق وبحقيقة صريح في القرآن الكريم، في قوله ﷻ ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

إذا تريد أن يكون لك درجة عالية في الآخرة، تريد أن يكون لك الأجر من مغفرة وعفو حتى ذنوبك لا تُكشف، لماذا؟ لأنه بغير حساب.

من حوسب أيها الإخوة فالله اعلم ماذا يكون به، إما يكون حسابه يسيرا أو عسيرا.

فالإنسان يقول: يا رب نجني من غير حساب، من حوسب فقد نوقش، سيناقش، فعل كذا وكذا، فيبقى الأمر بعفو الله.

إما أن يعاقبه على ما أقر به أو أن يعفو عنه، بعفو من الله ورحمته.

فإذا أردت أنت تدخل الجنة بغير حساب فكن من الصابرين.

واعلموا أن الله أمر بأمر عظيم، بالصلاة والتسليم على النبي الكريم محمد ﷺ سيد الصابرين، وإمام المتقين، حيث قال ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

وهنا يا أكارِم.. خطبة: تربية الأبناء من أهم واجبات الآباء

الدعاء

  • اللهم ألهمنا الصبر، وألهمنا يا ربنا الصبر في كل الأمور في الطاعة، والصبر عن المعصية، والصبر في أسرنا، والصبر مع المسلمين والمؤمنين.
  • وارزقنا خلقا عاليا ساميا راقيا يا رب العالمين.
  • لبيك اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على حبيبنا وسيدنا محمد القائد المعلم، الذي ما ضاقت إلا به فرجها الله.
  • فرج عنا وعن المسلمين، كما صليت على سيدنا إبراهيم وآل سيدنا إبراهيم وصحب كل يا رب العالمين.
  • اللهم إنا نسألك تمام النعمة، ودوام العافية، وحسن الخاتمة.
  • فرج أمة رسولك في سائر بلاد الأرض يا رب، وفي ربوع هذه المقطورة يا رب العالمين.
  • اللهم ألهمنا الرشاد والسداد، في الأقوال والأفعال، وارزقنا توبة نصوحة في هذه اللحظة، في هذه الساعة، طهرنا جميعا بها قلبا وجسدا وروحا.
  • لا تجعلنا من أهل الشقاق والنفاق والرياء، يا الله، يا الله أخرج ذلك كله من قلوبنا، وثبتنا على خطى رسول الله ﷺ.

وأقِـم الصَّـلاة.

وبعد؛ فقد قدمنا لكم إخواني خطبة عن كرم الله في عفوه وعطائه؛ وهي أحد خطب الجمعة للإمام عبدالله حجير -جزاه الله خيرا-. وهنا أيضًا خطبة عن أذكار الصباح.. الميثاق الحصين. ونسأل الله الكريم المتعال ﷻ أن ينفعنا جميعًا بالعلم النافِع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top