خطبة جديدة بمحتوى قوي ومُنظَّم.. مكتوبة

خطبة جديدة بمحتوى قوي ومُنظَّم.. مكتوبة

عناصر الخطبة

  • الدعوة للتأمل في عظمة خلق الله ﷻ.
  • الحث على التقوى والاعتماد على الله ﷻ.
  • الحياة مليئة بالتقلبات والاختبارات.
  • المؤمن يظل صبورًا وشاكرًا في جميع الظروف.
  • أهمية الذكر والدعاء في الأوقات الصعبة.
  • الدعوة للتعاون بين المسلمين.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الذي تقدست أسماؤه، وتنزهت ذاته، وعظمت آلاؤه، سبحانه، ليس لفضله حدود قاطعة، وليس لقدرته سدود مانعة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، السميع البصير، واللطيف الخبير، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، خير الأنام، ومصباح الظلام، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيام.

أما بعد، فأوصيكم ونفسي –عباد الله– بتقوى الله ﷻ، فإنه لا سعادة ترجى في الدنيا إلا بالتقوى، ولا نجاة في الآخرة إلا بالتقوى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

الخطبة الأولى

واعلموا – علمكم الله –، أن الله تعالى سبحانه، له القدرة المطلقة التي لا تحدها حدود، ولا تمنعها موانع، وقد وصف الله تعالى نفسه بهذه القدرة في مواضع متعددة من كتابه العظيم، قال تعالى: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ﴾، وقال جل وعلا: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا﴾، فقدرة الله العظيم المطلقة تتجلى في صور مختلفة في هذا الكون، فهي تتجلى بوضوح في بديع خلقه وعظيم صنعه، فالوجود بكل جزئياته وذراته، ما هو إلا أثر لتجليات قدرة الخلاق القدير ﴿وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ﴾.

لذا يلفت سبحانه انتباه خلقه في كتابه إلى هذا الكون المنظور ليتفكروا؛ يقول تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾. فكما تتجلى قدرة الله العظيم في إيجاد الخلق وإبداعه، تتجلى في تسيير ذلك الخلق ووضع نواميسه، وتتجلى كذلك في تبديل أوضاعه وتغيير أحواله ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، فسبحان الله العظيم، ذي القدرة المطلقة، والإرادة النافذة ﴿أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.

أيها المؤمنون: إن الله ﷻ يعلمنا في كتابه الكريم أنه كما بدأ الخلق فإن إعادته عليه أهون، وكما وضع للكون نواميسه وسننه، فخرق تلك النواميس والسنن عليه أهون، وكل شيء أمام قدرة الله هين، فهو سبحانه الذي جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم، وهو الذي أنام أصحاب الكهف سنين عددا، ولأجل هذا فإن حماية الله هي الحماية، وصونه هو الصون، ورعايته هي الرعاية، ولا ملجأ ولا منجى منه سبحانه إلا إليه، يقول سبحانه وتعالى ممتنا على خلقه بهذا: ﴿قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ * قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ﴾.

أيها المؤمنون: إن المؤمن الذي يسعى إلى الفوز بمعية الله، والذي يوقن بقدرة الله غير المتناهية وبتصريفه المتقن للأمور، يكون مؤمنا قويا، ولو مزقت ثوب سكينته الخطوب، ونهشت جسد راحته الكروب، فإنه يبقى مع كل ذلك مطمئن القلب، منشرح الصدر، واثق الخطى، لأنه يلوذ بمن لا يعجزه شيء ولا يعزب عنه شيء. فهذا نبي الله موسى – عليه السلام – خرج من مصر ببني إسرائيل، فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا، وموسى ومن معه يدركون خطر الجيش الذي يلاحقهم، فتفاجأوا بالبحر أمامهم، متلاطمة أمواجه، حتى قال أصحاب موسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾، فأجابهم موسى – عليه السلام – الواثق بالله والمدرك لعظيم قدرته: ﴿قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾، وهو لا يعلم وقتها كيف سيهديه ربه، لكنه على يقين أن الله معه، ومن كان الله معه فلن يضيعه، فكانت النتيجة: ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾.

فاتقوا الله – عباد الله –، وكونوا مع الله، تجدوا الله معكم بقدرته وحفظه وغناه.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

⇐ وهذه خطبة عن أضرار التدخين وخسائر المدخن – مكتوبة

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد، فيا عباد الله: إن هذه الحياة ذات تقلبات متعددة، وتغيرات متباينة، والمحن التي تمر على الناس وتدور مع الحضارات وسيلة بيان وأداة اختبار، تكشف حقائق النفوس وثوابت الإيمان ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾.

فالله الذي أعطى قادر على أن يأخذ، والله الذي وهب قادر على أن يمنع، ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾، يقول رسول الله ﷺ: «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»، إن هذه العقيدة التي تملأ نفس المؤمن هي أعظم العلاجات لآثار الحوادث المؤلمة التي تصادف الإنسان في حياته.

لذا فهو دائما ذاكر داع ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾، يرى آثار قدرة الله وعظمته تحيط به، فيذكر ربه مسبحا مكبرا، ويرى أثر نعمائه عليه، فينقلب حامدا شاكرا، وعندما تحيط به الضوائق ويغلبه ضعفه، يرفع أكف الضراعة بالدعاء إلى العليم الحكيم، فيكون حاله دائما بين الذكر والشكر والدعاء. وهذا الذي يريده الله منا ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾. فيا عجبا كيف ينسى الدعاء من سدت في وجهه أبواب الحياة، وتقلب حاله على شوك الهموم والكرب وهو يعلم خبر ذي النون يوم أن نادى ربه وهو في ظلمات فوقها ظلمات في بطن الحوت: ﴿أَن لّا إِلَهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾، فجاءته الإجابة: ﴿فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾.

فاتقوا الله – عباد الله –، وآمنوا بقضاء الله وقدره كما أمر، وتعاونوا على تخفيف المحن عن المبتلين، فبالتعاون والألفة والصفاء تذهب المشكلات وتزول المحن؛ فليعن القوي الضعيف، والغني الفقير ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

⇐ وهنا تجِد خطبة حول استقلال الشخصية ونبذ التبعية – مكتوبة

أضف تعليق

error: