خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار.. بالعناصر

خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار.. بالعناصر

عناصر الخطبة

  • من علامات الايمان التوجه الى الله بالاستغفار قال ﷻ على لسان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً)، والاستغفار طلب المغفرة، واستغفار كل قوم يرجع إلى أحوالهم، فإن كانوا أصحاب ذنوب فالتوبة النصوح إلى الله ﷻ، وإن كانوا مخلصين فمما سلف من ذنوبهم مما لا يعلمونها.
  • ينبغي على المسلم أن يجعل الاستغفار من أوراد الصباح والمساء، وأن يظهر أثر الاستغفار على سلوكه، فيكثر من الطاعات ويبتعد عن المعاصي والسيئات، وأن يؤدي ما عليه من حقوق وواجبات، وأن يغيث نفسه وروحه بتقوى الله ﷻ.
  • من آثار الاستغفار على المسلم، نوال المدد من الله ﷻ في المال والرزق، وإغاثة البلاد والعباد بنشر الرحمة وإنزال الغيث الذي يروي الزرع ويُدر الضرع، والاستسقاء هو من هدي النبي ﷺ والأنبياء إذا انحبس المطر.
  • الإكثار من دعاء سيدنا يونس عليه السلام (لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

الخطبة الأولى

إن من علامات الايمان التوجه الى الله بالاستغفار قال ﷻ على لسان سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾ نوح :10، والاستغفار طلب المغفرة، واستغفار كل قوم يرجع إلى أحوالهم، فإن كانوا أصحاب ذنوب فالتوبة النصوح إلى الله ﷻ، وإن كانوا مخلصين فمما سلف من ذنوبهم مما لا يعلمونها.

لقد شرعَ الله ﷻ الاستغفار، وجعله قربة من القربات التي تظهر تذلّل الإنسان وخضوعه، وتعظيمه لمن خلقه جلّ شأنه، وجاءت آيات كثيرة في القرآن الكريم تحثّ الإنسان على استغفار الله ﷻ عما قصّر فيه من أمور الدين أو الدنيا، ليبدأ صفحة جديدة من حياته مع الله ﷻ، يستقبلها بالعزم على طاعة لله ﷻ وإحسان المعاملة مع الناس والهجرة إليه ﷻ ومفارقة الذنب والعجز والكسل، والإقبال على العمل والسعي بالتوكل على الله، وليكن شعاره في هذه الحياة «استعن بالله ولا تعجز» ← صحيح مسلم.

إنّ التوجه إلى الله ﷻ بالاستغفار علامة من علامات الإيمان ورسوخه في قلب المؤمن خاصة إن كان للمسلم وردٌ من الاستغفار لله ﷻ في الصباح والمساء، وذلك لأنّ من طبيعة الإنسان الوقوع في الخطأ والمعصية، غير أن المؤمن لا يتمادى في ذنوبه ومعاصيه بل يسارع بالعودة إلى ربه فيتوجّه إليه سبحانه خاضعاً له، محتسباً للأجر عنده، عالماً بأنه مالك الملك ومدبره، فيطلب منه العون والمغفرة، يقول النبي ﷺ: «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» ← سنن أبي داود.

والله ﷻ هو الرؤوف بعباده، فهو الذي خلقهم، وهو أعلم بطبائعهم، فمن أتاه مستغفراً غفر له وأنعم عليه بتوبته، يقول النبي ﷺ فيما يرويه عن ربه ﷻ: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم» ← صحيح مسلم.

فالاستغفار هو أمان من الله ﷻ للناس، لقول الله ﷻ: ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾ الأنفال: 33.

ولا يُشترط في الاستغفار لله ﷻ أن يكون من ذنب وقع به الإنسان، بل هو تعظيم لله ﷻ على كلّ حال، وأن الإنسان مهما بلغ من درجات الكمال فإنه لا بد أن يتواضع أمام الله ﷻ، بالاستغفار له والمداومة على ذكر فضله ونعمه، لذلك كان رسول الله ﷺ، وهو أكمل البشر، المنزه عن الأخطاء والمعاصي يقول: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» ← صحيح البخاري.

وإنّ أفضل ما يتقرب به المسلم إلى ربه عند الابتلاءات أو انحباس الخير والمطر عن العباد والبلاد أن يلزم المسلم أعتاب الجواد الكريم، ويديم القرع على أبواب رحمته، ويكون ذلك خلال الدعاء والاستغفار فالدعاء والاستغفار والرجوع إلى الله هو لبّ دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لأنّ في ذلك كمال العبودية لله ﷻ، وإنّ أفضل ما يتقرب به المسلم إلى ربه عند الابتلاءات والمصائب أو انحباس الأمطار، هو الدعاء والتعلق بالخالق مع الأخذ بالأسباب المادية والصبر والمجاهدة، والاستغفار من الذنوب والرجوع إلى الله ﷻ، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: «جِدُّوا بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُكْثِرُ قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ» ←، ويكون كذلك بالإقلاع عن الذنوب والمعاصي، فإنه ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة واستغفار، يقول الله ﷻ: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الروم: 41.

يُروى بأن رجلاً شكا إلى الحسن البصري جدوبة الأرض: “فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أنواعاً فأمرتهم كلهم بالاستغفار! فقال : ما قلت من عندي شيئاً! إن الله ﷻ يقول في سورة نوح: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ نوح10-12”.

إن كثرة الاستغفار والتسبيح تريح النفس وتجلب السكينة والطمأنينة وتدخل على النفس الراحة والسعادة وتزيد صلة المسلم بربه، وتطهر المسلم من ذنبه، كما أنّ الاستغفار يفتح جميع الأبواب المغلقة، سواء أكانت أمولاً أو بنيناً، كما وترزقه السعادة في الدنيا والآخرة؛ لذلك بجب على المسلم أن يكثر من الاستغفار لله ﷻ ويداوم عليه ويرطب لسانه به.

وقد علمنا سيدنا محمد ﷺ سيّد الاستغفار، فحريّ بنا أن نتعلمه وأن نواظب عليه: فعن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النَّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ قَالَ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَنْ قَالَهَا مِنْ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ← صحيح البخاري.

⬛️ وهنا: خطبة عن الاستغفار «مكتوبة جاهزة»

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) آل عمران: 102.

إن الانسان المسلم اذا لازم الاستغفار فانه يستمطر رحمة الله ﷻ، ويستنزل بركات السماء، ويرفع غضب الله ﷻ عن العباد، يقول ﷻ: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) آل عمران: 135-136.

كما ينبغي أن يظهر أثر الاستغفار على سلوك المؤمن، فحري بمن داوم لسانه على الاستغفار، أن يطهر أفعاله وجوارحه عن الآثام واجتراح المعاصي والسيئات، وأن يؤدي ما عليه من حقوق وواجبات، وأن يغيث نفسه وروحه بتقوى الله ﷻ، ليتحقق وعد الله ﷻ الذي قال: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأعراف: 96، وقال ﷻ: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا) الجن: 16.

لقد كان طلب السُقيا من الله ﷻ والتضرع والدعاء من هدي النبي ﷺ إذا انحبس المطر، وكان الاستشفاع إلى الله ﷻ بالصالحين من الأمة من هدي الصحاب والتابعين، فإن الأمة تُسقى وتُغاث بصالحيها، وضعافها، وتُحرم الغيث بآثامها ومعاصيها، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يلتجؤون إلى النبي ﷺ إذا أجدبت الأرض وانحبس الغيث، وانقطع المطر فكان ﷺ يدعو الله ﷻ بإغاثة العباد والبلاد، فكان من دعائه: «للَّهمَّ اسقِنا غَيثًا مُغيثًا، مَريئًا مَريعًا، نافعًا غيرَ ضارٍّ، عاجلًا غيرَ آجِلٍ» ← سنن أبي داود.

والحمد لله ربّ العالمين..

أضف تعليق

error: