خطبة عن بيعة الرضوان – مكتوبة

خطبة عن بيعة الرضوان – مكتوبة

عناصر الخطبة

  • الاعتصام بحبل الله المتين، وطاعة النبي ﷺ والالتزام بأحكام الشرع الحنيف من آكد الواجبات التي يجب على المسلم القيام بها.
  • بيعة الرضوان تجلى فيها رضوان الله ﷻ على المؤمنين في حبهم للرسول القائد ﷺ حينما بايعوه تحت الشجرة على السمع والطاعة.
  • السكينة والطمأنينة نعمة عظيمة ومرتبةٌ جليلة ينعم الله ﷻ بها على عباده المؤمنين؛ فتورثهم إيماناً واستقامة وثباتاً.
  • النصر والتمكين وعد الهي محقق مهما ادلهمت الخطوب وكثرت الفتن وهو وعد عظيم لما فيه من تفاؤل بالفتح المبين في كل حين.
  • بيعة الرضوان تُعلمنا ان الاعتصام بحبل الله المتين ووحدة الامة وطاعة الله ورسوله سببٌ عظيمٌ من أسباب السكينة والنصر والتمكين.
  • من الأدعية الواجب المواظبة عليها دعاء سيدنا يونس عليه السلام لما له من أثر عظيم في رفع البلاء ودفعه ﴿لا إلَهَ إلا أنتَ سُبْحَانكَ إنّي كُنْت مِنَ الظَّالمِينَ﴾.

الخطبة الأولى

بدأت أحداث بيعة الرضوان المباركة حين ذهب النبي ﷺ وصحابته الكرام معتمرين إلى مكة المكرمة فأرسل النبي ﷺ عثمان بن عفان رضي الله عنه لمحاورة المشركين وبيان أنهم إنما جاؤوا مسالمين يطلبون أداء العمرة، فاحتجزه المشركون عندهم أسيراً، وقد أشيع في صفوف المؤمنين بأن عثمان رضي الله عنه قد قتل، عندها استدعى النبي ﷺ جميع المسلمين، وطلب منهم البيعة دفاعاً عن حق عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو يقول: “لا نبرح حتى نناجز القوم”.

فالمؤمنون جسد واحد، والاعتداء على أيّ فرد من أفراده هو اعتداء على الأمة كلها، والمسلمون مهما بلغ بهم الأمر فإنهم لا يتركون حقاً ولا يسكتون على باطل، كما أخبر النبي ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» ← صحيح مسلم.

ولم يكن يوماً فارق العدد أو العتاد مانعاً للمسلمين من نصرة الحق والدفاع عن كرامة الأرض والإنسان، حيث دلّت أحداث بيعة الرضوان على هذا المبدأ العظيم

أمر الله ﷻ عباده المؤمنين بالاعتصام بحبله المتين، والتزام أحكام الشرع الحنيف، وأوجب عليهم طاعة النبي الكريم ﷺ، قال ﷻ ﴿وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِير﴾ الحج:78، والاعتصام به جلّ في علاه هو التوكل عليه، والاستعانة به، والالتجاء إليه في الأمور كلها.

الاعتصام بالله يورث الطاعة، ويعصم من الضلالة، ويحمي من الهلاك، ويُوصل إلى الله ﷻ، وقد تجلى الاعتصام بالله في أبهى صوره في بيعة الرضوان؛ حيث بايع الصحابة رضوان الله عليهم نبيهم ﷺ على قتال المشركين والتضحية في سبيل الله ﷻ، وحماية الأرض والعرض والإنسان، وأول من بايعه أبو سنان الأسدي فقال: يا رسول الله أبسط يديك حتى أبايعك، فقال: على ماذا، قال: على ما في نفسك، قال: وما في نفسي، قال: الفتح أو الشهادة. فبايعه، وكان الناس يجيئون فيقولون: نبايع على بيعة أبي سنان، وبايعه سلمة بن الأكوع على الموت ثلاث مرات، في أول الناس ووسطهم وآخرهم ثم بايعه الناس فرداً فرداً حتى إذا جاء دور عثمان رضي الله عنه وكان أسيراً ضرب النبي ﷺ يده اليمنى باليسرى وقال: «هَذِهِ يَدِي، وَهَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ» ← مسند الإمام أحمد.

فنبيّ الله ﷺ، يعلم معادن الرجال الذين معه، ويعلم صلاح أتباعه فأناب كفّه الشريفة بالبيعة عن عثمان رضي الله عنه، لأنه يعلم أن عثمان لا يتأخر عن بيعته بروحه أو فدائه بماله ودمه.

عن جابر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «لا يَدْخُلُ النارَ أحدٌ ممَن بايع تحت الشجرة» ← سنن أبي داود والترمذي.

وها نحن نتفيأ في هذه الأيام ظلال بركات هذه البيعة الخالدة التي تحمل في مضامينها العزة والقوة والمنعة، وتجعل قلوب المؤمنين مطمئنة بالسكينة والنصر من الله ﷻ.

ان الحق ابلج وإن الباطل لجلج وإن الصدق في القصد يؤدي الى الفلاح والنجاح والفوز الكبير والفتح المبين قال الله ﷻ : ﴿إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهيدك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصراً عزيزا﴾ الفتح.

لقد افتتح الله ﷻ سورة الفتح مخاطباً نبيه ﷺ بآية الفتح العظيم ﴿انا فتحنا لك فتحاً مبيناً…﴾ وقد دلت الآيات الثلاث على علو مقام النبي ﷺ عند ربه ﷻ وما أعد له من النصر والتمكين وهذا النصر العظيم يكون كذلك للمؤمنين من أصحابه رضي الله عنهم ومن سلك سبيلهم من المسلمين الى يوم الدين.

السكينة نعمة عظيمة ومرتبة جليلة أنعم الله بها على المؤمنين وتفضل بها على المتقين، وهي من تمام فضل الله على العبد ينزلها الله عليه في أوقات الشدائد والمخاوف فتورث القلب ايماناً، واطمئناناً، وتملأ النفس رضاً وتسليما وتضفي على الجوارح استقامةً وثباتاً، وقد أنزل الله سكينته على الصحابة الكرام الذين بايعوا النبي ﷺ تحت الشجرة في بيعة الرضوان، قال ﷻ: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريبا﴾ الفتح : 18.

روى الطبري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، قال: بينما نحن قافلون من الحديبية، نادى منادي النبي ﷺ: أيها الناس، البيعة البيعة ! نزل روح القدس. قال: فسرنا إلى رسول الله، وهو تحت شجرة سمرة، قال: فبايعناه، قال: وذلك قول الله ﷻ: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾ الفتح.

ولما تمت بيعة الرضوان، رجع عثمان رضي الله عنه إلى رسول الله ﷺ، فقال له بعضهم: اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت؟ فقال: بئس ما ظننتم بي، والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله ﷺ مقيم بالحديبية ما طفت بها، حتى يطوف بها رسول الله ﷺ. ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت، فقال المسلمون: رسول الله ﷺ كان أعلمنا بالله، وأحسننا ظنًا.

إن الله ﷻ فتح على رسوله ﷺ بالفتح المبين ووعد أصحاب بيعة الرضوان بالفتح القريب بعد بيعتهم رضي الله عنهم اجمعين وجعلها نوراً مبيناً.

ومرت الأعوام بعد البيعة المباركة وفتح الله ﷻ مكة المكرمة فتحاً مبيناً ليصبح فتح مكة سيد الفتوحات الإسلامية في الدنيا وما بين البيعة تحت الشجرة وطواف النبي ﷺ حول الكعبة وتحطيم الاصنام حولها إلا سنوات قليلة في عمر الزمن ولكنها في عمر الأمة عظيمة، وهي تاريخ ضارب الجذور يجب ان يكون راسخ البنيان في قلوب المسلمين.

وإن النصر و التمكين وعدٌ الهي محقق مهما ادلهمت الخطوب وكثرت الفتن ولذلك يجب التفاؤل بالفتح المبين للمسلمين على مر الدهور وكرّ العصور.

والحق أن بيعة الرضوان تُعلمنا ان الاعتصام بحبل الله المتين ووحدة الامة وطاعة الله ورسوله ﷺ سببٌ عظيمٌ من أسباب السكينة والنصر والتمكين.

⬛️ وهذه: خطبة عن تعظيم المساجد ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ﴾

الخطبة الثانية

أيها المؤمنون: الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران: 102.

روى سَعيدِ بنِ المُسَيبِ، عَنْ سَعْدِ بنِ مَالكٍ رضِيَ الله عنْهُ، قالَ: سَمِعْتُ رسُولَ الله ﷺ يقُوِلُ: «هَلْ أدُلُّكُمْ عَلىِ اسْمِ الله الأعْظمِ الَّذِي إذَا دُعيَ بهِ أجَابَ، وَإذاِ سُئلَ بهِ أعْطى؟ الَّدعْوةُ الَّتي دَعَا بها يونسُ حَيْثُ نادَاهُ في الظُّلمَات الثَّلاث، ﴿لا إلَهَ إلا أنتَ سُبْحَانكَ إنّي كُنْت مِنَ الظَّالمِينَ﴾، فقَالَ رجُلٌ: يا رسُولَ الله هَلْ كَانت ليونسَ خَاصةً أمْ للْمُؤْمِنينَ عَامة؟ فقَالَ رسُولُ الله ﷺ: «ألا تسْمَعُ قوْلَ الله ﷻ ﴿فاستجبنا له وَنَجَّيناه مِنَ الغمّ، وكَذَلكَ ننجِيِ المُؤْمِنينَ﴾.

والحمد لله رب العالمين..

أضف تعليق

error: