خطبة مبهرة بعنوان (إن الله مع الصابرين).. مكتوبة بالكامل & بالعناصر

خطبة مبهرة بعنوان (إن الله مع الصابرين).. مكتوبة بالكامل & بالعناصر

عناصر الخطبة

  • تسليط الضوء على أمر الله بالاستعانة بالصبر والصلاة، وربط هذين العنصرين بتسهيل الأمور وتحقيق الفرج.
  • تعزيز فكرة أن الصبر يساعد المسلم على الحفاظ على توازنه، وكيف يساعد على التفكير في التغلب على التحديات.
  • التأكيد على أهمية الصلاة كفعل منفصل وكذلك كجزء من الصبر، وكيف تُعَد وسيلة لشكر الله وتعظيمه.
  • إبراز أن النجاح وتجاوز الصعاب يتحققان بالصبر، وأن الأمور الصعبة تصبح سهلة بفضل هذه الفضيلة.
  • دعوة للتفاؤل والثقة في وعود الله للصابرين، وتذكير بالمكافأة العظيمة التي وُعِدوا بها في الدنيا والآخرة.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الكريم الوهاب، يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، من استعان به أعانه، ومن دعاه أجابه وهيأ له الأسباب، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، أعظم من صبر، وخير من شكر، وأكرم من اتقى، وأطهر من آب إلى ربه وتاب، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه، أصدق الناس إيمانا، وأفضل من اقتدى واستجاب.

أما بعد، فاتقوا الله – عباد الله -؛ فإن أولياء الله المتقون، والمفلحين عنده هم المؤمنون، ومن بشارات الله لعباده قوله: (الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ * يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ).

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: إن من أجل وصايا الله لعباده قوله لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)، وقد قال الله جل جلاله لمن سبقنا من الأمم: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ)، وما أمرنا الله بذلك إلا لأن التيسير من هذا الباب، وحصول الفرج من هذا الطريق؛ ولذلك كان حريا بالمؤمنين والمؤمنات أن يقفوا عند هذه الآية، ويجعلوها هاديا ودليلا؛ فما وصل من وصل إلا بالصبر، وما كان النصر للمؤمنين إلا بالصبر، وما تجاوز المتجاوزون للأزمات إلا بالصبر، وما من نبي إلا وقد صبر في تبليغه وحي الله، وقد أمر الله نبيه محمدا ﷺ أن يصبر كما صبر الرسل من قبله فقال له: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).

وانظروا – عباد الله – كيف أن ربنا تبارك وتعالى أمرنا أن نستعين بأمرين: أولهما الصبر، وثانيهما الصلاة؛ لأن الصلاة ثناء على الله وتعظيم له اعتقادا وقولا وفعلا، وذلك هو الشكر، وحياة المؤمنين بين هذين الأمرين، بين صبر وشكر، والصلاة نفسها باب من أبواب الصبر، فهي عمل مخصوص في وقت مخصوص، فكان أداؤها محتاجا إلى مواظبة وانتظام، وذلك لا يكون إلا بالصبر؛ ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى في شأنها: (وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ)، وقد جعل النبي ﷺ الصلاة سلوته إذا اشتدت عليه الأمور وعظمت الخطوب، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا حزبه أمر قام إلى الصلاة، فإذا ذلك الأمر العسير يسير، والخطب الجليل سهل بفضل الله، وما أحوجنا إلى الاستعانة بالصبر والصلاة استجابة لأمر الله، وعملا بهدي رسول الله ﷺ والأمة تمر بأزمات في بقاع من هذه الأرض، ومنها تلك الأزمة الكبيرة في الأرض المباركة، من اعتداء وقتل وتهجير وحصار وتجويع وتعطيش وتخريب، ولا شك أن العاقبة خير، وأنه (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)، (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ).

أيها المؤمنون: إن من محاسن الصبر أنه يجعل المسلم محافظا على توازنه، فيستطيع أن يفكر في الخروج مما نزل به، ويتمكن – بعون الله – أن يتعامل مع ما أصابه، فيتوجه أول ما يتوجه إلى الله يسأله أن يفرج عنه، كما أخبر الله عن المؤمنين الصادقين، فقد قال الله جل جلاله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، ومن هؤلاء الصابرون؟ هم الذين لا يسخطون ولا يشتغلون بالشكوى لغير الله، بل يشكون بثهم وحزنهم إلى الله، هم (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)، ولما كان إيمانهم بهذا الرسوخ وصبرهم بهذا الثبات كان الجزاء عظيما، والمقام عند الله كريما، وفيهم يقول ربنا تبارك وتعالى: (أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم إنه هو البر الكريم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله الأسوة الحسنة للمؤمنين، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه الصابرين الشاكرين.

أما بعد، فاتقوا الله – عباد الله -، وابقوا على صبركم (وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ)، فإن عاقبة الصبر خير، وتيسير الله قريب لإخوانكم في أرض الإسراء (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)، ولو لم تكن عاقبة الصبر خيرا ما ذكره الله في كتابه العزيز في سبعين موضعا ونيف، واسمعوا -رحمكم الله- وعود الله للصابرين وما أعده لهم من جوائز دنيوية وأخروية، فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، والصابرون مشمولون بمعية الله (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)، والصابرون موعودون بالفلاح في الدنيا والآخرة في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وقد وعد الله الصابرين المتقين بالمدد والنصر في قوله: (بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).

والصابرون – عباد الله – أجورهم مضاعفة، وإذا كان الناس يؤتون أجرهم مرة واحدة فإن الصابرين يؤتون أجرهم المضاعف الذي يكون بغير حساب مرتين، وفي هذه البشارة لهم يقول ربهم: (أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، وفي الجنة يدخل الملائكة -عليهم السلام- على الصابرين من كل باب يسلمون عليهم لعظيم درجتهم وكبير مرتبتهم ويقولون لهم: (سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).

هذا وصلوا وسلموا على إمام المرسلين؛ محمد الهادي الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).

اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما صليت وسلمت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم، وبارك على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد، كما باركت على نبينا إبراهيم وعلى آل نبينا إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن المؤمنين والمؤمنات، وعن جمعنا هذا برحمتك يا أرحم الراحمين.

المزيد من الخُطَب لنفس الموضوع «الصَّبر»:

وفقنا الله ﷻ وإياكم لكل خير.

أضف تعليق

error: