خطبة عن تربية الأبناء والعمل على إصلاح أحوالهم

تمت الكتابة بواسطة:

خطبة عن تربية الأبناء سمعتها من الشيخ محمد العريفي، فبات لديّ حافز قوي لتوفيرها لكم مكتوبة جاهزة لتنتفعوا بها -أئمة ومأمومين-. وبالطَّبع سأحاول أن أجعل لكم التنسيق على أفضل ما أستطيع وينال رضاكم واستحسانكم.

خطبة التقصير في تربية الأبناء ومن ثَم العمل على تحسين حال الوالدين في طُرق التربية والإصلاح وذلك باتباع الهدي النبوي والوصايا الإسلامية القويمة.

نرى الإخوة الفضلاء من الأئمة والخطباء يبحثون عن خطبة عن حماية الأبناء من الانحراف أو خطبة عن مسؤولية الآباء تجاه الأبناء أو كيف نربي أولادنا أو خطبة عن ثمرات التربية الصالحة.. وهكذا.

ولا عَجَب؛ فالخطيب الكيّس الفَطِن هو الذي يرى المشاكل في المجتمع المسلم ومن ثم يُسَلّط الضوء عليها ويحث الناس على الإصلاح ويسوقهم إلى كل خير.. وهذا هو منهجنا في خطبة اليوم؛ وفي كل خطبة.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله ﷻ من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جَلّ عن الشبيه والمثيل والند والنظير.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الطيبين، وأصحابه الغُرّ الميامين، ما اتصلت عين بنظر، ووعت أذن بخبر، وسلم تسليما كثيرا.

الخطبة الأولى

أما بعد أيها الإخوة الكرام، أقبل رجلٌ إلى عمر بن الخطاب -رضي الله ﷻ عنه-، يشتكي إليه عقوق ولده. وذكر من أخبار ولده السيئة ما جعل عمر -رضي الله ﷻ عنه- يغضب على ذلك الشاب.

ثم أمر عمر بإحضار ذلك الشاب. فلما حَضَرَ وجلس أمامه مع أبيه، فطِن عمر لحركات من ذلك الأب في نظره إلى الشاب، كأنه يريد أن يقهره بهذه الشكوى. فقال عمر للشاب: ما خبرك؟ قال: يا أمير المؤمنين لا تعجل علي، أليس للولد حق على أبيه كما أن للأب حق على ولده؟ قال: بلى. قال: فما حقي على أبي؟ قال: أن يحسن اختيار أمك، وأن يسميك اسما حسنا وأن يحفظك القرآن. فقال الشاب: والله يا أمير المؤمنين ما فعل أبي شيئا من ذلك. أما أمي فهي أمة خرقاء -يعني في عقلها شيء-، أُعَيَّر بها دائِما، اشتراها أبي من السوق بدرهمين، فبات معها ليلة، فحملت. فلما ولدتني كَرِه أني وُلدت منها، فسماني جُعلا -والجعل هو حشرة سوداء مثل الخنفساء تكون في الصحراء، تدفع النتن بأنفها-، ولم يحفظني من القرآن آية.

فالتفت عمر، ورفع الدرة إلى الأب، وقال: اذهب، فقد سبقت ولدك إلى العقوق.

المال والبنون

(الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا).

إذا أحْسَن المرء التعامل معهما، ورعايتهما، وكسبهما من حلال، وقام عليهما بالحلال؛ فإنهما يكونان متعة في الدنيا وذخرا له في الآخرة. أما الذي سيتعامل مع ماله بالحرام، فيكسبه حراما أو ينفقه حراما. أو الذي يهمل أولاده ولا يلتفت إليهم، ولا يهتم بتربيتهم، ربما كانوا عذابا عليه في الدنيا ومؤاخذة عليه أيضًا في الآخرة. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

قصة وعبرة

ذكر الإمام القيم -رحمه الله-  أن رجلا وامرأة تطلقا، وكان بينهما غلام عمره ثمان أو تسع سنوات. فجلس أمام القاضي كل واحدٍ منهما يطلب حضانة الغلام. فلما رأى القاضي أن الغلام قد شَبّ وأنه عاقِل ومُدرك؛ خيَّره، قال: يا غلام من تختار؟ تختار أمك -أي الإقامة مع أمك والبقاء معها- أم تختار أباك؟ فقال الغلام: بل اختار أبي. فلما فرح الأب وجبد الغلام ليخرج، قالت الأم: يا أيها القاضي على رسلك، سل الغلام لم اختار أباه؟

فقال الغلام: لأن أمي إذا كنت عندها ذهبت بي إلى الفقيه -يعني إلى الكتاب إلى المدرسة-، وربما ضربني الفقيه. أما أبي فيدعني ألعب في الطريق كما أريد.

لذلك هو يرغب في البقاء مع أبيه لهذا الانفلات.

أمه تبحث عن مصلحته وتنظر في شأنه وتُعده ليكون متعلما نافعا مدركا. أما أبوه فلا يهمه أن يكون الولد من سقط المتاع. يدعه يلعب في الطريق كما يشاء.

فجبده القاضي من الأب وسلمه لأمه. وقال: أنتِ أقدر على رعايته.

مسؤولية تربية الأبناء

إن تربية الأولاد أمانة في أعناقنا جميعا. ((كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته))، (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا).

ولما ذكر الله ﷻ الأنبياء ذكر أنهم كانوا مشغولين دائما بما يتعلق بصلاح أولادهم.

(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء) هكذا دعا إبراهيم -عليه السلام-.

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا | وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا).

وقال الله لنبينا محمد -صلى الله عليه وعليهم وسلم تسليما كثيرا-، (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى).

كيفية إصلاح الأولاد

إن الطريق إلى صلاح الأولاد يمر بطرقٍ كثيرة:

الدعاء لهم

أول ذلك الدعاء لهم. لا يفتر لسانك عن الدعاء لأولادك. الدعاء أن يحبب إليهم الإيمان، ويزينه في قلوبهم وأن يُبَغِّض إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلهم من الراشدين. أن يوفقهم في تعاملهم في دراستهم، في ذكائهم في مروءتهم في أخلاقهم.

لا ينبغي أن يفتر لسانك عن الدعاء لهم.

ولذلك كان الأنبياء -أيها الناس- يدعون لذرياتهم من قبل أن تحمل زوجاتهم؛ ليس فقط لما تلد المرأة ويكبر الولد ويشب. كلا، وإنما والولد لا يزال نُطفة في صُلبِه يدعو الله بصلاحه.

أليس إبراهيم -عليه السلام-  دعا فقال (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ | فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ).

(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ | فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ).  وكان زكريا قد دعا (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا | يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا). يا رب ارزقني غلاما، لكن أريد هذا الغلام أن يكون رضيا.

ولمّا حملت أُم مريم -جدة عيسى -عليه السلام–،  لما حملت بمريم قالت (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ | فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ | فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا).

هذا من أثر الدعاء، أن تدعو لأولادك قبل أن يولدوا، وأن تدعوا لهم وهم في مهدهم؛ أن يجعلهم الله ﷻ قرة عين لك، (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ). يعني ألا تكون أعيننا مُضطربة مع أولادنا. أين ذهب الولد؟ ماذا قال الولد؟ من أخبركم عن الولد؟ وإنما يكون الولد هادئا، ساكنا، مُطيعا، ذا مروءة وأخلاق. وبالتالي إذا كان الولد كذلك قَرَّت عين أمه وأبيه، وهدأ.

وأنت تلاحظ؛ لو قال لك ولدك -ربما في الجامعة يدرس- قال لك: سأخرج مع أصحابي. وأنت تعلم أن ولدك هذا عاقل، هادئ، مؤدَّب، له عقل يدله إلى الخير، وعنده دين يمنعه من الرذائل. فربما لو تأخر الولد إلى نصف الليل لم تهتم كثيرا وربما نِمت قرير العين، لأنك واثق في تربية الولد وفي صلاحه.

لكن لو لم يكن الولد كذلك، لرأيت أنك كلما تأخَّر قليلا اتصلت، لعله فعل كذا، لعله ذهب إلى كذا، لعله تضارب، لعله تخاصم، لعله سَكِر، لعله سرق، لعله فعل.. إذا لم يكن الولد صالحًا أشغل عقلك، فلم يقر لك عين ولم يهدأ لك بال. وإنما أصبحت كما يفعل بعض الآباء ينتظره في عند الباب -على عتبة الباب- يجلس نصف الليل ينتظر رجوع ولده.

ولذلك كان من دعاء المؤمنين (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).

((ثلاث دعوات مستجابا لا شك فيهن))، كما قال النبي ﷺ وذكر منها ((ودعوة الوالد لولده))، وفي رواية ((على ولده)) كلاهما مستجاب؛ دعاؤك له وربما دعاؤك عليه.

كان الفضيل بن عياض يرفع يديه ويقول: اللهم إني اجتهدت في تأديب ولدي علي، فعجزت؛ اللهم فأدبه لي، اللهم فأدبه لي.

وكما قال النبي ﷺ ((أعجز الناس من عجز عن الدعاء)).

ولا تدع لأولادك فقط، أُدع لأولاد غيرك أيضًا. ما من مؤمن يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وكَّل الله به ملكا. كلما دعوت يقول الملك: آمين ولك بمثل. إذا قلت: يا ربي أصلح أبناء أخي فلان، قال الملك: آمين ولك بمثل. إذا قلت: يا ربي أصلح أبناء عبد الله وجاري صالح واجعل أبناء أحمد قرة عين له وأصلح أبناء أختي، قال الملك: آمين ولك بمثل.. آمين ولك بمثل.

فتكسب دعاء لهم ودعاء الملك لك.

وأيضا دعاءك لأولادك، لا يعني أنك تدعو لأبناء الناس وتترك ولدك. لكن أشرِك أولئك في دعائك لأولادك حتى يقول لك الملك: آمين ولك بمثل.

هنا أيضًا: خطبة عن الدعاء مؤثرة مكتوبة

الكَفّ عن الدعاء عليهم

واحذر من الدعاء على ولدك، احذر الدعاء عليه. قال ﷺ ((لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.)).

أقبل رجل إلى عبد الله ابن المبارك، يشتكي إليه عقوق ولده، فقال له عبد الله ابن المبارك: هل دعوت عليه؟

أنت الآن تريدني أن أحل لك مشكلة مع ولدك العاق، لكن أسألك هل دعوت على ولدك؟ قال نعم دعوت عليه، قال اذهب فقد أفسدته، ما عندي حل، أنت تدعو عليه، وتريدني أن أن اطلب الله له بالصلاح أو أن أعطيك طرقا تصلحه بها، اذهب فقد أفسدته، فلا تدعو على ولدك، مهما غضبت، أدعو له بالصلاح، أدعو له بالهداية، أدعو أن يحبب الله إليه الإيمان.

ووالله -أيها الأفاضل- كم سمعنا قصصا كثيرة جدا عن أبناء أصابهم من المصائب أنواع بسبب دعاء آبائهم أو أمهاتهم، وربما أن بعض المصائب التي تقع على ولدك وتُحزنك بسبب دعائك وأنت لا تعلم.

ألم تغضب يوما وتقول لولدك: الله لا يوفقك، جعلك ما تربح أو غيرها من الأدعية ونحو ذلك..! ثم تجد الولد يأتيك يوم من الأيام راسبا، فتعاتبه. ولا تعلم أن رسوبه في المدرسة بسبب الدعوة التي قبل سنتين.

أو يأتيك يوم من الأيام أرسلته بسيارتك، فيأتيك وقد صدم بالسيارة، فتغضب؛ ولا تعلم أن هذا الحادث بسبب دعوتك.

أو ربما يأتيك ضيوف، فتُحْرَج ببعض الأمور من هذا الشاب أمامهم، أو لا يكون خادمًا حسنا بين يديك لضيوفك. فتقول: هذا الولد البارد، هذا الولد الذي لا يشتغل، لا يعمل، غير موفق.. ربما كان هذا بسبب دعائك عليه.

انتبه واحفظ لسانك؛ احذر من الدعاء على ولدك.

ولا أريد أن أشغلكم بذكر قِصصٍ تتحدث عن آباءٍ أو أمهات زلت ألسنتهم بالدعاء على أولادهم، أو الدعاء على زوجات أولادهم. ولذلك؛ لسانك عن الدعاء على أولادك، الدعاء على مالك، الدعاء على نفسك، كما قال النبي ﷺ ذلك.

كُن القدوة الصالحة لابنك

من ذلك أيضًا من طرق صلاح الأولاد أن يصبح الأب قدوة صالحة لهم. يقول النبي ﷺ ((اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم))، يعني صلوا النوافل في البيت بقدر المستطاع.

يراك أولادك؛ يمرون بك وأنت تصلي، ماذا يفعل أبي؟ قالوا: يصلي الضحى.

رجعت من صلاة الظهر وكبَّرت تصلي؛ صلي سُنَّة الظهر.

كلما استطاع الإنسان أن يصلي النافلة في بيته فهو أفضل. يقول النبي ﷺ ((صلاة النافلة في البيت تفضل عن صلاتها في المسجد كفضل صلاة الفريضة في المسجد على صلاتها في البيت)). بمعنى أن صلاتك للسنة في البيت هي بسبعٍ وعشرين درجة عن صلاتك في المسجد.

ورؤية أولادك لك وأنت تصلي راكِعا ساجدًا؛ وربما دعوتهم وهم صغار دون السابعة؛ قل: تعالوا صلوا معي -حتى لو كانوا غير متطهرين- فوقف عن يمينك ولدك ووقف الآخر عن يسارك، وصليت السنة وهم يركعون ويسجدون معك، هذا بلا شك أنها قدوة حسنة.

ولا تفوتك أيضًا هنا: خطبة عن الطلاق وأسبابه وعلاجه

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا … عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

فكُن قدوة حسنة، لا تكذب، لا تعدهم وتخلف، لا يسمعوا منك ألفاظا نابية؛ أنت تنهاهم أن يسب بعضهم بعضا، ثم إذا غضبت سببتهم.

بعض المزاح الذي تمازحه مع أصحابك الكبار الرجال مثلك، المتزوجين، ربما تسهل بعضهم مع بعض ببعض أنواع المزاح، لكن إذا كنت عند أولادك وبناتك، فاحفظ لسانك، فهؤلاء -المفترض- أن يغلبهم الخجل والحياء عن مثل هذه الأمور؛ احفظ لسانك أمامهم.

ولا يختصم الأبوان أمام الأبناء قدر المستطاع. فلو جِئت غضبان يوم من الأيام من خارج البيت، بلغك أن امرأتك قالت لأمك كذا أو فعلت كذا، ثم جئت غضبان إليها، فدخلت وجدتها بين أطفالها فانتبه أن ترفع صوتك أو تحاول أن تُحْدِث المشكلة أمام الأولاد؛ أمسِك نفسك، فإذا خلوت بزوجك فأنهي معها المشكلة التي حصلت.

أما أن يلتفت عين الصبي ما بين أمه وأبيه، فهو يسبها وتسبه ويلعنها وتلعنه؛ وأنت المخطئ، بل أنت المخطئ؛ أنت المخطئة أنت الذي لا تفعل ولا تنفق، أنتِ التي تفعلين كذا.. فيستقر في مخ وعقل الأولاد، وربما لا ينساه الطفل أبدا.

أمسِك لسانك أمامهم عن زوجتك، عن الخلافات الزوجية التي تقع بينك وبين امرأتك مهما كبرت، حاول أن تحلها بشكل سري بينك وبينها دون أن يظهر هذا أمام الأولاد.

مِلء أوقاتهم بالنافع

أما بعد -أيها الإخوة الكِرام- من ذلك أيضًا في تربية الأولاد ملء أوقاتهم بالنافع. أولادك يأتون المدرسة يجلسون فارغين من الظهر إلى الليل، وربما لم يكن عندهم اختبارات تستدعي كثرة المذاكرة أو واجبات تستدعي كثرة الانشغال.

فاحرص على أن يحضر حلقة التحفيظ في المسجد، فينشأ على القرآن وعلى أدب القرآن، وإذا كبر حمدك وشكرك لأنك حفظته القرآن في صغره.

أو اجعل أولادك يرتبطون أيضا بعض الدورات المفيدة في اللغات أو الحاسب الآلي أو ما شابه ذلك؛ المهم ألا يكون الولد سبهللة هكذا، لا في شيء من أمر دينه ولا في أمر دنياه. حتى لو ضغطت عليه فإنك سترى منه بإذن الله ﷻ بعد ذلك ما يسرك.

والطرق -أيها الإخوة الكرام- في تربية الأولاد كثيرة، لعلنا إن شاء الله نكملها في مقامٍ آخر. أسأل الله أن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين، وأن يجعلنا للمتقين إماما.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله الجليل العظيم لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

ولعلَّك ترغب بالاطلاع على: خطبة عن صلة الرحم «مكتوبة – مشكولة الآيات» جاهزة كُلّيًا

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وإخوانه وخلانه؛ ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين.

الدعاء

  • أسأل الله ﷻ أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
  • اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك ربنا من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم.
  • ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، من كان منهم حيا فمتعه بالصحة على طاعتك، واختم لنا وله بخير. ومن كان منهم ميتا فوسع له في قبره، وضاعف له حسناته وتجاوز عن سيئاته واجمعنا به في جنتك يا عظيم المن يا رب العالمين.
  • اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
  • اللهم مَكِّن للحق وأهله في اليمن، اللهم أنزل عليهم الأمن والإيمان، والسلامة والإسلام.
  • اللهم واحمي جنودنا على الحدود يا رب العالمين، اللهم احمهم يا حي يا قيوم وكن لهم مؤيدا وظهيرا وقائدا ونصيرا.
  • اللهم كن لأهلنا في بلاد الشام، اللهم أجمع على الخير والهدى كلمتهم. اللهم رد عنهم الشر يا حي يا قيوم يا رب العالمين.
  • اللهم كن لأهلنا المستضعفين في كل أرض من أرضك، واجمع كلمة المسلمين على الخير والهدى.
  • اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم خذ بيده للبر والتقوى، اللهم وفقه لهداك، واجعل عمله في رضاك، وسائر ولاة أمور المسلمين يا رب العالمين.
  • اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم  وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وأُوصيكم هنا كذلك بالاطلاع على: خطبة عن شبابنا والمخدرات.. ودور المجتمع ورجال الأمن في مكافحة هذه الآفة والتصدي لها


التعليقات

رد واحد على “خطبة عن تربية الأبناء والعمل على إصلاح أحوالهم”

  1. شبكة الواعظين شبكة الإنترنت عظمة وممتازة جدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: