حدود الاستطاعة في المذاهب الأربعة

حدود الاستطاعة في المذاهب الأربعة

تفاصيل الاستشارة: أريد أن أعرف حدود الاستطاعة في قوله تعالى “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً”. ولكم جزيل الشكر.

الإجـابة

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فتتحقق الاستطاعة بالقدرة على الزاد والراحلة ، وبسلامة البدن كان السفر برًّا أو بحرًا أو جوًّا، وبإمكان الوصول إلي مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، دون أن تلحقه مشقة عظيمة ، وكذلك تدبير نفقة من تلزمه نفقتهم حتى يعود بإذن الله.

يقول فضيلة الشيخ فرحات السعيد المنجي من علماء الأزهر الشريف:

دلّت نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أن فريضة الحج إنما تلزم المستطيع ولا تجب على غيره، وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه الاستطاعة بوجه عام، وإليك بيانها إجمالاً:

قال فقهاء الحنفية: الاستطاعة هي القدرة على الزاد والراحلة بشرط أن يكونا فاضلين عن حاجياته الأصلية كالدين الذي عليه للغير والمسكن والملبس، وما يلزمه لعمله أو حرفته من أدوات، وأن يكونا كذلك زائدين عن نفقته من تلزمه نفقته عليهم مدة غيبته، وإلى أن يعود والمعتد في كل ذلك ما يليق بالشخص عادة وعرفًا، وهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، ثم اشتراط ما تقدم إنما هو بالنسبة لمن كان بعيدًا عن مكة مسيرة ثلاثة أيام فأكثر، أما من كان قريبًا منها فإن الحج واجب عليه (المراد بمسيرته ثلاثة أيام السير على الدواب أو المشي على الأرجل).

ويشترط الحنفية كذلك لوجوب الأداء سلامة البدن فلا يجب أداء الحج على مشلول أو من يعجز عن تحمل مشقة السفر وعنائه، كما لا يجب على أحد من هؤلاء تكليف غيرهم بالحج عنهم، أما الأعمى الذي يقدر على الزاد والراحلة فإن وجد قائدًا للطريق وجب عليه أن يكلف غيره بالحج عنه، وإن لم يجد قائدًا فلا يجب الحج عليه بنفسه أو بإنابة الغير عنه، كما يشترط أمن الطريق بأن يكون الغالب فيه السلامة سواء كان السفر برًّا أو بحرًا أو جوًّا.

وقال فقهاء المالكية: إن الاستطاعة هي إمكان الوصول إلي مكة ومواضع النسك إمكانًا عاديًّا، سواء كان ماشيًا أو راكبًا بشرط ألا تلحقه مشقة عظيمة، وإلا فلا يجب عليه الحج.

ويرى فقهاء الحنابلة أن الاستطاعة في الحج هي القدرة على الزاد والراحلة الصالحة لمثله، وبشرط أن يكونا فاضلين عما يحتاجه من كتب علم ومسكن وخادم ونفقته ونفقة عياله على الدوام.

وقال فقهاء الشافعية: الاستطاعة بالنفس تتحقق بالقدرة على الزاد أو الراحلة وأن تكون نفقات فاضلة عن دين ولو لم يحل أجله، وعن نفقة من تلزمه نفقته حتى يعود، وعن مسكنه المناسب وآلات صناعته ومهنته، وأمن الطريق.انتهى كلام الشيخ

المحرر: المقصود بالزاد ما يحتاجه من مأكول ومشروب في ذهابه إلى الحج ورجوعه إلى أهله أو عنده من المال ما يشترى به ذلك.

وأما الراحلة فتعني واسطة النقل التي يحتاجها في ذهابه ورجوعه، وفي سائر تنقلاته لأداء متطلبات الحج؛ سواء كانت واسطة النقل التي يحتاجها ملكًا له، أو يحصل عليها بأجرة أو مصاريف معينة.

والله أعلم.

⇐ نوصيك أيضًا بالاطلاع على مزيد من الفتاوى:

أضف تعليق

error: