من آداب الحج

من آداب الحج

تفاصيل الاستشارة: ما هي الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها الحاج؟

الإجـابة

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..

الحج رحلة مباركة، لا تتكرر للإنسان غالبًا، وفيها من النفحات والعطايا الربانية ما يجعل الإنسان حريصًا على مراعاة آداب هذه الرحلة والالتزام بها، وكفى بغفران الذنب بعد أداء الحج المبرور من عطية، ففي الحديث: «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» متفق عليه.

فإذا عزم الإنسان على الحج فعليه صلاة ركعتين استخارة، فإذا استقر عزمه على السفر بدأ بالتوبة من المعاصي، وردِّ المظالم إلى أهلها، وقضاء دينه، فإذا أراد الخروج من بيته ودَّع أهله وجيرانه وأحباءه قائلًا: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك، ويكتب وصيته، ويقرأ آية الكرسي، ويدعو بدعاء السفر، ففي الصحيح «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ … » رواه مسلم، ثم يضرع إلى الله تعالى أن يوفِّقه في رحلته هذه، وينبغي أن يُحْسِنَ الصحبة، وأن يكون ماله ومَطْعَمه من حلال.

ويجب على مريد الحج والعمرة تعلُّم مناسكه، حتى يشرع فيهما على بصيرة، ولا يأنف من سؤال أهل العلم، ولا بد أن يكون حريصًا على فعل المعروف، مكثرًا من تلاوة القرآن وأوراد الأذكار، متعاونًا مع إخوانه، غير غليظ ولا فظ.

فإذا وفَّقه الله تعالى لفعل المناسك استحب له زيارة قبر النبي بالمدينة المنورة، وهي وإن لم تكن من المناسك إلا أنها من أعظم القربات، ففي فضل المدينة يقول النبي: «مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم، وعن ابن عمر مرفوعًا: «مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي» رواه البيهقي والطبراني.

ويستحب الاغتسال لدخول المدينة، والتطيُّب، فإن من أسمائها (طيبة) طيَّبها الله، وليكن الشخص متواضعًا خاشعًا، مستشعرًا أنه في أفضل بقاع الأرض، مَنْ حَوَتْ أفضل خلق الله ، فإذا دخل المسجد النبوي صلَّى ركعتي تحية المسجد، والأفضل صلاتها في الروضة الشريفة بين قبره ومنبره، فإذا فرغ من صلاته توجه إلى المواجهة الشريفة مستشعرًا عظم الموقف، وسلَّم على النبي ودعا بما شاء، ثم ينتقل خطوة نحو اليمين ويسلِّم على أبي بكر رضي الله عنه، وينتقل أخرى ليسلِّم على عمر رضي الله عنه.

ويستحب زيارة البقيع فيسلِّم على أهله، ويدعو لهم، ثم يأتي المشاهد والمزارات الأخرى.

فإذا أراد الرجوع إلى أهله فليدع الله عزَّ وجلَّ أن لا تكون آخر زيارة لهذه الأماكن المباركة، وإذا أشرف على بلده دعا بدعاء الرجوع من السفر، ففي الحديث «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» متفق عليه.

ويستحب الدخول إلى مسجد بلده يصلي فيه ركعتين؛ فإن النبي كان إذا أقبل من سفر فعل ذلك، كما يستحب ملاقاة الحجاج وتهنئتهم بما تفضل الله عليهم به من العبادة، ففي حديث ابن عمر قال: قال رسول الله: «إِذَا لَقِيتَ الْحَاجَّ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَصَافِحْهُ وَمُرْهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ فَإِنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ» رواه أحمد.

والله أعلم.

من كتاب “الرفيق في الرحلة إلى البيت العتيق” إصدار قسم الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء المصرية، ومنشور على موقع الدار بتاريخ 22–11–2009.

⇐ ولعلَّه ينفعك أيضًا الاطلاع على:

أضف تعليق

error: