هل على الممنوع من الحج هدي!؟

هل على الممنوع من الحج هدي!؟

تفاصيل الاستشارة: هل يجب الهدي على من عزم على الحج هذا العام ثم تم منعه من السفر إلى الحج بسبب انفلونزا. الخنازير؟

الإجـابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فيقول الشيخ محمود إسماعيل: يقول الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) البقرة 196.

بداية يمكن القول إن هذه الآية الكريمة أصل واضح في بيان حكم المحصر عن الحج أو العمرة، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء.

وقد ثبت في الحديث أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (… أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عامًا قابلاً) رواه البخاري.

وعليه: فمن أحرم بالحج أو العمرة ثم عرض له أي عارض يمنعه من إتمام النسك فإنه يتحلل من إحرامه وعليه ذبح هدي والمقصود به عند جمهور أهل العلم ذبح شاة.

لكن ثمة مشكلة في معنى الإحصار عند عامة الناس، حيث إن المنع في مخيلتهم يدور حول المنع في كل الأحوال والظروف كان ذلك قبل الإحرام أو بعده، وهذا مفهوم مخالف تماماً لأصل الإحصار الشرعي الصحيح الذي حدده معظم الفقهاء بأنه (المنع من الوقوف بعرفة والطواف جميعًا بعد الإحرام بالحج وفي العمرة عن الطواف).

ومن ثم فلا قيمة لما يراه العامة أو بعض أدعياء العلم من ضرورة ذبح الهدي على كل من منع الحج أو العمرة دون تحديد دقيق لمعنى الإحصار وظروفه، حيث إن كل الفقهاء فيما أعلم متفقون على أن الحاج لا يكون محصراً إلا إذا تلبس بالإحرام أي أنه لا إحصار قبل الإحرام!!. ومن ثم فإن الشخص الذي منع من السفر قبل الإحرام لا يعتبر محصراً، حيث إنه لم يحرم أصلاً ومن ثم فلا شيء عليه.

الاشتراط هو الحل!

أما وقد بينا أن من لم يدخل في الإحرام لا يعتبر محصرا ولا يسري عليه أحكامه في الأصل، فإن ثمة أمر ينبغي أن ينتبه له أي محرم يريد الحج أو العمرة وهو أنه يشرع له أن يشترط عند الإحرام، بمعنى إذا خاف أن يمنعه مانع من إتمام الحج والعمرة، أن يقول عند الإحرام: (إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني)، لما رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لضباعة بنت الزبير لما أرادت الحج وهي مريضة: (حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني).

والفائدة التي يستفيدها المحرم من ذلك: أنه إذا حصل له مانع يمنعه من إتمام النسك كمرض أو حادث، أو مُنع من دخول مكة لأي سبب ما فإنه يتحلل من إحرامه وليس عليه شيء، لا فدية، ولا هدي، ولا حتى حلق الرأس.

برغم الخلاف!

وبرغم اختلاف أهل العلم في موضوع الاشتراط، حيث ذهب بعض العلماء إلى أن الاشتراط: (سنة مطلقا)، أي أن المحرم ينبغي له أن يشترط، سواء كان في حال خوف أو في حال أمن، لما يترتب عليه من الفائدة، والإنسان لا يدري ما يعرض له، ومنهم من قال: إنه (لا يسن إلا عند الخوف فقط)، أما عند الأمن، فلا يشترط، ومنهم من أنكر الاشتراط مطلقا.

إلا أن الصواب الذي أراه (لاجتماع الأدلة)، وهو أنه إذا كان الإنسان خائفا من عائق يمنعه من إتمام نسكه، فإن له أن يشترط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد ضباعة بنت الزبير -رضي الله عنها- إلى أن تشترط حيث كانت مريضة وخائفة من عدم إتمام النسك، وإن لم يك خائفا فلا يشترط عند الإحرام، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم ولم يشترط.

وعلى هذا إذا كان الإنسان خائفا من طارئ يمكن أن يمنعه من إتمام النسك، فليشترط أخذا بإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم لضباعة بنت الزبير، أما إذا لم يك خائفا، فالأفضل ألا يشترط اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أحرم بدون شرط.

متى وأين يذبح الهدي؟

أما وقد أحرم الحاج أو المعتمر وتلبس (بنية) الإحرام فعلا ثم أحصر عن الحج أو العمرة لأي سبب ولم يشترط في الإحرام، فهنا ليس له التحلل قبل أن يذبح هدياً، إلا أن ثمة مشكلة يتعرض لها هذا المحصر وهي مكان ذبح الهدي خاصة أن البعض يتصور ضرورة الذبح في مكة وهو ربما لم يصل إليها أصلا بسبب منعه!

والجواب لا يخرج البتة عن يسر الإسلام وسماحته: وهو أنه يجزئه أدنى الهدي وهو شاة أو سبع بدنة، وله ذبحه في أي مكان من موضع الحصر الذي منع فيه سواء كان في الحلِّ أو الحرم.

العجز عن ذبح الهدي:

فإن لم يسق هدياً أو لم يجد هدياً يشتريه أصلاً أو وجده عند من لا يبيعه أو لم يجد ثمن الهدي أو وجد ثمن الهدي لكن محتاج إليه لمصاريف السفر، فقد ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه لا بدل للهدي، فيتحلل وليس عليه شيء.

وذهب الشافعي في الأصح إلى أنه ينتقل إلى الإطعام، والأصح في الإطعام عنده أن تقوَّم الشاة فيخرج قيمتها طعاماً، فإن عجز عن الإطعام صام عن كل مد يوماً.

وذهب أحمد وهو قول ثانٍ للشافعي إلى أنه ينتقل إلى الصيام، فيصوم عشرة أيام ثم يتحلل.. قياساً على هدي التمتع ..ولعل هذا القول الأخير هو أقرب الأقوال إلى الصواب؛ لأن حال المحصر شبيه بحال المتمتع.

والله أعلم.

⇐ وهذه فتاوى متعلقة بالحج أيضًا:

أضف تعليق

error: