مشكلة الوسواس القهري لدى الأطفال في بيتنا

مشكلة الوسواس القهري لدى الأطفال في بيتنا

«ريم» تسأل: أختي نبراس (6 سنوات) تدرس بالصف الأول الابتدائي ولله الحمد مستواها الأكاديمي مرتفع، وليس هناك إشكال، وعلاقاتها بأقرانها بالمدرسة جيدة أيضًا. المشكلة تتعلق هنا معنا بالمنزل، وبدأت هذه المشكلة منذ شهر تقريبًا، فهي تأخذ كل شيء بالمنزل، وتسأل عن مدة انتهائه.

توقعنا أن هذا الشيء عابر، وسرعان ما ينتهي، لكنه استمر معها وتطورت المشكلة بشكل كبير (تأخذ كل شيء موجود بالثلاجة وترميه بسلة المهملات حتى ولو كان مغلفًا أو اشترته للتو من السوق أو الصيدلية -حتى الماء تسأل عن مدته قبل أن تشربه.. قبل أن تطبخ أمي تسأل عن كل شيء موجود ستضيفه إلى الطعام: الفلفل، الرز، الماء، الخضار كل شيء- كل يوم تسأل عن نفس الأشياء، ولا يكفيها أن تسأل عند شخص واحد، لا بل عند أبي وأمي وأنا. والمشكلة أنها في سن لا تفرق فيها بين السنة والشهر والأسبوع صار الكل يصرخ بوجهها عندما تسأل).

وبهذه الفترة أيضًا ظهرت لنا بشيء آخر فهي تتوهّم أحيانًا أصواتا أو روائح، فتسأل ما هذه الرائحة ليمون؟ عطر؟ أو تأتي لتعتذر سمعت صوتًا بقلبي يقول كلام خاطئ.. أنا اعتذرت وقلت ربي اغفر لي.. هل يعاقبني ربي؟ هل أدخل النار؟ لكني اعتذرت ولست أنا من تتكلم.. أنا سمعت صوتا هو من داخلي.

أحيانًا تغسل يدها بالدقيقة الواحدة أكثر من 3 مرات تتوهم رائحة سمك أو شيئًا آخر، فتغسلها بالماء والصابون، وتأتي لأشم أختي ما هذه الرائحة؟ أجيبها: صابون. تبكي لا أنتم تكذبون هذه رائحة سمك.

بصراحة أنا في حيرة من أمري، فأنا الآن لا أستطيع التعامل معها صرت أصرخ بوجهها كل ما جاءت تسألني وأمي كذلك، مع العلم أنها متعلقة بي إلى درجة كبيرة أفيدوني في أمري، ولكم الشكر الجزيل.

ملاحظة: أمي أنجبت لنا أختا، وعمرها الآن شهران ونصف، لكن “نبراس” لما تظهر غيره بذلك الوقت إلا في هذه الفترة؛ لأن الكل أصبح يعاملها بطريقة قاسية وجافة. أرجو منكم الرد العاجل، وشكرًا.

⇐ د. عمرو أبو خليل «أخصائي الطب النفسي» أجاب السائلة؛ فقال: لولا ما ذكرته عن سماع أختك لأصوات وشمها لروائح مثل رائحة سمك أو عطر وبكائها عند عدم تصديقكم لشمها لهذه الرائحة لولا هذه الأعراض الإضافية، لكان تشخيص أختك هو حالة وسواس قهري، وهو مرض نفسي تسيطر فيه فكرة على رأس المريض وتجعله يقوم بأفعال قهرية، وهو ما يبدو أنه في حالة أختك هي فكرة انتهاء الصلاحية أو فكرة التلوث التي تؤدي إلى إلقائها الأشياء والطعام في سلة المهملات أو تكرار غسيل يدها، وهو مرض يصيب الأطفال أيضًا، وسجلت حالات عديدة لوسواس قهري عند الأطفال، ولكن إضافة شم الروائح لحالة أختك يجعلنا نحتاج لاستبعاد وجود سبب عضوي وراء هذه الحالة.

والمقصود بها وجود سبب في المخ يؤدي أو يفسر هذه المجموعة من الأعراض معًا؛ لذا فأختك تحتاج لعمل أشعة مقطعية على المخ أولاً تحت إشراف اختصاصي أمراض عصبية فإذا استبعد وجود أي احتمال لوجود ورم في المخ أو غيره من الأسباب العضوية التي تؤدي إلى إحساس المريض بأنه يشم روائح كريهة، فيكون تشخيص الوسواس القهري هو الأقرب للاحتمال، وإن كانت الحالة تحتاج للعرض على طبيب الأمراض العصبية والنفسية، وعمل الفحوصات والأشعات اللازمة، ثم تقييم الصورة بأكملها، وتقييم حجم الأعراض مثل شم الروائح وسماع الأصوات، وهل هي أصوات فعلاً أم أن الطفلة غير مستطيعة لوصف ما تشعر به.

الأمر مركب وصعب، ونحن لا نستطيع الجزم بحكم قاطع في الإنترنت عبر المعلومات القليلة التي وصلتنا؛ لأنه لا بد من إجراء الكشف الطبي العصبي على الطفلة أولاً، ثم الكشف والمقابلة النفسية الشاملة مع الفحوصات، ويتم بعدها الحسم بالتشخيص، وهو ما يتم عبر المقابلة المباشرة مع الطبيب والذي نرجو ألا تتأخروا في عرض أختك عليه؛ لأنها حالة مرضية تحتاج إلى التدخل السريع.

أضف تعليق

error: