لماذا لا يجب وضع البلاستيك أو المعادن داخل الميكروويف؟

 لماذا لا يجب وضع البلاستيك أو المعادن داخل الميكروويف؟

الميكروويف من الأجهزة المنزلية التي أصبحت أساسية في كل مطبخ تقريبًا، ومع شيوع استخدامه، لا تزال هناك تحذيرات شائعة تتكرر في كل بيت، مثل: “لا تضع ملعقة معدنية في الميكروويف!” أو “لا تستخدم الأطباق البلاستيكية!”. ورغم أن هذه التحذيرات قد تبدو أحيانًا مبالغًا فيها، فإنها في الحقيقة تستند إلى أسباب علمية حقيقية. في هذا المقال، سنستعرض القصة العلمية وراء هذه النصائح، بدءًا من كيفيّة اكتشاف الميكروويف، وصولاً إلى الأسباب التي تجعل بعض المواد مثل المعادن والبلاستيك غير مناسبة لاستخدامها داخله.

بداية الميكروويف: من شوكولاتة ذائبة إلى ثورة في عالم الطبخ

في عام 1945، وبينما كان المهندس الأمريكي بيرسي سبنسر يعمل على تطوير أجهزة الرادار في شركة “رايثيون”، لاحظ أثناء اختباره لجهاز مغناطيسي إلكتروني أن قطعة الشوكولاتة في جيبه قد ذابت بالكامل. لم يتجاهل سبنسر هذه الملاحظة الغريبة، بل قرر استكشافها بوعي علمي.

فأخذ يضع مواد مختلفة بجانب الجهاز، مثل الذرة النيئة، والتي تحولت سريعًا إلى فشار ناضج، ثم جرب بيضة نيئة، والتي انفجرت عليه بفعل الضغط الناتج عن الموجات. على الرغم من الفوضى، كان سبنسر سعيدًا بالاكتشاف؛ إذ فهم أن الطعام ينضج بفعل أشعة كهرومغناطيسية مركزة.

وبناءً على هذه الملاحظات، صمم صندوقًا معدنيًا بفتحة صغيرة تسمح بمرور الأشعة الكهرومغناطيسية وتحفظ الحرارة داخله. هذا الصندوق كان النواة الأولى لاختراع الميكروويف.

من اختراع عشوائي إلى منتج عالمي

بحلول عام 1947، أنتجت شركة “رايثيون” أول فرن ميكروويف تجاري. كان طوله يقارب 1.8 متر، ووزنه حوالي 340 كغ. ورغم حجمه الكبير، فقد شكّل خطوة فارقة في عالم الأجهزة المنزلية. ومع مرور السنوات، تطورت تقنية الميكروويف، وأصبح حجمه أصغر وسعره أكثر مناسبة.

بحلول عام 1970، تم بيع 40,000 وحدة في الولايات المتحدة، وقفز الرقم إلى مليون وحدة في عام 1975. ثم دخلت اليابان مجال التصنيع، مما ساعد في انتشار الميكروويف عالميًا. واليوم، يقدّر أن أكثر من 90% من الأسر الأمريكية تمتلك واحدًا في منازلها.

وهل تعلَم ⇐ لماذا تتخذ الأجسام في الفضاء شكلاً كروياً؟

كيف يعمل الميكروويف؟ ولماذا يسخّن الطعام؟

يعتمد الميكروويف على جهاز يُدعى “الماجنيترون”، وهو مكوّن إلكتروني يقوم بتحويل الطاقة الكهربائية إلى موجات كهرومغناطيسية قصيرة تُعرف باسم “أشعة الميكروويف”.

تخرج هذه الأشعة من فتحة في الماجنيترون، وتبدأ في الارتداد داخل حجرة الفرن المعدنية. هذا الانعكاس المستمر يسمح بتوزيع الأشعة بالتساوي على الطعام. ولأن معظم الأطعمة تحتوي على الماء، والدهون، والسكريات، فإن جزيئات هذه المواد تبدأ بالاهتزاز بفعل هذه الأشعة، مما يؤدي إلى توليد حرارة ناتجة عن الاحتكاك، وبالتالي يتم تسخين الطعام من الداخل.

لماذا لا يجوز وضع المعدن داخل الميكروويف؟

قد تتساءل: “إذا كان داخل الميكروويف مبطنًا بالمعدن، فلماذا لا يمكنني وضع ملعقة معدنية بداخله؟” والسؤال في محله، إلا أن الإجابة تكمن في طبيعة تفاعل الموجات مع الأجسام المعدنية.

فعندما تواجه أشعة الميكروويف قطعة معدنية صغيرة (مثل شوكة أو ملعقة)، فإنها لا تستطيع اختراقها، مما يؤدي إلى ارتداد الموجات مرة أخرى إلى الماجنيترون. هذا الارتداد قد يضر الجهاز، بل ويتلفه تمامًا.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتسبب هذه الموجات في تحريك الإلكترونات الحرة على سطح المعدن. وعندما تتراكم تلك الإلكترونات دون تفريغ منتظم، قد تقفز فجأة على شكل شرر كهربائي، مما قد يؤدي إلى احتراق أو تلف داخل الجهاز، أو حتى نشوب حريق.

أما المعادن التي تبطن الميكروويف من الداخل، فهي موجودة لهدف محدد، وهو عكس الموجات داخل الحجرة لضمان توزيعها على الطعام، وليست مصممة لتكون مصدرًا لتفاعل مباشر مع الموجات.

لماذا لا يُنصح باستخدام البلاستيك في الميكروويف؟

رغم أن البلاستيك لا يُنتج شررًا مثل المعدن، إلا أنه يمثل خطرًا من نوع آخر. أولًا، معظم أنواع البلاستيك لا تتحمل الحرارة العالية الناتجة عن التسخين في الميكروويف، مما يؤدي إلى ذوبانها أو تشوهها.

لكن الأخطر من ذلك هو الجانب الصحي؛ إذ أظهرت دراسات، من بينها تقارير لمنظمة الصحة العالمية، أن تسخين الطعام داخل أواني بلاستيكية قد يؤدي إلى إطلاق مواد كيميائية ضارة. هذه المواد، والتي تُعرف باسم “مسببات اضطراب الغدد الصماء”، تؤثر على الهرمونات مثل الإستروجين والتستوستيرون، وقد تسبب مشاكل في الخصوبة، إضافة إلى ارتباطها ببعض أنواع السرطان.

لذلك، من الأفضل تجنب استخدام البلاستيك تمامًا داخل الميكروويف، إلا إذا كان مصممًا خصيصًا لهذا الغرض (ويكون غالبًا مكتوب عليه “Microwave Safe”). وحتى في هذه الحالة، يُفضّل استخدام الزجاج أو السيراميك كخيار أكثر أمانًا.

كذلك؛ هل تعلم ⇐ أين تذهب الملفات المحذوفة من الهارد أو الفلاشة؟

خلاصة: ما الذي يجب وضعه داخل الميكروويف، وما الذي يجب تجنبه؟

الميكروويف جهاز مذهل يعمل على تسخين الطعام من خلال تحريك جزيئات الماء والدهون بداخله باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية. لكنه في نفس الوقت يتطلب بعض الحذر أثناء الاستخدام:

  • لا تضع المعادن أبدًا: لأنها قد تسبب تلف الجهاز أو إشعال شرر.
  • تجنب البلاستيك غير المخصص: لأنه قد يذوب أو يُطلق مواد كيميائية ضارة.
  • لا تشغل الميكروويف فارغًا: لأن الطاقة ستنعكس على المعدن الداخلي وتؤدي إلى تلفه.
  • لا تسخّن أطعمة جافة تمامًا: لأن الموجات تحتاج إلى جزيئات ماء لتنتج حرارة.

باختصار، الميكروويف صديق رائع في المطبخ، لكن مثل أي جهاز ذكي، يحتاج لاستخدام أكثر وعيًا حتى نحصل على فوائده دون أضراره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top