علاقة المسلم بغير المسلمين

علاقة , المسلم , غير المسلمين , صورة

يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، فاقتضت إرادته أن يخلقنا شعوبا وقبائل وجماعات، ويركب في الإنسان حاجة غريزية إلى التعاون والاختلاط، ولم يخلقنا لنعيش معزولين في جزر خاصة بعيداً عن الناس ولا منغلقين على أنفسنا ولا مكتفين بما لدينا.

لأن الله عز وجل خلق الإنسان اجتماعي ولأن الأقدار لا تمنحنا فرصة اختيار من يجاورنا أو يقاسمنا الديار والأرض والوطن، فقد يعيش المسلم في مجتمع من النصارى أو اليهود أو غيرهم، وقد يعيش غير المسلمين بين تجمع من المسلمين في حي أو شارع أو مدينة أو ما إلى ذلك، وقد يختلط المسلم بغير المسلمين في العمل أو في الجامعة أو في أي مكان آخر، فقد جعل الإسلام للمسلم دستوراً ومنهجاً يحدد إطار علاقته بغير المسلمين، ويحدد شكل سلوكه وتعامله معهم على ضوء ما يرتضيه ديننا الحنيف وتقره مبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية، وهذا ما سيدور حوله الحديث في مقالنا المتواضع.

تعامل النبي -صلى الله عليه سلم- مع غير المسلمين

إن كل ما يراود المسلم من تساؤلات حول قضية التعامل مع غير المسلمين، ومدى العلاقة بينه وبينهم يمكن أن يجد لها الجواب الشافي الكافي والمرضي إذا ما تناول سيرة النبي -صلى الله عليه سلم- وتعرف على ما كان يفعله معهم.

كان النبي -صلى الله عليه سلم- دائم الدعوة لغير المسلمين يبين لهم فضل الإسلام ويدعهم إليه، وهذا جزء لا يتجزأ من رسالته عليه السلام، فكان يؤمن منهم من يشرح الله صدره للإسلام، ولكن بقي منهم كثير على مللهم لم يبرحونها، وقد كان النبي يعاملهم معاملة تعكس رقيه رسالته ودعوته، فهو لم يظلمهم ولم يتعرض لأي منهم بالأذى بقول أو فعل، بل كان يعود من يمرض منهم، وكان يأمر أصحابه بعدم التعرض لأي منهم من المعاهدين والمسالمين الذين لم يدخلوا في حرب مع النبي-صلى الله عليه وسلم-.

أما جانب المعاملات من حيث البيع والشراء والتجارة فقد ورد عن النبي أنه باع لهم واشترى منهم، وقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي اشترى منه طعاماً، وهذا إشارة لجواز التعامل المادي بين المسلم وغير المسلمين.

ولم يتوقف الأمر على التعاملات المادية فقط بل أوصى النبي بالإحسان إليهم إذا كانوا جيران وحذر من إيذاء أي منهم ظلما أو التعدي عليه بلا وجه حق، ومن أقواله الشهيرة -صلى الله عليه سلم-في ذلك الشأن: (من آذى ذمّيا فقد آذاني).

كيف تعامل غير المسلمين؟

بغض النظر عن قضية الدين، فإننا على مستوى الإنسانية أخوة، لذا يجب أن يراعي المسلم غير المسلمين في تعاملاته ويتق الله فيهم، فقد حرم الله على المسلم أن يتعرض بالإيذاء لغير المسلمين أو يظلمه أو يجور على حقه، أو يسرق ماله أو يغتصبه أو يغشه أو يخادعه أو يكذب عليه أو يمد بصره إلى عرضه أو يخوض فيه، بالضبط كما حرم عليه فعل ذلك مع أخيه المسلم.

وإذا كان غير المسلم جاراً فوجب على المسلم أن يحسن إليه، ويسأل عن صحته فإن مرض عاده، وإن أحتاج مساعدة لم يبخل بها عليه، وإذا احتاج نصحا لا يتأخر عنه، ولا يجوز إيذائه بأي صورة كانت، حيث أن له حق الجوار، ونفس الأمر ينطبق على الزمالة في العمل أو الدراسة.

وأخيرا أخي المسلم يجب أن تحرص على تصدير صورة مشرفة عن الإسلام، وتدعوا إليه بأفعالك وسلوكياتك وحسن تعاملك قبل كلامك، فكم هدى الله من الضالين أناسًا بسبب أشخاص ليسوا دعاة ولا محترفي دعوة، وإنما بحسن سمتهم وحلاوة عشرتهم ورقي طباعهم، فيضربون مثلا رائعا للمسلم الحق، ويشرحون قلب غيرهم للإسلام، بلا كلام، ولا عجب فصوت الأفعال أعلى وأقوى تأثيرا من صوت الأقوال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top