تذوق حلاوة الإيمان

حلاوة الإيمان ، الإسلام ، Islam ، صورة

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، وعلى أنصارهم وأتباعهم ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين ثم أما بعد: فإن الدنيا حلوة خضرة، كثيرة المتاع والشهوات، والقلوب تسعى إلى كل ما فيه راحة ومتعة، وتنشد كل ما يصل بها للسعادة والنشوة، ولكنها قصيرة تلك الحياة ومؤقتة كل لذاتها، ومتغيرة كل متعها وشهواتها فما ترغب فيه اليوم قد تزهد فيه غدا، وما تشتهيه نفسك الآن قد لا تحبه بعد أيام أو سنوات، وكل متعة مصيرها إلا الانقضاء والزوال إلا متعة القرب من الله ولذة الأنس به، وحلاوة الإيمان والرضى عنه عز وجل، فهي قمة السعادة وذروة النعيم في الدنيا والآخرة، فمن عرفها يعرف هذا من ذاقها تصغر في عينه كل سعادة سواها، لذا فسيكون حديثنا اليوم حول حلاوة الإيمان ومعناها وكيف يتوصل المؤمن إليها وأثر ذلك على نفسه وحياته.

أما حلاوة الإيمان ولذته فهي راحة وسعادة وانشراح في القلب يتذوقه المؤمن بروحه، كما يتذوق المتعة الملموسة المادية، وهذا من مقتضيات الإيمان بالله، فمن بين معاني الإيمان:

  • الشعور بالأمان والسكينة والطمأنينة في رحاب الله.
  • الشعور بالأنس وانتفاء الوحشة في الخلوة بالله.
  • التصديق والإيمان المطلق بالله وصفاته وقضائه وقدره.
  • الثقة المطلقة في حكمته وأنه ما منح إلا لخير وما منع إلا لخير.

كيف يجد العبد المسلم حلاوة الإيمان ويتوصل إليها؟

علمنا من أقوال العلماء وتفاسيرهم أن للإيمان طعم ومذاق كطعم الأشياء المحسوسة يستشعره المؤمن متى صفا قلبه وعلت روحه وأشرقت نفسه بحب الله ورسوله، وهنا سنتعرف معا كيف يمكن للمسلم أن يستمتع بلذة الإيمان ويجد حلاوته؟ وما المعين على ذلك؟ وكيف دلتنا السنة على سبيل الإيمان والوصول إلى لذته؟ من ذلك ما يلي:

  • من أسباب الوصول إلى معنى الإيمان والشعور بحلاوته وهي تسري في الروح وتسعد القلب الرضا بالله وبحكمه وما ارتضاه، والرضى برسول الله –صلى الله عليه وسلم- واتباع سنته والسير على طريقته، والرضى بدين الإسلام والشعور بعظمة نعمة الانتماء إليه والانضمام إلى أمة محمد عليه السلام، فتلك والله نعمة لا تضاهيها نعمة فبها نرجو رحمة الله عز وجل وبها نرجو شفاعة الحبيب في الموقف العصيب، ومما يدل على هذا المعنى ما ورد عن النبي –صلى الله عليه وسلم-: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد –صلى الله عليه وسلم- نبيًّا).
  • كذلك يجد لذة الإيمان ويعرفها من عمر قلبه بحب الله عز وجل ورسوله –عليه الصلاة والسلام-، بحيث ملأ حبهما قلبه ولا منازع لهما فيه، بل يشترط لتذوق حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه من كل ما عداهما، حتى من نفسه وولده وأهله، وعلامة ذلك أن ينتصر لحكم الله وأوامره على رغبات نفسه ونزعاتها وشهواتها متى تعارضا.
  • ومن أسباب الشعور بلذة الإيمان أن يخلص المرء حبه لإخوانه، ويكون دافع المحبة في الله ولله لا لمصلحة يرجوها ولا أمر يخشاه.
  • كذلك من أسباب التمتع بحلاوة الإيمان أن يدرك المرء نعمة الإسلام وأن يكون كارها للكفر رافضا له، ويكره العودة إليه كما يكره الإنسان أن يقذف في النار، ويمكن أن تتسع تلك الدائرة لتشمل معاني التوبة وكراهية العودة للذنب، قد أوضح لنا النبي –صلى الله عليه سلم تلك النقطة والنقاط التي ذكرناها آنفا في حديث شريف رواه أنس بن مالك –رضي الله عنه- حيث يقول: قال رسول الله –صلى(ثلاثٌ من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار).

أثر تذوق المؤمن لحلاوة الإيمان

والله من تذوق حلاوة الإيمان وعرف لذة القرب من الله عز وجل فإن حياته تتغير ونظرته للدنيا بأسرها تتبدل، فيصير هادئا قرير العين، حكيما يعلم حقيقة الدنيا ويقدرها حق قدره، لا تنهش قلبه الحسرات على ما فاته من النعم ولا يلهث وراء الأمنيات، تجده صابرا قوياً عند النوازل، هادئا متزنا وشاكرا عند الفرج! فإن الإيمان بالله جنة لو دخلها المؤمن لا يبرحها ولا يرى غيرها، فيارب ارزقنا حلاة الإيمان بك ولذة الأنس بك يا كريم!

أضف تعليق

error: