ليلة القدر درة الشهر

صورة , مسلم , قراءة القرآن , ليلة القدر

أيام معدودات ويحل عيلنا شهر الخيرات والبركات، شهر مضان المبارك الذي لا ينافسه في البركة أو الفضل شهرٌ سواه، فهو شهر يقظة القلوب والضمائر وهو شهر التدريب على الطاعات والقربات، تتراجع فيه الشهوات والرغبات وتتقدم فيه الروحانيات، تمتلئُ فيه المساجد وتعلو فيه الأصوات المرتلة للقرآن، ويتنافس فيه عباد الرحمن على فعل القربات والإحسان، فيه عبق القرب من الله يغطي أرجاء الدنيا بأسرها، وثمة سعادة تفرد على الحياة اجنحتها وتشمل ملامحها وتفاصيلها.

هو شهر استثنائي مهما تحدثنا عنه لا نستطيع الوفاء بفضله، وعلى سبيل الاستثناء والخصوصية تلك الهدية الربانية السخية التي من بها رب السماء على أهل الأرض،، وهي ليلة من لياليه المباركة بل هي غرة الليالي المباركة جميعًا، إنها ليلة القدر، درة الشهر التي لا يليق بنا أبدًا في حديثنا عن رمضان بركاته وحكاياته أن نغفلها أو نمر دون التوقف عندها وتدبر ما فيها من الكنوز والعطايا، وتذكير المسلمين بأهميتها ووجوب اغتنامها.

فضل ليلة القدر

يقول الله عز وجل في محكم التنزيل: { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ }.

فهي ليلة من أفضل ليالي الدهر، بل أفضلها على الأطلاق حيث خصها الله عز وجل ببعض الخصائص التي لم يخص بها غيرها من الليالي، فخصها بحدث عظيم وثواب عظيم ومزايا لم يؤتها لغيرها.

وقد استمدت ليلة القدر خيرتها وفضلها وخصوصيتها من عدة أمور لعل من أهمها ما يلي:
• اختصها الله عز وجل بنزول دستور الأمة الإسلامية ودليل نجاحها وصلاحها إلى يوم الدين، وهو القرآن الكريم من الأرض إلى السماء.
يضاعف الله ثواب الأعمال فيها أضعافًا لا حدود لها وجعل المكافأة عليها عظيمة كبيرة جدًا لدرجة أن العمل فيها عند الله أفضل من العمل في ألف شهر، والثواب كذلك أعظم وأكبر.
• يتنزل في هذه الليلة أمين الوحي –جبريل عليه السلام- والملائكة الكرام إلى الأرض ليؤمنوا على دعاء الداعين، فتمتلئ الأرض بركة وسلامًا ورحمة من مشارقها إلى مغاربها حتى يطلع الفجر.
• ما من سائلٍ ولا داعٍ إلا ويؤت سؤله في هذه الليلة، وتجاب دعوته، وما من مستغفرٍ ولا تائبٍ إلا ويكرم بقبول توبته، ولا عابدٍ يجد السير في طريقه إلى رحاب ربه إلا ويجد حلوة القرب ويأنس بمعية الله عز وجل.
• ليلة تنسخ فيها الآجال.
• من وفق إلى قيام تلك الليلة إيمانًا واحتسابًا فقد أوتي الخير كله وغفر له ما تقدم من ذنبه، ومن حرم فضلها فقد حرم.
• هي هدية خص بها الله عز وجل أمة الحبيب المصطفى –صلى الله عليه وسلم- ولم يهدها إلى أمة سواها.

علامات ليلة القدر

علامات ليلة القدر كثيرة والأثار الواردة فيها أيضًا كثيرة، ويؤخذ من تلك الأثار أن من علاماتها اعتدال الطقس في ليلتها، وطلوع الشمس حمراء ضعيفة لا شعاع فيها، ومن علاماتها أيضًا ظهور القمر كنصف قصعة.

ومن الجدير بالذكر أن علامات ليلة القدر قد تظهر مجتمعة أو يظهر بعضها دون البعض الأخر ولا أصل في ذلك للعلامات الغريبة التي يدعيها البعض مثل ان الملائكة تسلم على الناس ولا يسمع فيها نباح كلب وغيرها من العلامات المزعومة.

من يوفق إلى ليلة القدر؟

التوفيق إلى ليلة القدر وقيامها لا يرتبط بمعرفة علاماتها، فقد يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي ويدعوا الله وهو لا يعلم أنه ليلة القدر فيصيبه خيره وتحل عليه بركتها فلا يشقى بعدها أبدًا، وقد يتربص بها متربص يظل يتفقد علاماتها يطلبها وتفوته دون أن ينتبه إليها.

وحاصل المسالة أن ليلة القدر هدية يهديها الله عز وجل للمخلصين الصادقين الواقفين ببابه دائمًا، الذين لا يقامرون ولا ينتقون من أيام الله أياما معينة فيقبل، ويؤتى سؤله ثم يدبر، ويعود إلى لغوه ولهوه، فمن أراد أن يجبر خاطره بالتوفيق إلى ليلة القدر ويؤتى من ثمارها الطيبة فليقف بباب ربه ولا يبرح رحابه طول العام، فإن زلت القدم تسللت الغفلة إلى قلبه فليعد كلما استيقظ وأفاق من غفلته، فمن لم يستطع فليغتنم رمضان وبركته ويشحذ همته ولا يسمح للفتور أن يسرق منه إرادته، فمن قام ليالي رمضان كلها أو جلها كان حريا به أن يوفق إلى ليلة القدر وبركتها.

أضف تعليق

error: