ليلة القدر هدية رب السماء لأهل الأرض

تمت الكتابة بواسطة:

صورة , مسلم , القرآن الكريم , ليلة القدر
القرآن الكريم

الحمد لله الذي يتغمدنا برحماته، ويدركنا بلطفه في كل وقت وحين، الحمد الله الذي يجبر تقصيرنا ونقص عبادتنا بنفحات تضاعف فيها الحسنات وتثقل ببركتها الموازين، الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، وفضلنا على كثير من خلقه، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ثم أما بعد:

فإن الله فضل بعض الشهور على بعض، وبعض الأيام على بعض، وبعض الخلق على بعض، وكذلك فضل بعض الليالي على بعض وجعل لبعض الليالي خصوصية لم يجعلها لغيرها، وعلى رأس جميع الليالي التي فضلها الله وحكم بأفضليتها من فوق سبع سموات ليلة القدر التي تفوق في خيرتها ألف شهر، والتي خصها الله بخاصية قد تتغير بفضلها مجرى حياة انسان أو عائلة بأسرها أو أمة بكاملها لو أحسنوا اغتنامها.

ولقد اصطفى الله عز جل أمة محمد –صلى الله عليه وسلم- بليلة القدر، رحمة منه بالأمة فأعمار الأمة قصيرة وأعمالها قليلة لا يدركون بها مراتب الجنة، فمن الله عليهم بليلة تعدل العبادة فيها عبادة الدهر كله.

خصوصية ليلة القدر

قال تعالي في سورة كاملة سميت بالقدر: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)).

تمتد ليلة القدر خصوصيتها من كونها ليلة نزول القرآن الكريم من السماء إلى الأرض، والقرن الكريم هو دستور المسلمين وهو الجامع لخيري الدنيا والآخرة، وهو ختام الكتب السماوية والكتاب الخالد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لذا فإن نزول القرآن حدث جلل وأمر جد خطير، أمر غير ملامح الدنيا وبدل وجه الأرض، فكانت ليلة القدر خير الليالي قاطبة وأكثرها بركة ورحمة.

ومن أخص الخصائص التي تميزت بها ليلة القدر عن باقي الليالي أنها تضم من بين ساعاتها ساعة إجابة، لا يوافقها عبد مؤمن وهو يدعوا إلا استجيب له وأوتي بفضل الله سؤله.

كما يميزها بالإضافة إلى كونها خير ليلة أنها تقع في خير الشهور، شهر رمضان، فجمعت بذلك بين كل وجوه الخير ومعانيه.

فضل ليلة القدر وثواب اغتنامها

تتميز ليلة القدر بفضل عظيم، وثواب لا حد له ومن ذلك:
أن العبادة فيها أفضل من عبادة ألف شهر، والثواب فها مضاعف والأعمال مقبولة.

من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، ووفق إليها، سواء كان يعلم ذلك أم لا فقد أدركه فضلها وفاز بجوائزها، وعلى رأس تلك الجوائز أن يغفر الله له ما تقدم من ذنبه كبيرة كانت أو صغيرة، فكأنما يولد من جديد.

فيها استجابة للدعاء وقضاء للحاجات، ففيها تتنزل الملائكة بالبركات تؤمن على دعوات المؤمنين والصالحين فيستجاب لهم بإذن الله، وتظل الملائكة على ذلك حتى طلوع الفجر.

كيف ينبغي للمسلم أن يغتنم تلك الليلة المباركة؟

إن الحرمان من تلك النفحات والبركات التي تملؤ ليلة القدر، وتميزها هو الحرمان بعينه، والخسران المبين، وقد نبهنا النبي لذلك وأوصى باغتنام تلك الليلة وغيرها من الأيام المباركة، ليفوز المؤمن فيها بتحصيل خيري الدنيا والآخرة وصلاح الحال والمآل من ذلك قوله –صلى الله عليه سلم-: ( إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا)، من حسن التعرض لنفحات تلك الليلة الكريمة ما يلي:
أن يحرص المسلم على تلك الليلة ويتحراها في العشر الأواخر من شهر رمضان.

أن يقوم ليلها ويعمرها بالصلاة والذكر وقراءة القرآن، والدعاء.

الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، فحين سألت السيدة عائشة –رضي الله عنها وأرضاها- عن ما تدع به في ليلة القدر فقالت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها , قال: (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) رواه الترمذي.

وأخيرا علم أخي المسلم وأختي المسلمة أن هذه الهدايا لا ينالها إلا من عمر قلبه بالإخلاص طوال العام، وعمر أوقاته بالطاعة سائر الأيام فإذا ما دنت تلك النفحات زاد جهده وضاعف همته، فيوفق إليها ويفوز بها، فما عند الله لا ينال إلا بطاعته!!


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: