خطبة: الهدي النبوي في استقبال شهر رمضان

خطبة الجمعة, الهدي النبوي , استقبال شهر رمضان, خطب مكتوبة

الهدي النبوي في استقبال شهر رمضان. هذا هو عنوان خطبة الجمعة التي عملنا على تحضيره اليومين الماضيَيْن. بالطَّبع نقصد العنوان «الموضوع» والمحتوى «محتوى الخطبة».

وقبل أن تعطينا رأيك في العنوان فحسْب؛ أدعوك لتقرأ الخطبة كاملة، ثم تكتب لنا رأيك في الأمر كاملا؛ أي العنوان والمحتوى، والتنسيق، والاستشهاد.. الخ

عناصر الخطبة

  • قدوتنا في عباداتنا وسلوكنا هو النبي ﷺ فقد كان يدعو الله أن يبلغه رمضان، ونحن نقول كما قال ﷺ اللهم بلغنا رمضان اقتداء به ﷺ.
  • كان ﷺ يبشر الناس بقدوم شهر رمضان (أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم….).
  • عظم النبي ﷺ رمضان بقوله (شهر عظيم)، وعظمة الشهر لأن القرآن نزل فيه.
  • إدراك شهر رمضان نعمة عظيمة يمتن الله بها على عباده.
  • التوبة قبل شهر رمضان المبارك سبب لانتفاع المؤمن بهذا الموسم.
  • على جميع المسلمين أن يستعدوا لاستقبال هذا الشهر في ضوء هديه ﷺ وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم في الإخبات والدعاء أن يبلغهم ربهم شهر رمضان المبارك.

الخطبة الأولى

تمرّ بنا الأيام، وتمضي بنا الشهور وما أعجلها، وتنقضي معها الأعمار، وها هو الزمان قد استدار من جديد ليطلّ علينا موسمٌ كريم، وشهر عظيم، هو سيّد الشهور، إنه شهر رمضان المبارك، الذي تشتاق إليه القلوب وترنو إليه النفوس، فيه تتنزل رحمات الله ﷻ على العباد، هذا الشهر الذي ينتظره المسلمون بفارغ الصبر، شهر فرض الله ﷻ صيام نهاره تكريماً لأمة الإسلام، وشرع فيه من المندوبات والنوافل والطاعات والقربات، وذلك يدلّ على عظم قدره عنده سبحانه، قال الله ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

وهذا نبينا ﷺ كان يدعو الله ﷻ أن يبلغه شهر رمضان المبارك، فكان يقول ﷺ: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان، وبلغنا رمضان» — معجم الطبراني.

فإذا هلّ هلال الشهر استقبله بالاستبشار والفرح داعياً الله ﷻ: «اللهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْيُمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلامَةِ وَالْإِسْلامِ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ» — رواه أحمد.

وكان يبشّر به المؤمنين ويحثهم على اغتنام هذا الشهر العظيم واستقباله بالفرح والسرور، فالمسلم يفرح بكل طاعة من الطاعات، فكيف بشهر يمتلئ بالفضائل والقربات كشهر رمضان المبارك، فالفرح بقدوم شهر رمضان فرح مشروع ومطلوب، {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

وإظهار الفرح والسرور باستقبال هذا الشهر العظيم دليل على تعظيم شعائر الله ﷻ، وهو دليل على التقوى ومحبة الله سبحانه واتباع أمره والانسياق لطاعته، قال الله ﷻ: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} الحج: 32.

عباد الله: ننتظر اليوم قدوم هذا الشهر المبارك الذي تفصلنا عنه أيام معدودات، والسعيد من مدّ الله ﷻ في عمره، وبلّغه إدراك هذا الشهر العظيم، فاغتنم أوقاته بالطاعات والعبادات، واطمأنت روحه وجوارحه بالبركات والنفحات الإيمانية، وتلاوة القرآن الكريم وسماعه في صلاة التراويح والقيام، والاغتراف من منهل الحسنات والأجور المضاعفة في هذا الشهر المبارك، فعن طَلْحة بن عبيد الله: أن رجلينِ قدما على رسول الله ﷺ، وكان إسلامهما جميعًا، فكان أحدهما أشدَّ اجتهاداً من الآخَر، فغزا المجتهدُ منهما فاستشهد، ثم مكث الآخَر بعده سنة، ثم توفي، قال طلحةُ: فرأيت في المنام بينما أنا عند باب الجنة إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة، فأذِن للذي توفي الآخِرَ منهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إليَّ فقال: ارجِعْ؛ فإنك لم يَأْنِ لك بعدُ، فأصبح طلحةُ يحدِّثُ به الناس، فعجِبوا لذلك، فبلغ ذلك رسولَ الله ﷺ، وحدَّثوه الحديث، فقال: «مِن أيِّ ذلك تعجبون؟»، فقالوا: يا رسول الله، هذا كان أشدَّ الرجلين اجتهادًا، ثم استُشهد، ودخل هذا الآخِر الجنةَ قبله، فقال رسول الله ﷺ: «أليس قد مكَث هذا بعده سَنة؟!»، قالوا: بلى، قال: «وأدرَك رمضانَ، فصام وصلَّى كذا وكذا مِن سجدةٍ في السنة؟»، قالوا: بلى، قال رسول الله ﷺ: «فما بينهما أبعدُ مما بين السماءِ والأرض»، سُنن ابن ماجَه.

والمسلم في هذه الأيام يستشعر نعمة الله ﷻ عليه ورحمته، لأن إدراك هذا الشهر الفضيل نعمة عظيمة، وهبة جليلة تستحق الشكر عليها، قال ﷺ: «قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا، فَقَدْ حُرِمَ» — رواه أحمد.

قال ابن رجب: “هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، وكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت تغلّ فيه الشياطين؟! من أين يشبه هذا الزمان زمان؟!”، وهكذا كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزفّ لأصحابه البشرى بقدوم رمضان.

فعلينا أن نجتهد لكبح جماح هوى النفس، وأن نخلص قلوبنا لله ﷻ، ولا نفرط في لحظة من ليل أو نهار من شهر رمضان المبارك إلا ونكون فيها عابدين طائعين مقبلين على الله ﷻ.

عباد الله: من حسن استقبال شهر رمضان المبارك، إعداد العدة لاستقباله روحياً وجسدياً، وذلك من خلال النية الصادقة والعزم الأكيد على استثمار أيامه وساعاته في الطاعة والعبادة للفوز بالمغفرة الشاملة من الله ﷻ، وقد قال نبينا ﷺ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ» — سنن الترمذي.

فلنعقد النية قبل دخول هذا الشهر الفضيل على تحقيق مراد الله ﷻ، والوصول إلى الغاية القصوى لشهر رمضان بتحقيق تقوى الله ﷻ، قال الله ﷻ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، والتقوى المقصودة في الصيام محلها القلب، ولا يطلع عليها إلا الله ﷻ، فهي سرّ بين العبد وبين ربه ﷻ، كما أنّ الصيام سرّ بين العبد وربه ﷻ، فقد يصوم إنسان ولا يعلم أحد من الناس بأنه يصوم، فناسب قوله ﷻ في الحديث القدسي: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» — رواه البخاري.

فالتقوى والصوم دلالة على صلاح القلوب والإخلاص لله ﷻ في العبادة.

ومن أساس التقوى أن نتوب إلى الله ﷻ، ونرجع إليه في كل الشؤون والأحوال، فنستغفره مما فات، ونحسن العمل فيما هو آت، لأن ذلك من علامات صدق التوجه إلى الله ﷻ واستقبال الشهر الكريم.

ولنجدد في رمضان المبارك العهد مع كتاب الله ﷻ، بتلاوته وتجويده وتدبره والعمل بما فيه من الأوامر والتوجيهات الربانية التي تحقق للإنسان سعادة الدنيا والآخرة.

عباد الله؛ إنّ شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة تأتي في العام مرة، فهو فرصة لنا لتجديد علاقتنا بالله ﷻ، فيزداد المحسن فيه إحساناً، ويعود المقصّر منا إلى ربه ﷻ، ولنخفف من الأوزار والآثام التي تحملناها طول العام، فخير ما نستقبل به شهر رمضان المبارك الصفح عن الزلات وتطهير القلب من الآفات، حتى يكون مستعداً لاستقبال المنح الربانية في هذا الموسم، امتثالاً لقوله ﷻ: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31].

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102].

عباد الله: مما يجب على المسلم في بداية شهر رمضان؛ التفقّه في أحكام الصيام، فمن أوجب الواجبات على المسلم أنْ يتعلم أحكام صومه حتى يكون صومه صحيحاً، فلا يقع في مبطل، وأن يحرص أن لا يأتي مكروهاً يضيع له الأجر، فإنّ العبادات مبناها على العلم لا الجهل، وكل عبادة لا تقوم على العلم فإنها مردودة على صاحبها، إذ الأمر كما قال القائل:

كل من بغير علم يعمل
أعماله مردودة لا تقبل

كما نذكر إخواننا بوجوب المبادرة إلى قضاء الصيام لمن وجب في حقّه، وذلك قبل دخول رمضان؛ إبراءً للذمة واستعداداً لاستقبال الشهر الفضيل.

والحمد لله رب العالمين..

المزيد من الخطب المكتوبة حول استقبال شهر رمضان

المكتبة حاضر معنا، واخترنا منها بعض الخُطَب المنبرية المكتوبة التي تتناول موضوع استقبال شهر رمضان المبارك؛ ومنها:

وفقكم الله..

أضف تعليق

error: