خطبة عن التأني وعدم العجلة.. «الاستعجال» وأثره السيء

خطبة عن التأني وعدم العجلة , الاستعجال وأثره السيء

التأني من الله. نعم؛ هذا خير ما نكتبه في بداية صفحتنا هذه التي نوفر لكم فيها خطبة عن التأني وعدم العجلة. وكذلك نظرةً عن كثْب على الاستعجال وأثره السيء على الفرد والمجتمع.

يُمكنكم متابعة الاطلاع والقراءة لتجدوا الخطبة كاملة أدناه.

مقدمة الخطبة

الحمد لله الكريم الرحمن، مكرم الإنسان، والمنعم عليه بالسمع والبصر والعقل والجنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الفضل والإحسان، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، من وصفه ربه بالرأفة والرحمة بأهل الإيمان، ﷺ، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان.

أما بعد، فاتقوا الله – عباد الله -، ﴿وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: إن للنفس عند الله مقاما ومنزلة ليست لغيرها، وتذكروا وقوف النبي ﷺ عند الكعبة وقوله: «ما أطيبك وأطيب ريحك! ما أعظمك وأعظم حرمتك! والذي نفس محمد بيده، لحرمة المؤمن أعظم حرمة عند الله منك»، هذه هي النفس، وتلك هي منزلتها عند الله؛ ولذلك كان حفظها من أعظم الواجبات وأجل القربات، وتضييعها وإيذاؤها من أشنع المنكرات، وقد كتب الله ﷻ على الأمم من قبلنا وعلينا ﴿أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾.

ولما كانت النفس على هذه الصفة من المرتبة والمقام – عباد الله – لم يترك الله للإنسان أن يفعل فيها ما يشاء ولو كانت نفسه، بل إن ربنا ﷻ بين ما يجب فيها وما يجوز لها، وما يحرم فيها وما لا يحل في حقها، ألم يخاطب الله الإنسان في كل زمان ومكان بقوله: ﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾، ألم يقل لنا الله ﷻ: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾.

فيا من يريد محبة الله: أحسن وكن من المحسنين، وإن من الإحسان عدم الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وبالله عليكم – عباد الله – أليس من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة قيادة السيارات بتلك السرعة الجنونية التي لا يقرها شرع ولا يقبلها عقل! أليس من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة قيادة السيارة في حال سكر أو تعاطي مخدر – والعياذ بالله-!

أليس من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة استعمال الهاتف اتصالا ومراسلة ولعبا في أثناء قيادة السيارة! أوليس من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة تكليف النفس ما لا يطاق! فيقود أحدهم السيارة وهو مرهق أو شبه نائم! وكم من إنسان تحدثه نفسه أنه يستطيع القيادة واستعمال الهاتف، أو يمكنه القيادة بسرعة لأنه لا زحمة في الطريق، أو توسوس له نفسه الأمارة بالسوء أن الطريق فارغ، ثم تجده بعد ذلك مصطدما بسيارة أخرى أو تحت شاحنة، أو تجده خارج الطريق قد انقلبت به سيارته قلبات متعددة، فكان أثرا بعد عين وأصبح في خبر كان!

وما النتيجة – عباد الله -؟ ترك والدين حزينين عليه ليلهما ونهارهما، وزوجة كانت تنتظر رجوعه فجيء به إليها ملفوفا في كفنه، وأولادا صغارا تركهم أيتاما وحرمهم من حق الأبوة، وذهبت هباء طاقة من الطاقات التي كان من الواجب أن تنتفع بها الأمة؛ فإن معظم أولئك الذين يذهبون ضحايا للحوادث هم من الشباب الذين تنتظر منهم الأمة عملا وإنتاجا، وقد يبقى معوقا نتيجة ذلك التهور الممقوت، ملازما فراشه، لا يستطيع أن يمشي إلا بمعونة غيره، ولا أن يأكل أو يشرب إلا بمساعدة غيره، ولا أن يقوم بعمله ويرعى شؤونه إلا أن يعتمد على غيره، وكم يصدق على كثير من هؤلاء قول الله ﷻ: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾.

وكم من إنسان لم يقف ضرره عند نفسه! بل تعدى ضرره إلى غيره؛ فذهب ضحية تهوره من كان معه في السيارة، وكم سمعنا عن أسرة ذهبت كلها، وعن بيت أقفل وقد كان عامرا بالصغار والكبار من أفراد الأسرة، وكم سمعنا عن قائد سيارة بسرعة جنونية، أخذ يتجاوز بها يمينا وشمالا غير مبال بأحد حتى اصطدم وجها لوجه ببريء كان ينتظره أهله؛ فذهب ضحية تهور ذلك المتهور، فإن كانت نفسه عنده رخيصة إلى هذا الحد فهل نفوس الآخرين رخيصة عنده! وإن لم يكن هذا هو الضرر والضرار فماذا يكون إذن! ألا فلتسمعوا هدي النبي ﷺ الذي يقول: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده».

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم، وادعوه يستجب لكم، إنه هو البر الكريم.

وهنا -كذلك- تجِد خطبة جمعة عن التستر التجاري والأضرار التي تتبعه

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه المهتدين الهداة.

أما بعد، فاتقوا الله – عباد الله -، وتعالوا بنا نسمع قول ربنا ﷻ في نبينا محمد ﷺ؛ فإنه يقول: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾، نعم ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.

وقد أعطى النبي ﷺ درسا للإنسانية يصلح لقائد السيارة والطائرة والقطار والسفينة في هذا الزمان، فقد كان النبي ﷺ في سيره يحث الجموع التي معه، ويناديها ويرفع يده اليمنى قائلا: «السكينة السكينة». وإن تعليمات المرور وقواعده تنصب في هاتين الكلمتين الشريفتين من كلام من أوتي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا، وتلك صفة عباد الرحمن؛ فإن عباد الرحمن ﴿يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾، وإن من الخصال التي يحبها الله ورسوله الحلم والأناة؛ فقد قال النبي ﷺ لأحد أصحابه: «إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة»، ومن هدي رسول الله ﷺ قوله: «التأني من الله، والعجلة من الشيطان».

هذا، وصلوا وسلموا على رسول الله الأمين، فقد أمركم ربكم بذلك حين قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد أن قدمنا لكم -يا أكارم- خطبة عن التأني وعدم العجلة.. «الاستعجال» وأثره السيء؛ نود أن نترككم مع مقترحنا الأخير في هذه الصَّفحة؛ وهي خطبة العمل شرف.. مكتوبة ومشكولة الآيات ومنسَّقة. نسأل الله الكبير المتعال ﷻ أن ينفعنا وإياكم بكل خطبة ودرس وموعظة ومحاضرة نقدمها لكم عبر موقعنا almazeyd.com.

أضف تعليق

error: