خطبة جمعة عن التستر التجاري والأضرار التي تتبعه

نعم، أنتم بحاجة إلى مزيد علم ومعرفة وتثقيف من أجل إعداد خطبة جمعة عن التستر التجاري في ضوء ظروف المرحلة التي تمر بها البلاد. فما أحوجنا إلى أمام وخطيب وواعِظ وعالِم يُرشد العوام إلى ما فيه الخير والصلاح للفرد والمجتمع.

ولأننا عتدنا -بإرادة ربنا سبحانه وتعالى- أن نلتقي معكم في ملتقى الخطباء وصوت الدعاة بموقع المزيد؛ ننفرِد بتوفير خطبة جمعة عن التستر التجاري والأضرار التي تتبعه مكتوبة ومنسَّقة، وموثَّقة بآيات من كتاب الله -تعالى- وأحاديث من سنة النبي المختار -‌عليه أفضلُ الصلاة وأطيب السلام- وكذلك فتاوى للعلماء حول الأمر.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفوته من خلقه.

اللهم صل وسلم وزد وبارك على حبيبنا ونبينا وقرة أعيننا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين.

الخطبة الأولى

اعلموا أيها الإخوة إن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار عافانا الله وإياكم. أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون). أحبتي الكرام لقد جمعت شريعتنا الغراء المحاسن كلها؛ صانت الدين، حفظت العقول، طهرت الأموال، صانت الأعراض، أمنت النفوس، وحذرت من كل عمل مُخل بالأمن والاستقرار.

كانت من دعوات الخليل إبراهيم عليه السلام (رب اجعل هذا البلد آمنا).

الأمن من أعظم نعم الله على عباده بعد نعمة الإسلام والإيمان، وروى الترمذي بسند صحيح  أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها)، وهذه والله نعمة عظيمة من نعم الله سبحانه وتعالى.

إذا ضاع الأمن سُفكت الدماء، وانتهكت الأعراض، وتغيرت الأمور، وعمت الفوضى، وأصبح الناس في فقر وفي جهل، وفي خوف.

لم يهنأوا بطعام ولم يرتاحوا إلى نوم، ولا يأنسوا بملذات من هذه الدنيا أبدا.

لذلك من نعم الله عز وجل على هذه البلاد أن رزقها سلامة في المعتقد ووفرة في الرزق، فليس غريباً أن يحرص باحثوا العمل في بلاد المسلمين وفي هذه البلاد المباركة إلى أن يأتوا إلى هذا المكان لكي يأخذوا من رزق الله عز وجل.

وإن وجود العمالة والوافدون إلى هذه البلاد هي نعمة من نعم الله عز وجل إذا أحسن استغلالهم والاستفادة منهم.

فكل طرف لا شك أنه سوف يستفيد، وفي زمن غادر أيها الأخوة أفدنا كثير من أولئك الذين جاءوا إلى بلادنا ولله الحمد والمنة.

كان بعضهم علماء وأخيار وأصحاب فضل ومعلمين علمونا أشياء كثيرة في مدارسنا، وأسأل الله أن يبارك لهم في أعمارهم وفي أوقاتهم وفي أموالهم، وأن يجمعنا وإياهم إلى الخير.

لكن حينما اتسع الخرق على الراقع سارت الأمور متغيرة وبالتالي؛ صار كثير من الناس يتعامل مع ضعفاء النفوس من العمالة بطريقة غير محمودة. بل هي في حقيقتها مضرة بالنسبة للبلاد، ومن ذلك أيها الأخوة التستر التجاري.

التستر التجاري يجعل العامل يضطر إلى أن يعمل ليس في العمل المخصص، لكي ينتفع الكفيل بأي مبلغ من هذه المبالغ وبالتالي يحدث عدم رقابة على هذا الشخص لكن عمله مُشرعاً بطريقة نظامية من حيث الظاهر لكن من حيث الباطن فإنه خلاف ذلك.

الأضرار التي تتبع التستر التجاري

هناك أضرار كثيرة منها؛ أضرار مالية، فنحن نتحدث أيها الأخوة عن أكثر من تسعين مليار ريال سنوياً تُحول من هذه البلاد إلى بلاد أخرى.

لا شك أن الذي يعمل يريد أن ينفع أهله وهذا أمر طبيعي، لكن كل هذه المبالغ التي خرجت من هذا المكان إلى ذلك المكان هل هي بطريقة صحيحة؟

كم من الاكتشافات أيها الأخوة نرى كثيرا في الأمور الأمنية يوماً بعد يوم نسمع ونرى ونقرأ ما حقيقة يُضيق الأمر ويجعل الإنسان في حيرة من أمره بما لهذا التستر الذي حصل.

الأضرار والمفاسد التي تترتب على تشييد العمالة غير النظامية أو عند غير من استخدموا له، أو إيوائهم، أو التستر عليهم لاشك أنها مخالفة.

فهي مخالفة من عدة جهات ومنها؛ مخالفة للنظام، مخالفة لولي الأمر، فيها غشُ للسلوك، وفيها تستر غير محمود.

وبالتالي أيها الأخوة ما الذي يحصل؟

يحصل هنا الكثير من القضايا، وقد ذكرت قبل قليل أن هناك مخالفات كثيرة، ومن هذه المخالفات؛ المخالفات الأمنية ، ونحن نرى أن كثير ممن ينتشر؛ سواء انتشار الخمور أو المخدرات أو الغش التجاري، أو غير ذلك كله للأسف أيها الإخوة حسب التصريحات الأمنية.

91% من هذه الإشكالات إنما تكون من العمالة السائبة والعمالة الغير مقننة، وهذه مشكلة أيها الإخوة. بل الأشد من ذلك حينما يكون في بيتك خادمة أو أن يكون سائقاً أو عاملاً وأنت قد تسترت عليه وهو لا يعمل عملاً نظامياً.

تحصل جرائم كثيرة في داخل البيوت، وأنت لا تستطيع أن تتابعها أمنياً لماذا؟ لأنك أنت كنت السبب في ذلك وأدخلت هذا العامل إلى بيتك أو هذه العاملة إلى بيتك.

لو أنها مرضت لا تستطيع أن تذهب بها إلى المستشفى، ولو أنها احتاجت إلى أمن لا تستطيع أن تُلبي لها حاجتها، ولو أنها أرادت أمر من الأمور لا تستطيع أن تفعل ذلك، لماذا؟ لأنها مخالفة وهو مخالف، وبالتالي؛ تكثر الإشكالات فلا يستطيع الإنسان أن يبلغ، ولذلك يسكت ذلك لأنه سُيدخل نفسه أيضا في عقوبة من خلال جراء النظام الذي يعمله ويتعامل به.

نعرف أن كثير من الناس يتعاطفون مع العمالة الوافدة، ولا شك والله أن المسلمين منهم إخوتنا وأهلاً بهم في بلادنا، ويعلم الله ليس تقدير لهؤلاء فإن كثير من هؤلاء صُلحاء وأخيار نعرفهم ونراهم في مساجدنا وجمعتنا بيننا وبينهم الأخوة الإيمانية.

الله عز وجل يقول (إنما المؤمنون أخوه فاصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) لكن ليس هذه هي الفكرة، ليس معناه أنه أخوك في دين الله أو حتى من أمك وأبيك أن تسكت عن هذا الخطأ وهذا الخلل وهذا الزلل الذي حصل، وهو لا شك أنه مخالفة للنظام ومخالفة أيضاً لولي الأمر يحفظه الله.

إذاً أيها الإخوة لابد أن ندرك أن التستر في البيع والشراء والتستر على العمالة إنما هو مضر بدينناً ومضر بأمننا ومضر باقتصادنا ومضر بحياتنا. فينبغي علينا أن ندرك ذلك الأمر.

شيدت اللجنة الدائمة للإفتاء من هيئة كبار العلماء برئاسة سماحة الشيخ بن باز رحمه الله عليه واسكنه فسيح الجنان عن العمالة الأجنبية السائبة أو الهاربة من كفلائهم.

التستر عليهم والبيع والشراء منهم بحجة أنهم مساكين أو أننا بحاجة لهم هل هذا جائز شرعاً أم لا؟ فأجاب رحمة الله عليه وقال: لا يجوز التستر على العمالة السائبة والمتخلفة والهاربة من كفلائهم ولا البيع والشراء منهم؛ لما في ذلك من مخالفة لأنظمة الدولة، ولما في ذلك من إعانتهم على خيانة الدولة التي قدموا لها، وكثرة العمالة السائبة مما يؤدي إلى كثرة الفساد والفوضى وتشجيعهم على ذلك وحرمان من يستحق العمل والتضييق عليهم.

اللهم ردنا إليك رداً جميلا ووفقنا لما تحب وترضى. أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

اللهم لك الحمد حمدا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفوته من خلقه صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الإخوة الكرام أرجو أن لا تفهم الخطبة خطأ وأرجو وخاصة من الإخوة الكرام الذين وفدوا إلى بلادنا فقد ذكرت في الخطبة الأولى شيء من ذلك لكنني أؤكد والله إن بعض هؤلاء وكثرهم ولله الحمد والمنة لهم محبة في قلوبنا ولهم مكانة في نفوسنا ويشهد الله على محبتهم، وأننا نفرح بهم وبوجودهم فهذا بلدهم الثاني.

وهذا أيها الأخوة لأن الذي يوحد ويجمعنا هو الإسلام.

أبي الإسلام لا أب لي سواه — إذا افتخروا بقيس أو تميم

نحن نأنس ونفرح بحضوركم وبجودكم بيننا، لكن ينبغي أن تكون الأمور دائماً في النصاب لاسيما إذا اختلط الحابل بالنابل في هذه الأوقات.

نعم أيها الإخوة نجد هناك إشكالات كثيرة صارت في كثير من دول الإسلام لماذا؟ لأن الناس تمردوا على النظام، وهذا التمرد أيها الإخوة ليس فيه مصلحة، وهذا الكلام ينبغي أن ينطبق على كل الدول وفي كل العالم.

يجب على الناس أن تنضبط وفق القوانين وأن تحترم القوانين الموجودة في كل دولة من الدول.

لا يأتي أحد إلى دولة إلا أن يكون وفقاً للنظام الموجود في هذه الدول وذلك أنجع لحضوره وأفضل لعمله بما في ذلك من الخير والاطمئنان للناس أجمعين.

تؤكد إحصائيات رسمية أن تورط العمالة السائبة بحوالي 39% من إجمالي الجرائم في المملكة.

تتراوح هذه المخالفة بين جرائم قتل، اغتصاب وتهديد، تشهير، استغلال جنسي، تزوير، ترويج، تصنيع الخمور، غسيل الأموال، إنشاء استراحات مخالفة، لعب القمار، جرائم قتل، وغير ذلك من الأمور.

تؤكد إحصائيات أخرى أيها الإخوة أن واقع السجلات الأمنية والمحاكم يكشف تورط كثير من هذه العمالة في رفع نسبة الجريمة في المجتمع، وأيضا أيها الإخوة انتشار المخدرات.

من أسباب كثرة انتشار المخدرات بين الشباب إنما هم هؤلاء العمال السائبة.

أنا أتكلم عن العمالة السائبة، ولا أتكلم عن العمالة النظامية التي تسير في طريقها الصحيح.

أي المخدرات، والمسكرات، والمؤثرات العقلية، ففي خلال شهر واحد بلغت أكثر من 1628 متهماً منهم 1039 متهم من 41 جنسية مختلفة لتورطه في جرائم تهريب واستقبال ونقل وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية.

وهذا لا شك أيها الإخوة أنه إشكال كبير بالنسبة للناس، لذلك أيها الأحبة الكرام ينبغي علينا أن ندرك أمراً، أننا في هذه البلاد، وأن هناك أمنيون يقظون ولله الحمد والمنة عندهم يقظة وهذا بفضل الله عز وجل، وهنيئاً لهم بهذا العمل الكبير الجبار الذي يقومون به في خدمة الناس، فانظروا ولله الحمد والمنة ما نجده من أمن وأمان.

هذا الكلام الذين نقوله لا نقوله فقط على المنبر أو نتكلم به مجاملة لا، ودائما ما أكرر ذلك فهذا أمر واقع ولله الحمد لله يشهده الجميع. ولذلك لم تتطور البلاد مالم يكون هناك أمن وأن يكون هناك وعي، والوعي ليس فقط من الجهات الأمنية بل حتى من رجال الأعمال، وكذلك العاملون، ومن كل أفراد الشعب.

وفي أي قضية وطنية ينبغي أن تتحد القلوب قبل الأيدي وأن تتراص الصفوف قبل أي شيء في خدمة ديننا ووطننا وبلادنا وقيادتنا ومستقبلنا ذلك هو الفضل.

فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما وافق -عليه الصلاة والسلام- أن يوقع اتفاقية مع اليهود “يهود بني قريظة” لما كانوا في مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- لماذا؟ حفاظاً على الأمن.

لما سكت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عبد الله بن أبي بن سلول الذي فعل فعايله وتكلم على النبي وعلى زوجه وعلى بلادنا. ما السبب في ذلك؟ محافظة على الأمن.

لما صلى الله عليه وسلم يأمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يرجع مسطح لكي يقدم له المال برغم أن مسطح رضي الله عنه تكلم في حادثة الإفك. ما السبب في ذلك؟ حتى تهدأ الأمور.

كلما كانت الأمور في داخل البلاد تسير وفق محددات معينة كلما كان ذلك الأمر أنجع للمحافظة على نفوس الناس وعلى مستقبلهم على أمورهم.

تذكروا الحديث الذي بدأت به في أول هذه الخطبة وهو حديث والله عظيم علقوه في قلوبكم وخاصة الشباب أن يدرك هذا الأمر ومهما حصل من خلل أو من تقصير فإنه ينبغي أيها الإخوة أن نعالج التقصير بالطريقة الصحيحة السليمة في ذلك الأمر.

مُنعت منا العمالة بحجة أو بأخرى هم أدرى ولاة الأمر في ذلك، ينبغي أن نسمع ونُطيع.

من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه يومه، أي يوم واحد فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها.

الدعاء

  • اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين.
  • اللهم لك الحمد ولك الشكر على ما نحن فيه من نعمة الأمن والأمان.
  • اللهم أعِز الإسلام وانصر المسلمين، وأذل الشرك والمشركين.
  • اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
  • اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم احقن دماء المسلمين.
  • اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم فرج همومنا وهموم المؤمنين، اللهم احفظ المسلمين في كل مكان،
  • اللهم احفظ المسلمين في كل مكان، اللهم حقق لهم ما يصبون إليه يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعل السعادة حليفهم في الدنيا والآخرة، اللهم أصلح أحوالهم، اللهم أصلح أحوالهم، اللهم أصلح أحوالهم.
  • اللهم وفق ولي أمرنا لما تحب وترضى، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه يا ذا الجلال والإكرام، اللهم هيئ له البطانة الصالحة الناصحة يا ذا الجلال والإكرام.
  • اللهم ول عليهم خيارهم، اللهم ول عليهم خيارهم، اللهم ول عليهم خيارهم، اللهم واكفهم شرارهم، اللهم واكفهم شرارهم، اللهم واكفهم شرارهم يا ذا الجلال والإكرام.

«تفاصيل» خطبة جمعة عن التستر التجاري

  • عنوانها: خطبة جمعة عن التستر التجاري والأضرار التي تتبعه.
  • ألقاها: الدكتور أحمد بن حمد البوعلي.
  • فحواها: ألقى فضيلة الشيخ خطبة جمعة عن التستر التجاري ونحن قُمنا بتوفيرها للأخوة الخطباء والأئمَّة مكتوبة ومُنسَّقة بالقدر الذي يُسهِّل من إلقائِها.
  • ذات صِلَة: خطبة عن التستر التجاري مكتوبة وجاهزة للخطباء.

أضف تعليق

error: